خبراء: حركات التطرف تخوض معركتها الأخيرة في طرابلس والخرطوم
المعركة مع الإخوان في الساحات العربية المختلفة ما زالت قائمة ولم تنته ولكنها قاربت على نهايتها مع خسارة التنظيم الإرهابي نفوذه.
بعد طي صفحة الإخوان المسلمين في مصر وسقوطهم المدوي، وانحسار نفوذ الجماعة في الجزائر وتونس، ونهاية تنظيم داعش في سوريا والعراق، يخوض "الإرهاب الإخواني" معركته قبل الأخيرة مع السلطة في العالم العربي بالسودان بعد حكم استمر نحو 30 عاما، والأخيرة له في العاصمة الليبية طرابلس.
هكذا أكد خبراء سياسيون في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" بشأن التنظيمات والحركات المتطرفة أو ما بات يعرف بـ"حركات الإسلام السياسي" وما آلت إليه عقب تطورات الأحداث الأخيرة بالسودان والجزائر وليبيا.
وتشهد العاصمة الليبية طرابلس منذ أسابيع عملية عسكرية يقودها المشير خليفة حفتر قائد الجيش ضد مليشيات الإخوان المتمركزة فيها منذ عام 2014، حيث يقاتل الجيش الليبي أكثر من 10 مليشيات إخوانية يبلغ تعدادها آلاف المرتزقة والإرهابيين.
وفي 11 أبريل/نيسان الماضي، أنهى الجيش السوداني حكم البشير الممتد لـ30 عاما، إثر حراك شعبي استمر لأشهر وانتهى باعتصام مفتوح أمام مقر القيادة العامة للجيش ولا يزال مستمراً حتى الآن، بعد طرحهم مطالب جديدة بشأن نقل السلطة إلى حكومة مدنية وتشكيل مجلس سيادة من المدنيين والعسكريين.
وخرج ملايين السودانيين في مظاهرات احتجاجية ضد نظام البشير وهم يرددون شعارات مناوئة للحركة الإسلامية السياسية تطالب باجتثاثهم بشكل نهائي من الساحة السياسية السودانية.
وتمثل الفترة منذ تسلم البشير السلطة في البلاد عام 1989، وتأسيس حزب المؤتمر عام 1991، أطول فترة حكم للإسلاميين في السودان، وربما في المحيط الإقليمي.
فكرة فاسدة
وقال الدكتور هاني رسلان رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن "هزيمة الإخوان في مصر عقب سقوطهم بثورة شعبية في 30 يونيو 2013، وانهيار تنظيم داعش في سوريا والعراق، وما حدث في الجزائر وتونس من انحسار لنفوذ الإخوان، يؤكد أن ما يعرف بـ"تيار الإسلام السياسي" في أفول"، وهو ما أرجعه رسلان إلى أن "الفكرة فاسدة، وثبت ذلك في التطبيق، والممارسات ليست إلا قتلا وإرهابا".
وأكد رسلان في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "دولة الإخوان سقطت بالفعل في السودان كما هو مشاهد الآن، وبقاياهم تحاول أن تكافح فكرة الإقصاء، بعد أن كرههم الشعب السوداني كراهية شديدة؛ لأنهم يتحدثون دائما عن الدين والشريعة ويهتفون (هي لله هي لله، لا للسلطة ولا للجاه) وهم أفسد الناس"، بحسب تعبيره.
وأوضح رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام أن "تجربة السودان التي استمرت لـ3 عقود وجرى خلالها تطبيق استراتيجية التمكين بشكل كامل، وإصدار قانون النظام العام الذي يعاقب بالجلد والسجن على الخروج عن الآداب، وبينها لبس النساء البنطلون مثلا؛ فشلت".
وتابع: "وكان نتيجة هذا الحكم أيضا فصل الجنوب وقتل مئات الآلاف فى دارفور وانتقال الحرب الأهلية إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتمزيق النسيج الوطني، وانتشار الفساد إلى حد أوصل السودان إلى الكارثة الاقتصادية الحالية حيث لا يجد الناس الخبز".
وأشار إلى أن "الفاسدين هم البشير (الرئيس المخلوع) وأعوانه، وقادة الجبهة القومية الإسلامية (التنظيم الرئيسى للإخوان)، وقد لفظهم جميعا المجتمع السوداني".
واتفق النائب السيد فليفل عضو لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب المصري عميد معهد الدراسات الأفريقية الأسبق، مع رسلان، مؤكدا أن معركة تنظيم الإخوان في العالم العربي قبل الأخيرة جرت في الخرطوم، والمعركة الأخيرة ستحسم في طرابلس.
واستدل بتصريح أخير لمبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة بأن "السلاح يصل إلى طرابلس من دول أجنبية" في إشارة إلى تركيا وقطر، وقول سلامة إن الجيش الليبي وطني ويقوم بدور فعال في مواجهة العصابات الإرهابية.
وأكد فليفل -في تصريحات لـ"العين الإخبارية"- أن السودان كان لديه ارتباط وثيق بتركيا على حساب مصالح الأمة العربية، وكان هناك تناقض في الأداء السياسي، فكان يقيم علاقات مع الأتراك على حساب الأمة العربية، وفي الوقت الذي يؤيد فيه أنقرة بسوريا يقوم بزيارة للرئيس السوري بشار الأسد.
مخاطر كبيرة
من جهته، قال الدكتور محمد جمعة الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن جماعة الإخوان تلقت ضربة قوية في السودان، وخسرت نظاما كان يوفر لها الملاذ الآمن والدعم الكبير، مستدركا: "لكن من السابق لأوانه الحديث عن اجتثاث النظام بالكامل، فالأمور لم تحسم بشكل نهائي وتتطلب قدرا أكبر من الحذر".
واستشهد جمعة بوجود تحركات من اتجاهات متطرفة أعلنت تأييدها للمجلس العسكري الانتقالي، تدعو إلى مليونية ضد شعار "حماية الشريعة" في مواجهة اتحاد المهنيين السودانيين، وهو ما يحمل مخاطر كبيرة على البلاد.
وقال جمعة لـ"العين الإخبارية" إن نظام البشير استمر في الحكم منذ 30 عاما؛ لذا فإن تحجيم قواعد ومراكز نفوذه وسيطرته أمر ليس سهلا.
ولفت جمعة إلى أن "المعركة مع الإخوان في الساحات العربية المختلفة ما زالت قائمة ولم تنته، معتبرا أن الإخوان في الجزائر كانوا جزءا من السلطة حتى 2012، وهناك مخاوف من عودة التنظيمات المتطرفة على خلفيات الاضطرابات الحالية".
ونأمل في ليبيا -يستطرد جمعة- حسم الجيش الوطني معركته ضد تحالف الإخوان والقاعدة وحكومة السراج، محذرا في هذا الصدد من استمرار حالة اللاحسم في معركة طرابلس، قائلا: "حالة اللاحسم تحمل بعض المخاطر، حيث توفر أجواء مواتية لإعادة انتعاش التنظيمات المتطرفة في البلاد مرة أخرى".
aXA6IDMuMTM4LjEyNC4yOCA= جزيرة ام اند امز