عبور السفن الأمريكية قناة السويس مجاناً.. خبراء لـ«العين الإخبارية» يكشفون أهداف ترامب

طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسماح للسفن الأمريكية، العسكرية والتجارية، بالعبور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما، داعياً وزير الخارجية ماركو روبيو إلى التحرك الفوري لمعالجة هذا الأمر ما فتح الباب حول تساؤلات عديدة.
من بين التساؤلات؛ هل للولايات المتحدة دور فعلي في إنشاء قناة السويس؟، هل تستهدف أمريكا اتفاقاً أو ميزة تجارية تفضيلية أكبر لسفنها أثناء عبورها لقناة السويس الشريان الملاحي الحيوي للتجارة العالمية؟
كتب ترامب على منصته "تروث سوشيال": "يجب أن تمر السفن الأمريكية بحرية عبر قناتي بنما والسويس، فهاتان القناتان ما كان لهما أن توجدا لولا الولايات المتحدة الأمريكية".
وأكد في منشوره أنه طلب من وزير الخارجية ماركو روبيو الإشراف على هذا الملف شخصياً.
وتعد قناة السويس من أقصر الطرق البحرية التي تربط البحر المتوسط بالمحيط الهندي وغرب المحيط الهادئ.
ماذا تقول القوانين المنظمة لعبور السفن قناة السويس؟
تخضع قناة السويس لقوانين جمهورية مصر العربية، التي تحدد رسوم العبور بناءً على نوع السفينة وحمولتها، ولا تتيح استثناءات خاصة إلا في حالات نادرة مثل سفن الإنقاذ أو سفن المنظمات الدولية الإنسانية.
تحكم قناة السويس قوانين محددة تتعلق بمرور السفن برسوم محددة ووفقاً لاتفاقية القسطنطينية التي تحكم أيضاً المرور في قناة السويس والتي تم توقيعها عام 1888 والتي تشير إلى ضمان الحرية الكاملة للملاحة في قناة السويس لعبور السفن مقابل رسوم محددة، ما يعني أن القوانين المصرية والقوانين الدولية أيضاً تحكم المرور السفن.
تعديل الفقرة (5) من الملاحظات بالمنشور رقم (14/2022) والخاصة بالسفن (الحربية أو التجارية) التي ترفض أو تمتنع عن المعاينة الفعلية على الطبيعة عند العبور لتصبح وفقاً لما يلى:
يطبق الآتي على جميع السفن الحربية أو السفن الحربية المساعدة (المملوكة لوزارات الدفاع أو لأي جهة من الجهات العسكرية بالدول) مباشرة:
- يتم حساب وتحصيل رسوم العبور على أساس "الحمولة الكلية لقناة السويس" مباشرة وبصفة دائمة ونهائية.
- يتم تحصيل الرسوم الإضافية المطبقة والمقررة في حينه وتشمل (أي رسوم إضافية مرتبطة بنوع السفينة وأقصى رسوم إضافية مرتبطة بالشحنات المجهزة السفينة لنقلها وأي رسوم إضافية أخرى).
يطبق الآتي على السفن (التجارية أو المؤجرة لصالح أي جهة عسكرية) والتي ترفض أو تمتنع عن المعاينة الفعلية على الطبيعة:
- يتم حساب وتحصيل رسوم العبور على أساس "الحمولة الكلية لقناة السويس".
- يتم تحصيل الرسوم الإضافية المطبقة والمقررة في حينه وتشمل (أي رسوم إضافية مرتبطة بنوع السفينة وأقصى رسوم إضافية مرتبطة بالشحنات المجهزة السفينة لنقلها وأي رسوم إضافية أخرى).
هذا البند يشمل على تعديل لمنشور سابق: منشور رقم (14/2022)
تاريخ قناة السويس.. وعلاقة أمريكا
ويعود التاريخ الحديث للقناة إلى 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1854، حين منح محمد سعيد باشا، حاكم مصر -آنذاك- امتيازاً للمهندس والسياسي الفرنسي فرديناند ديليسبس لإنشاء شركة تتولى تنفيذ المشروع.
ومع أن العمل على حفر القناة استمر أكثر من 10 سنوات، إلا أن فكرة ربط البحرين تعود إلى عصور أقدم، تحديداً إلى عهد الملك سنوسرت الثالث -أحد أبرز ملوك الدولة المصرية الوسطى.
افتُتحت القناة رسمياً في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1869، وتولت إدارتها منذ ذلك الحين "الشركة العالمية لقناة السويس"، برئاسة مدراء فرنسيين.
وقد تأسست الشركة برأس مال قدره 200 مليون فرنك (حوالي 8 ملايين جنيه مصري)، مقسم على 400000 سهم قيمة كل منها 500 فرنك، خصصت الشركة لكل دولة من الدول عدداً معيناً منها وكان نصيب مصر 92136 سهماً ونصيب بريطانيا والولايات المتحدة والنمسا وروسيا 85506 أسهم غير أن هذه الدول رفضت رفضاً باتاً الاشتراك في الاكتتاب، فاضطرت مصر إزاء رفضها، إلى استدانة 28 مليون فرنك (1120000 جنيه) بفائدة باهظة لشراء نصيبها بناء على إلحاح دليسبس، ورغبة منها في تعضيد المشروع وإنجاحه، وبذلك أصبح مجموع ما تملكه مصر من الأسهم 177642 سهماً قيمتها 89 مليون فرنك تقريباً (3560000 جنيه) أي ما يقرب من نصف رأس مال الشركة؛ وفقاً للبيانات المتاحة على الموقع الإلكتروني لهيئة قناة السويس.
وفي 6 يوليو/تموز 1956، أعلن الرئيس المصري جمال عبدالناصر تأميم القناة ونقل جميع أصول الشركة إلى الدولة المصرية، مع تعهده بتعويض المساهمين. ومنذ ذلك الحين، أصبحت القناة مِلكاً خالصاً لمصر. ومع حلول الأول من يناير/كانون الثاني 1963 كانت قد سددت الدولة المصرية، التعويضات، التي أعلنت عن عزمها على دفعها لمساهميها تعويضاً لهم عما يملكونه من أسهم وحصص تأسيس بقيمتها مقدرة وفقاً لسعر الإقفال، في اليوم السابق للتأميم في بورصة الأوراق المالية بباريس. وبلغت جملة التعويضات 28300000 جنيه قيمة 800000 سهم سددت جميعها بالعملة الصعبة، قبل تاريخ استحقاقها بسنة كاملة.
وعلى مدار العقود الماضية، شهدت القناة العديد من مشروعات التطوير والتوسعة، آخرها كان في عام 2014، ليصل طولها إلى 72 كيلومتراً.
وتلعب القناة دوراً حيوياً في التجارة العالمية، حيث يمر عبرها نحو 10% من حركة التجارة البحرية، وسجلت عائدات قياسية بلغت حوالي 9.4 مليار دولار في عام 2023.
إلا أن الحركة البحرية عبر القناة تعرضت لهزات مؤخراً بسبب هجمات مليشيات الحوثي على السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، وسط الحرب الدائرة في قطاع غزة.
تصريحات ترامب.. مثيرة للجدل
تصريحات ترامب لاقت رفضاً واسعاً؛ إذ وصف خبير القانون الدولي أيمن سلامة قناة السويس بأنها تخضع لنظام قانوني مصري صارم، مع تحديد دقيق لرسوم المرور والإعفاءات. وأكد أن طلب ترامب لا يستند إلى أي قاعدة قانونية أو منطقية.
أما النائب المصري مصطفى بكري، فقد شدد على أن القناة "مصرية خالصة".
قبل أسابيع ، أعلنت لجنة الشحن البحري الفيدرالية الأمريكية مؤخراً فتح تحقيق حول "نقاط الاختناق البحرية العالمية"، بما في ذلك قناة السويس، بدعوى تقييم الظروف التي قد تعيق التجارة الأمريكية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمثل جزءاً من محاولات ترامب للضغط على الدول المالكة للممرات الحيوية لتخفيض رسوم عبور السفن الأمريكية.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي، رشاد عبده، لـ"العين الإخبارية" إن مسألة فرض رسوم من عدمها أمر تنظيمي من اختصاص منظمة التجارة العالمية، ما يعني أنها لا تخضع لأهواء أشخاص.
وقال الدكتور محمد عبدالرحيم، الخبير الاقتصادي، أن تصريحات ترامب بشأن قناة السويس هي بمثابة محاولة للضغط للحصول على مزايا كبيرة خاصة أن رسوم تحركات السفن الحربية مرتفعة في العالم نظراً لأن مرور السفن الحربية من دولة أو مضيق يعد اشتراكًا في الحرب بشكل غير مباشر أو على الأقل الموافقة، مؤكدًا أن ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط تدفع ترامب لإطلاق مثل هذه التصريحات.
وتابع لـ"العين الإخبارية": "من المؤكد أن ترامب نظر إلى التكلفة الباهظة التي تتحملها الولايات المتحدة نتيجة للتحركات في المنطقة".