تلوث البحر يحرم غزة من المتنفس الوحيد لأهلها
بعد أن كان البحر هو المتنفس الوحيد لأهالي غزة، الآن محرومون منه بسبب التلوث.
لطالما كان الشاطئ يمد مليوني من سكان غزة بالغوث والراحة التي يحتاجونها؛ حيث يأتون للسباحة ولعب الكرة والاسترخاء، أو مجازاً التحدث مع البحر.
تقول إتاف عليوة إن الأمر "مثل التحدث مع صديق، يخلصك من التوتر والمشاكل".
لكن هذا الصيف وعلى غير العادة الشواطئ غير مزدحمة، فالمياه تظهر بلونها البني وتمتد لمئات الأمتار في البحر، فضلًا عن الرائحة الكريهة على طول الساحل، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
حوالي 100 ألف متر مكعب من مياه الصرف المعالج جزئياً تدفقت إلى البحر يومياً منذ بداية الصيف، مع تخفيض إسرائيل إمدادات الطاقة عن غزة؛ مما يعني أن محطات معالجة مياه الصرف لا يمكنها العمل.
وصل التلوث إلى مرحلة سيئة للغاية، حتى إن مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط، جيسون جرينبلات، تحدث عن القضية خلال خطابه في نيويورك الأسبوع الماضي، بقوله إن مياه الصرف غير المعالجة "توقع مشقات غير ضرورية على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
بالنسبة لغزة، فإن المياه الملوثة تفاقم من أزمة السكان. وقال رامي الحبيل، وهو صياد يبلغ من العمر 38 عاماً، يبيع علب السردين عند الميناء: "البحر هو الطريقة الوحيدة للتنفس في غزة، حياتنا تحت الحصار".
أضاف: "الصيادون يعانون لتدبير أمور معيشتهم تحت القيود الإسرائيلية المفروضة حول الصيد، التي تمنع القوارب الفلسطينية من الذهاب لأبعد من 6 أميال ملاحية بعيداً عن الشاطئ".
وعلى الرغم من إصرار الصيادين على أنهم يصطادون بعيداً عن منطقة التلوث، لكن لا يزال بعض من أهالي غزة يخشون تناول صيدهم.
غزة تشتهر بمأكولاتها البحرية التي عادة ما تأتي مع صوص حريف، لكن أشرف هيسي، صياد في ميناء غزة عمره 42 عاماً، يقول إن "الصورة النمطية الموجودة الآن هي أن البحر ملوث"، مشيراً إلى أن عدداً أقل من الناس يشترون السمك بسبب التلوث، فيما آخرون لا يمكنهم تحمل تكلفته.
وقد عرقلت عدة مشاكل مشروعات معالجة المياه، من بينها: الحرب، والتمويل، والقيود الإسرائيلية.
وقال إبراهيم العماسي، عامل إنقاذ، عمره 25 عاماً، إن التلوث "كان موجوداً من قبل، لكنه لم يكن واضحاً، أما الآن بصورة يومية".
على الرغم من التلوث، إلا أن إتاف عليوة، 45 عاماً، و5 من أصدقائها قررن المخاطرة بالسباحة داخل البحر؛ لأول مرة لهن خلال هذا الصيف، فقد بدا البحر أنظف عن الأيام الأخرى.
وقالت صديقة عليوة عواطف سكر: "إنها مخاطرة، لكن ماذا يمكننا أن نفعل".