تلوث نهر السين.. بقعة مناخية تشوه سجلات أولمبياد باريس
في الدولة التي انطلق منها اتفاق باريس الذي ينشد إنقاذ الأرض والبشرية من الاحترار والمناخ المتطرف، طفا على سطح نهر السين التلوث كبقعة كاشفة تحرج فرنسا متسببة في إلغاء مسابقات بدورة الألعاب الأولمبية 2024 التي تنظمها.
وقد ألغى منظمو أولمبياد باريس الصيفي تدريباً في السباحة ضمن منافسات الثلاثي كان مقرراً، الأحد، بسبب ارتفاع معدلات التلوث في نهر السين نتيجة هطول أمطار غزيرة على العاصمة الفرنسية مؤخراً.
واتخذ قرار التأجيل في ساعة متأخرة الليلة الماضية بعد أن أظهرت الاختبارات أن نوعية مياه النهر لا تلبي المعايير المطلوبة بعد الأمطار التي هطلت يومي 31 يوليو/تموز وأول أغسطس/آب. وتقرر إقامة التدريب غداً الإثنين.
وقال منظمو الألعاب في بيان "نتوقع تحسن الأوضاع خلال الساعات المقبلة لكن ليس للمستوى الذي يسمح بإجراء التدريب.. ونتيجة لهذه الظروف قررنا إلغاء التدريب الليلة تجنباً للاتصال بالرياضيين في وقت متأخر".
وقالت آن ديشان المتحدثة باسم منظمي الدورة في مؤتمر صحفي، الأحد، "لم تصلنا آخر الأرقام لكننا نأمل أن نتمكن من إقامة المنافسة غدا."
مياه صرف صحي تتدفق بنهر السين
وشهدت منطقة باريس هطول أمطار غزيرة على نحو غير معتاد خلال الأسابيع الأخيرة، ما أدى إلى رفع مستويات التلوث في نهر السين؛ حيث تتدفق مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى النهر.
وفي الرابع من شهر يوليو/تموز الماضي، أفادت بلدية المدينة أن مستويات بكتيريا الإشريكية القولونية (إي كولاي) في منطقة السباحة الأولمبية بوسط باريس قد انخفضت إلى الحدود المقبولة لمدة أربعة أيام.
في إحدى الفترات، كانت مستويات الإشريكية القولونية أكثر بعشرة أضعاف من الحد المقبول بسبب هطول أمطار غزيرة خلال الشهرين السابقين ما أدى إلى مخاوف بشأن استضافة المسابقات الأولمبية.
- «أزمة لحوم» في أولمبياد باريس تعصف بهدف الاستدامة
- أولمبياد باريس تنعش «حلقات النار».. الرياضيون ينضمون لضحايا تغير المناخ
إنفاق 1.4 مليار يورو.. ولا يزال التلوث مرتفعاً
فيما أظهرت نتائج التحليل التي أجريت في 16 يونيو/حزيران الماضي أن نسبة التلوّث في نهر السين في العاصمة الفرنسية كانت مرتفعة للغاية، لدرجة لا تسمح بإقامة سباقات الترياثلون والسباحة في المياه المفتوحة خلال دورة الألعاب الأولمبية.
وقال مارك غيوم محافظ منطقة باريس إن "العينات من نهر السين لا تفي بالمعايير التي سنعتمدها هذا الصيف" خلال دورة الألعاب الأولمبية المقررة من 26 يوليو/تموز إلى 11 أغسطس/آب 2024.
وبحسب النشرة الأسبوعية التي نشرتها بلدية باريس ومحافظة "إيل دو فرانس"، فإن الطقس السيئ في فرنسا يفسّر وجود نسبة أعلى بكثير من معايير البكتيريا للسماح بإجراء مسابقات في النهر.
وشرحت السلطات المحلية أن "جودة المياه لا تزال سيئة بسبب السياق الهيدرولوجي والجوي غير المواتي: المطر، التدفق العالي، أشعة الشمس القليلة ودرجات الحرارة أقل من نسبتها الموسمية".
وأضافت أن "التدفّق المرتفع للنهر، الذي لا يعزّز نوعية المياه الجيدة، هو نتيجة لهذا الطقس الممطر للغاية".
وبحسب الرسوم البيانية المنشورة على الإنترنت، كان مستوى تركيز بكتيريا "إي كولي" أكبر من ألف وحدة وهو الحد الأدنى الذي يستخدمه اتحاد الترياثلون الدولي واتحادات السباحة في المياه المفتوحة للسماح بإجراء الاختبارات.
وصلت النسبة أو حتى تجاوزت الـ5 الاف وحدة في 11 و15 و16 يونيو/حزيران الماضي بحسب مجلس البلدية والمحافظة.
وكانت السلطات الفرنسية قد أنفقت 1.4 مليار يورو (1.5 مليار دولار) في العقد الماضي لمحاولة تنظيف النهر من خلال تحسين نظام الصرف الصحي في باريس، فضلا عن بناء مرافق جديدة لمعالجة المياه وتخزينها، تمثل أبرزها في بناء خزان ضخم تحت الأرض بالقرب من محطة أوسترليتز.