أطفال "الويتشي" في الأرجنتين ضحايا للجوع والنسيان
السكّان الأصليون في الأرجنتين يمثلون نحو 2,38% من أصل 45 مليون مقيم في البلاد التي تضمّ القوى العاملة الـ3 الأكبر في أمريكا اللاتينية
"بالنسبة إلى البيض، نحن لا شيء".. هذا ما يخلص إليه فاليريو كوبوس من مجتمع الويتشي، من السكّان الأصليين الذين يعيشون في شمال الأرجنتين ويعانون سوء التغذية.
ويمثل السكّان الأصليون في الأرجنتين نحو 2,38% من أصل 45 مليون مقيم في البلاد التي تضمّ القوى العاملة الثالثة الأكبر في أمريكا اللاتينية، وهم ينقسمون إلى 31 مجموعة عرقية وفقاً لآخر تعداد سكاني أجري في العام 2010.
وفي شمال شرق البلاد، وتحديداً في منطقة سالتا، التي تعدّ أكثر ولايات الأرجنتين فقراً، يعيش العدد الأكبر من السكّان الأصليين الذي تمّ القضاء على القسم الأكبر منهم خلال القرن الماضي من قبل الغزاة الأوروبيين. ومعظم هؤلاء من مجتمع الويتشي ويعيشون في المناطق الريفية ويعيشون من خلال بيع الفحم وصنع الحرف اليدوية، بحسب وكالة "فرانس برس".
ويترأس فاليريو أكثر من 50 عائلة تسعى للبقاء على قيد الحياة في مدينة إمباركاسيون المبنية على أرض يدّعي السكّان الأصليون أنها أرضهم.
ولا تتحدّث العديد من النساء إلّا بلغة الويتشي، وغالباً ما يرفضن الذهاب إلى المستشفيات بسبب عدم وجود مترجمين فوريين, لكن بعد سلسلة وفيات الأطفال الأخيرة، أعلنت حكومة مقاطعة سالتا عن حالة طوارئ صحّية واجتماعية.
وفي شباط/فبراير الماضي، توفيت فتاة (5 سنوات) بين ذراعي المسؤولة الصحّية في المقاطعة طبيبة الأطفال جوزيفينا ميدرانو في مستشفى على الحدود الأرجنتينية مع بوليفيا وباراغواي.
وتقول ميدرانو إن "هذه الحالة مستمرّة في سالتا منذ سنوات طويلة" معربة عن أسفها من عدم اتخاذ الحكومات الأرجنتينية المتعاقبة أي تدبير حتى الآن لتجنّب هذه المأساة.
في ميشيون شاكينيا على بعد 310 كيلومترات شمال سالتا، يعيش العدد الأكبر من مجتمع الويتشي ويبلغ عددهم 8 آلاف نسمة.
في هذه الجبال ذات المناخ القاسي، يعيش البعض في عزلة تامّة. يتمتع المحظوظون منهم بالتيار الكهربائي، لكن أحداً لا يملك المياه الصالحة للشرب.
يعاني هؤلاء من أعراض شائعة مثل الإسهال والتقيؤ والإصابات الجلدية والطفيليات المعوية، وينتشر داء الشاغاس الناجم عن الطفيليات، ويسبّب الحمى التي تشكّل تهديداً مستمراً.
"جوع وعطش ولا مستقبل"
يمكن لأمّهات الأطفال الذين لا يتجاوزون الـ6 من العمر الحصول على معونة حكومية وهي عبارة عن 2600 بيزو (37 يورو تقريباً) في الشهر، لكن بشرط امتلاك أوراق قانونية، وهذه ليست حال الجميع في هذه المنطقة.
يقول رودولفو فرانكو وهو طبيب من بوينس آيرس يرأس المركز الصحّي الوحيد في ميشيون شاكينيا إن السكّان الأصليين يموتون من "الجوع والعطش وسوء التغذية والجفاف بسبب قلّة العمل وانعدام الأمل في المستقبل".
تفتقد مؤسّسته إلى كلّ شي، السرير مكسور إلى نصفين منذ سنوات، وتقول القابلة القانونية بالبينا غوتيريش "نحتاج إلى الأغطية لأنها استهلكت بالكامل وإلى أدوات تنظيف".
لا يوجد سيارة إسعاف، والسيارة الأقرب موجودة في مركز صحّي آخر على بعد 45 كيلومتراً، ويشكو فرانكو من "نقص التبريد وأجهزة التهوئة".
وفي الخارج، يجمع الويتشي مياه الأمطار من خلال مضخة لا تعمل سوى لبضع ساعات في اليوم.
وتقول مارينا من سكان المنطقة لوكالة فرانس برس إنه يتمّ "استخراج المياه مع الديدان الحمراء الصغيرة، وأحياناً يكون لونها أصفر".
خزّانات المياه مليئة بمبيدات الحشرات، وقد جرّت المياه إلى المزارع القريبة حيث تنمو الطماطم والفلفل.
وفي الشمس، تبدو الديدان والحشرات ظاهرة في دلاء المياه. تسحب إيزابيل روخاس (50 عاماً) المياه من الآبار وتضع قماشاً على فتحة الدلو لتصفية المياه قبل شربها.
في المنطقة، أنشأت السلطات وحدات لمعالجة المياه ومركزاً يتسع لـ12 سريراً لمعالجة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، فيما أعلن الصليب الأحمر عن أنه سيرسل مساعدات، إلّا أن سكان ميشيون شاكينيا لم يحصلوا على شيء بعد.
aXA6IDMuMTQ1LjY2LjEwNCA= جزيرة ام اند امز