الفقر ينهش طلاب تركيا.. عقبة كؤود أمام تعليم الأسر لأبنائها
بات الفقر يشكل عائقا أمام أغلبية الأسر التركية الراغبة في تعليم أولادها، بسبب انخفاض مستوى المعيشة، والدخول مقابل ارتفاع الأسعار.
ولتسليط الضوء على هذه الأوضاع، أجرت صحيفة "أفرنسال" التركية المعارضة، تقريرًا صحفيًا، التقت خلاله مع عدد من الأهالي في ولاية إزمير، غربي البلاد، حيث نشرته الأحد، وتابعته "العين الإخبارية".
أجمع أولياء الأمور الذين تحدثوا للصحيفة على أنهم لا يملكون القوة الاقتصادية اللازمة لشراء الأدوات التعليمية الضرورية حاليا لأبنائهم، كالحاسوب اللوحي، والحاسوب المكتبي، فضلا عن الاشتراك في خدمات الإنترنت.
بل ذهب عدد من أولياء الأمور إلى القول إن أوضاعهم الاقتصادية جعلتهم يحرمون أبناءهم من الذهاب للمدارس، بسبب ارتفاع تكاليف الدراسة، وأنهم طلبوا من المسؤولين تقديم هذه الخدمات مجانيًا لكن دون جدوى.
التركية سونا يلماز، قالت إن لديها طفلان، الأكبر منهما يدرس الصف الأول الابتدائي، مضيفة "وزوجي يعمل لكن ما يحصل عليه يكفي بالكاد الإيجار ومأكلنا ومشربنا، ولا توجد لدينا طاقة لشراء حاسوب لوحي أو مكتبي، يحاول متابعة دروسه على الهاتف لكن باقة الإنترنت لا تكفي لأننا لا نجد أموالا لتجديدها، ناهيكم عن سوء التغطية والشبكة في بعض الأحياء".
بدورها قالت المواطنة سونغول تورغاي، أن لديها 5 أطفال اثنان منهما في الصف السادس الابتدائي، وأنهم لا يمكلون أي حاسوب سواء لوحي أو مكتبي، وظروفهم المعيشية صعبة للغاية، وحتى الآن لم يستطع أبنائهم التواصل مع الدروس عبر الإنترنت، كما طلبت الوزارة.
وأضافت قائلة "زوجي أغلب الوقت لا يجد عملًا، وإيجار منزلنا 750 ليرة، وبعمل نجلي الكبير نحاول البقاء على قيد الحياة، فالظروف صعبة للغاية بالنسبة لعائلة مكونة من 7 أشخاص".
وتابعت تورغاي قائلة "حتى الآن لا نعرف كيف نتواصل مع المسؤولين للحصول على حاسوب لوحي، كما أنه لم يتصل بنا أي مسؤول سواء من المدرسة أو المعلمين".
على نفس الشاكلة اشتكت ألوان آدي غوزال، من ضيق ذات اليد، وعدم قدرتهم على تعليم أبنائها الأربعة الذي يدرس أكبرهم في الصف السابع، وأنه لا تتوفر لديهم الإمكانيات التكنولوجية والمادية لمتابعة دروسهم المدرسية حتى الآن.
وزادت قائلة "لقد تقدمت بطلب للحصول على حاسوب لوحي مجانًا، لكن لا أعلم إن كانوا سيعطوني أم لا"، مضيفة "نحن نعيش ظروفًا اقتصادية صعبة، فزوجي لا يعمل، وأحيانًا لا أستطيع شراء الأكل لطفلي الرضيع الذي يبلغ من العمر 7 أشهر، فكيف سيكون بمقدوري دفع اشتراك الإنترنت".
أما المواطن حقّي آصلان، فقال إن "الفقر هو أبو الشرور، فبسبب يتسرب طلاب كثير من التعليم، الأسر تجبرهم على العمل لتحسين الدخل في ظل إهمال الدولة للفقرا وتهميشهم".
وأوضح كذلك أنه لا يملك المال لشراء الحاسوي اللوحي ليتابع الأطفال دروسهم من عليه، مضيفًا "ففي ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وفي ظل تداعيات فيروس كورونا باتت أوضاعنا المعيشية في غاية السوء".
يأتي ذلك رغم أن حكومة حزب العدالة والتنمية، بزعامة الرئيس، رجب طيب أردوغان، تزعم بشكل متواصل أنها نقلت البلاد نقلة حضارية في كلا شيء، ولا سيما بمجال التكنولوجيا والمعلومات.
والحقيقة هي أن الاهتمام بالتعليم في تركيا ليس بالشكل الذي يروج له النظام، بسبب ضعف البرامج الدراسية، فضلا عن تهميش العديد من الولايات وعدم دعمها بالإمكانيات اللازمة لا سيما الولايات ذات الأغلبية الكردية.
وتعاني تركيا من أزمة اقتصادية طاحنة تتزايد يوما تلو الآخر، وسط فشل نظام أردوغان في إيجاد حلول لها، وقد تعمقت مع التدابير الاحترازية التي أعلنت عنها أنقرة للحيلولة دون تفشي كورونا.
ويرى خبراء اقتصاد أتراك أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من الارتفاع في أسعار المنتجات والسلع المختلفة سواء في القطاع الخاص أو العام؛ وذلك بعد صعود نفقات الإنتاج، ونمو عجز الموازنة.
يأتي ذلك، في وقت شهدت فيه الليرة التركية تراجعا خلال أغسطس/ آب الماضي ،وسط توقعات بارتفاع المؤشر أكثر خلال سبتمبر/ أيلول الفائت، مع هبوط أكبر سجلته الليرة أمام الدولار الأمريكي لمستوى تاريخي.
وعانت تركيا اعتبارا من أغسطس/آب 2018، من أزمة مالية ونقدية حادة، دفعت بأسعار الصرف لمستويات متدنية بالنسبة لـ"الليرة التركية"، وسط تذبذب في وفرة النقد الأجنبي في الأسواق الرسمية.
aXA6IDE4LjE4OC4xODMuMjEg جزيرة ام اند امز