شرطان لنجاح اتفاق "أوبك" وإنعاش أسعار النفط
الالتزام والحسم عاملان مهمان لتنفيذ اتفاق أوبك لتثبيت إنتاج النفط خلال المرحلة القادمة.
تعلق اقتصاديات الدول المنتجة للنفط، والمصدرة منها على وجه الخصوص آمالاً على تفعيل اتفاق فيينا الأخرى بتخفيض الإنتاج في دعم الأسعار وتحسينها، وفي استقرار الأسواق وتوازنها خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً أن الاتفاق هو الأول منذ نحو 8 سنوات بشأن خفض حجم الإنتاج اليومي من النفط الخام.
وتنتظر الدول المنتجة للنفط يوم 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري لدعم اتفاق منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، ولتأكيد وتثبيت مستويات تخفيض سقف الإنتاج بدول منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" وبتخفيض آخر من الدول النفطية خارج "أوبك" ليرتفع حجم التخفيض الكلي إلى 2,2 مليون برميل يومياً، منها 1,2 مليون برميل، التزمت بها دول "أوبك"، و600 ألف طن تخفيض من الدول خارج المنظمة.
وفي المقابل ينتظر الجميع حسم التنفيذ في يناير/كانون الثاني المقبل، وهو الموعد المقرر لتنفيذ الاتفاق، في محاولة لالتقاط الأسعار أنفساها، وتحريكها من مستوياتها التي بدأت تشهد حركة صعود، منذ اتفاق الأربعاء الماضي التاريخي، والذي اعتبره مراقبون خطوة تتسق مع خطة دعم ما تم التوصل إليه في اجتماع المنظمة بالجزائر في سبتمبر/ أيلول الماضي.
وتعلق الدول المصدرة للنفط آمالاً كبيرة في أن يسهم اتفاق تخفيض مستويات الإنتاج، التي تستمر لمدة 6 أشهر في تحريك الأسعار إلى مستويات أعلى مع استمرار نمو الأسعار والذي بدأ منذ اتفاق الأربعاء الماضي، على أمل أن يصل إلى 65 دولار كحد أقصى، ويستمر فوق الـ 50 دولاراً، على أقل تقدير.
ويؤكد الدكتور أحمد تيمور المتخصص في قطاع النفط وأستاذ علوم الطاقة، أن آمال الدول المصدرة للنفط تتوقف على مدى التزام جميع الدول بمستويات التخفيض المتفق عليها، وتنفيذها من أول يناير/ كانون الثاني المقبل، مبيناً أن دخول الدول من خارج "أوبك" بالتزامات تخفيض أخرى سيعزز من فرص تحريك الأسعار.
ويرى أن تعديل البنك الدولي لتوقعاته بشأن أسعار النفط في تقريره الفصلي الأخير بأن تقفز أسعار الطاقة التي تشمل النفط والغاز الطبيعي والفحم بنحو 25% العام المقبل "2017"، إلى 55 دولارا للبرميل من 53 دولاراً للبرميل في تقديرات سابقة، مؤشر مهم جداً على آفاق تحريك الأسعار لمستويات تعتبر الأكبر منذ سنوات.
وقد واصلت أسعار النفط الخام في الارتفاع لتتداول بالقرب من أعلى مستوياتها في 6 أسابيع، في ظل تزايد الطلب على النفط بعد اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط الخام يوم الأربعاء الماضي الذي شهد خفض في معدلات الإنتاج.
وتتداول أسعار العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي عند المستوى أعلى من 51 دولاراً للبرميل، منذ اجتماع الأربعاء 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، وكان أعلى سعر51,47 دولاراً، وأدني سعر 50,16 دولاراً، على مدى الأيام الماضية من التوصل للاتفاق الأخير في فيينا.
هذا ومن المقرر أن تعقد اللجنة الوزارية، التي تم تشكيلها في اجتماع "أوبك" الأخير في فيينا، برئاسة دولة الكويت وعضوية الجزائر وفنزويلا لمراقبة تطورات سوق النفط ومدى الالتزام بالحصص الإنتاجية المتفق عليها، أول اجتماع لها يوم 10 ديسمبر/ كانون الأول، لبحث تثبيت تقليص الإنتاج والمعروض النفطي، بما في ذلك "اتفاق فيينا"، وتعزيز الاتفاق بانضمام الدول من خارج المنظمة الدولية لاتفاق خفض الإنتاج بهدف الحد من حجم المعروض النفطي في الأسواق.
المهندس سيد محمد النجار المستشار السابق لوزير البترول المصري يرى أن دعم الدول خارج "أوبك" لاتفاق تقليص الإنتاج أمر تفرضه المصلحة الخاصة قبل العامة، خصوصاً من دول مثل روسيا، والتي ستلتزم بتعهداتها بخفض يومي في الإنتاج بنجو 300 ألف برميل، تمثل نصف المستهدف من الدول خارج "أوبك".
وأوضح أن تحسين سعر النفط بنحو 5 دولارات فقط أفضل كثيراً للاقتصاد الروسي، وبالتالي فهي من أكبر المستفيد من تخفيض الإنتاج، وما سينعكس على الأسعار، وبالتالي على عائداتها، منوها بأن روسيا ستخفض الإنتاج، اتساقاً مع ما قاله وزير البترول الروسي " بتخفيض إنتاج بلاده بمعدل 300 ألف برميل في النصف الأول من 2017، ولكن يبقى توقيت بدء التخفيض والذي تسعى فيه دول من "أوبك" الاطمئنان إليه من روسيا.
ويبقى معيار الالتزام بالتطبيق هو الهاجس الذي يقلق البعض بما في ذلك دول وخبراء ومراقبون، حيث بوضح كل من دكتور مهندس يوسف محمدي خبير الطاقة بالعهد القومي للبحوث ومهندس مدحت يوسف النائب الأول للهيئة العامة للبترول أن عنصر التطبيق على الأرض في الموعد المتفق عليه بين دول "أوبك" أهم مؤشر على دخول الاتفاق حيز التنفيذ، وهو ما أثار قلق ممثلي دول المنظمة، حتى خلال الاجتماع الأخير في فيينا.
وأشار محمدي إلى أن تجارب سابقة في أوبك، سواء بتثبيت الإنتاج وغيره، كانت مثار جدل طويل، وأفشلت العديد من الاتفاقيات والمباحثات، ولكن ربما الضغوط الاقتصادية تكون عامل حسم هذه المرة، وإن كانتا الدول المستوردة للنفط هي الأكثر تضرراً من التخفيض في الإنتاج، واي تحرك وارتفاع في الأسعار.
ونوه بأن أنه في حال الوصول بسقف الإنتاج إلى 31.96 مليون برميل، من يناير/ كانون الثاني المقبل، وهو أقل من مستوى الإنتاج البالغ 33.64 مليون برميل، على مدى شهور النصف الأول من العام المقبل، اعتباراً من أول يناير 2017، مع وجود تحسن في الأسعار واستقرار بالأسواق، سيكون ذلك دافعاً للتوصل إلى اتفاق تمديد في اجتماع مقبل في 26 مايو 2017.
aXA6IDMuMTQ0LjYuMjkg
جزيرة ام اند امز