خبراء: ضغوط وراء تكذيب "الرئاسي الليبي" لبيان استقالته
خبراء وسياسيون ليبيون يؤكدون أن بيان استقالة المجلس الرئاسي الذي نشر على "تويتر" كان بيانا صحيحا، وتم سحبه بعد ضغوط داخلية.
أكد خبراء وسياسيون ليبيون أن بيان استقالة المجلس الرئاسي الذي نشر على حسابه الرسمي بموقع "تويتر" ثم تم سحبه كان بيانا صحيحا، وتم سحبه بعد ضغوط داخلية.
وتابع الخبراء في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية" أن البيان صدر في ظل الصراعات الداخلية بين أمراء الحرب وانشقاقات وأزمات داخلية ضربت المجلس الرئاسي الليبي غير الدستوري.
وأضاف المختصون أن البيان يؤكد مدى الانهيارات الداخلية التي ضربت حكومة الوفاق والصراعات بين قادة المليشيات في ظل تقدم قوات الجيش الوطني الليبي لتحرير العاصمة من الإرهاب.
وشدد المختصون على أن واقعة نشر بيان الاستقالة لم تكن هي الواقعة الوحيدة التي تشير إلى وجود انقسامات داخل معسكر الكيانات المنبثقة عن الصخيرات، فهناك عدة شواهد ووقائع تجسد هذا الانقسام والصراع .
صراع تكسير العظام
ويرى المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل أن واقعة نشر بيان استقالة حكومة الوفاق التي قيل إنها بسبب اختراق الصفحة، تؤكد وجود انقسامات داخل معسكر الكيانات المنبثقة عن الصخيرات.
وأوضح عقيل، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن "مواقع الرئاسي وبمساعدة جهاز مخابرات إحدى الدول (لم يسمها) تتمتع بتحصين كبير ما يعني صعوبة، إن لم تكن استحالة، اختراقها."
وتابع عقيل أن "هندسة تنظيم البيان وأسلوبه تقترب إلى حد التطابق مع النمطية المرتبطة بأشكال ومضامين بيانات المجلس السابقة".
وشدد عقيل على أن صراع تكسير العظام ازداد اشتعالا بين فريق السراج وبعض أمراء الحرب الجهويين من جهة وبين أمراء حرب مصراتة من جهة أخرى، منوها بوجود احتمالات كبيرة بتعبير هذا البيان الصحيح عنه.
ونوه عقيل بأن الصراع ازداد مؤخرا وأصبح ذائعا ويكاد يُسمع وقع ضرباته على مدار الساعة بالعاصمة الليبية، وأن ما حدث ليس سوى تعبير مباشر عن وقوع حادث أو تطور خطير في إطار هذا الانقسام أو الصراع.
وكشف عقيل عن أن الجهود الكبيرة التي بذلت لإخفاء ما حدث -وبينها منح رشى كبيرة- إنما هي ناشئة عن خشية المتصارعين من انهيار الجبهات المليشياوية بحال انتشار حقيقة ما جرى.
واختتم السياسي الليبي أن هذا التكتم لن يستمر طويلا في ظل الاهتراء الكبير الذي يعانيه نظام حماية السرية مؤخرا بالمجلس الرئاسي.
كيان غير موحد
ويرى الدكتور راقي المسماري، أستاذ القانون بجامعة بنغازي، أن المجلس الرئاسي ليس كيانا موحدا، بل يحتوي على تيارات كثيرة.
وأوضح المسماري، في تصريحه لـ"العين الإخبارية"، أن تيار الرئيس السراج ومستشاريه هو تيار مادي يسعى إلى تكوين ثروات مالية بحكم السلطة الإدارية والنفوذ الحكومي، أما التيارات الأخرى فتتمثل في جماعات الإسلام السياسي عن طريق عضوية عبدالسلام كجمان ومحمد عماري زايد، عضوين حليفين للإخوان والقاعدة، بالإضافة إلى مكونات من مصراتة والأمازيغ كمجموعة عرقية.
وتابع أن التقاسمات والتضادات داخل المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني تأتي من موقف السراج ومستشاريه الذي قال في آخر اجتماع لحكومة الوفاق إن عليهم -كمجلس وحكومة- تقديم تنازلات مؤلمة من أجل إيجاد صيغة للحل مع الجيش.
ويرجح المسماري أن سبب هذا التوجه من السراج نتيجة لرؤية وزير خارجيته محمد سيالة ومستشاره الأمني تاج الدين الرازقي للموقف الدولي جيدا، وإدراكا بأن المعركة في طرابلس خاسرة ومحسومة ما دام المجتمع الدولي يرى مجموعات إرهابية تقاتل إلى جانب ما يسمى قوات الوفاق.
واختتم أن الخلافات حول الحرب وحول الأموال تعصف بالرئاسي وحكومته ومليشياته، ومن ينظرون لأنفسهم على أنهم ليسوا متورطين ينوون ترك الإرهابيين والمتطرفين يواجهون مصيرهم وحدهم، والإرهابيون يحاولون تأمين بعض المال لأسرهم وعوائلهم.
إيعاز من أمراء الحرب
ومن جانبه، يرى الباحث والسياسي الليبي حافظ السنوسي أن بيان استقالة الرئاسي التي تم سحبها كان بيانا صحيحا، ولم يكن هنالك اختراق لحسابهم على تويتر.
ورجح السنوسي، في حديثه مع "العين الإخبارية"، أن تكون هناك انقسامات داخل مجموعات الرئاسي ومكاتبه، قائلا: "القرار صدر من أعضاء في مكتب الرئاسي وتم حذفه ربما بإيعاز من بعض أمراء الحرب".
وشدد السنوسي على أن هنالك العديد من الانقسامات داخل معسكر الكيانات المنبثقة عن الصخيرات، وأن التشكيلات المسلحة في العاصمة ليست على قلب واحد، وإنما يجمعها الارتزاق، وقد بدت هذه الانشقاقات في معاركها الداخلية قبل انطلاق طوفان الكرامة لتطهير العاصمة من المليشيات التي استمرت حتى الآن، وأبرزها الصراع بين مليشيات الردع والبقرة.
وأكد المحلل السياسي الليبي أن تحركًا مثل هذا من المستحيل أن يصدر دون دعم دولي لمن فعله، خاصة أنه صدر بعد لقاء السراج ببعض الجهات الأجنبية.
وألمح السنوسي إلى أن دلالة هذا البيان في هذا التوقيت تؤكد قرب انتهاء معركة طرابلس لصالح قوات الجيش الوطني الليبي، وانهيار المليشيات داخليا.
احتمالات.. أقلها يدين ضعف السراج
من جانبه، قال جمال شلوف، الباحث الليبي ورئيس مؤسسة السليفيوم للأبحاث والدراسات، إن نشر بيان للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بتلك اللغة الواضحة وعلى الموقع الرسمي للمركز الإعلامي للحكومة الموثق من تويتر ثم سحبه بعد دقائق قليلة، يحتمل عدة احتمالات.
وحول الاحتمال الأول، أفاد شلوف، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، بأن بيان الاستقالة صدر بضغط دولي، ثم تم سحبه بضغط المليشيات وتهديدها بالقيام بعمليات انتقامية ضد أعضاء المجلس الرئاسي وأبرزهم رئيس المجلس فايز السراج.
وأشار شلوف إلى احتمال ثانٍ يفيد بصدور البيان من طرف معين من المجلس الرئاسي دون دراية من بقية المجلس الرئاسي، ومن ثم حصل التضارب، لافتا إلى أن ذلك غير مستبعد خاصة في ضوء التباينات السياسية والعسكرية والعقائدية بين أعضاء المجلس، فضلا عن التنازعات والاختلافات التي تزايدت مؤخرا بين قادة المليشيات التابعة لحكومة الوفاق.
وفيما يتعلق بالاحتمال الثالث، أن يكون البيان قد كتب مسبقا، وسلم للمكتب اﻹعلامي ليستخدم من قبل السراج، حتى يوضح الضغوط التي تواجهه في حالة قدم استقالته المطلوبة من أطراف دولية، ومن ثم لجس نبض فعل المليشيات المختلفة من مثل ذلك القرار.
واعتبر شلوف بأنه في كل الأحوال وسواء استقال السراج أو لا، فهذا "لن يمنع حقيقة انهيار المليشيات على جبهات القتال في طرابلس أو غريان من جهة، والضغط الدولي لفك ارتباط السراج بالجماعات الإرهابية التي تعتبر العمود الفقري لقواته" من جهة أخرى، مشددا على أن خلافات المليشيات بدأت في الظهور للعلن باشتباك تلك المليشيات ببعضها البعض.
واشتعلت في الفترة الأخيرة الصراعات الداخلية بين المليشيات التابعة للمجلس الرئاسي غير الدستوري خاصة مليشيا الردع –يقودها عبدالرؤوف كاره- وثوار طرابلس التي يقودها هيثم التاجوري، على خلفية اختطاف عناصر إرهابية تابعة للأخيرة من قبل الأولى قبل هروبها من الحرب في العاصمة.
كما تكررت عملية استهداف مقرات مليشيا الردع ومطار وسجن معيتيقة والمناطق السكنية المحيطة بها من قبل نظيرتها مليشيا البقرة، التي يقودها بشير خلف الله، القادم من تاجوراء، وقد أصابت عمليات القصف الطائرات المدنية والمنازل المحيطة بالمطار.
aXA6IDMuMTQ2LjM0LjE0OCA=
جزيرة ام اند امز