ذكرى «مؤتمر عرتا».. تأكيدات رئاسية على أهمية إنهاء نظام «العشائر الأربع» بالصومال
أكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، أهمية إنهاء نظام تقاسم السلطة القائم على «العشائر الأربع»، واصفا إياه بأنه من مخلفات سياسات ما بعد الحرب التي تعوق التحول الديمقراطي في البلاد.
جاءت ذلك خلال إحياء الذكرى الـ25 لـ«مؤتمر عرتا للسلام» في جيبوتي، الذي أدى إلى إنشاء أول حكومة انتقالية في الصومال عام 2000 بعد نحو عقد من الحرب الأهلية.
وتُعرف البنية الاجتماعية والسياسية التقليدية في الصومال، بنظام العشائر الأربع الكبرى وهي (هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.) شكلت عبر التاريخ العمود الفقري للحياة السياسية والاجتماعية في البلاد.
من المحاصصة إلى المؤسسات
وفي حديثه بهذه المناسبة من مدينة عرتا الجيبوتية، أقر الرئيس الصومالي بأن نظام السلطة القائم على العشائر قد ساهم في استقرار البلاد في زمن الانهيار، لكنه أكد أنه لم يعد يتماشى مع رؤية الصومال لدولة حديثة وعادلة.
وأضاف: "طُبق نظام العشائر الأربع عندما كان الصومال يعاني من الفقر. كان إجراءً مؤقتا يهدف إلى مساعدتنا في تجاوز فترة عصيبة. لكنه استمر معنا لفترة طويلة جدا".
وحث الرئيس الصومالي قادة الأمة الصومالية على تجاوز هذه الصيغة القائمة على العشائر، واستبدال السياسة التي تُدار بالعشائر بمؤسسات متجذرة في الكفاءة والعدالة.
وأكد أن الصومال الآن على الطريق الصحيح بمواءمته مع أنظمة الحكم الحديثة، مشددا على ضرورة إنشاء نظام يوحد الصوماليين، قائم على العدالة والمساواة والحكم الرشيد.
احتفاء إقليمي بذكرى عرتا
وشهد الحفل حضورا إقليميا بارزا، حيث افتتحه الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله، وضم قادة صوماليين سابقين ودبلوماسيين.
ووضع الرئيسان إكليلا من الزهور في موقع عرتا التاريخي، الذي ساهم في إحياء بناء الدولة الصومالية قبل ربع قرن.
الرئيس الجيبوتي وصف مؤتمر عرتا بأنه "حدث تاريخي بارز يعكس التزام جيبوتي الثابت بالسلام والوحدة وإعادة بناء الدولة الصومالية، مؤكدا أن "روح ورؤية عرتا لا تزالان رمزين للأمل والتعاون للشعب الصومالي.
بدوره أشاد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، بذكرى عرتا باعتبارها "تكريما بالغ الأهمية لذكرى أمة، ومصدرا للدروس حول قوة الملكية الوطنية والحوار في إعادة بناء الدول.
نظام العشائر الأربع
وانبثق نظام العشائر الأربع في الصومال، والمعروف بنظام 4.5، من مؤتمر عرتا للسلام عام 2000، أدى إلى تشكيل أول حكومة صومالية معترف بها دوليا منذ عام 1991.
واجتمع في هذا المؤتمر أكثر من 2500 مندوب، من بينهم شيوخ وعلماء ونساء ورائدات أعمال، تحت رعاية الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) وحكومة جيبوتي. وأصدر المؤتمر إعلان عرتا، مُنشئًا الحكومة الوطنية الانتقالية برئاسة الرئيس عبد القاسم صلاد حسن، وقتها وهي أول حكومة صومالية معترف بها دوليا وأعادت عضوية الصومال في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
وبموجب هذا الإطار، قُسِّم البرلمان على أسس عشائرية لضمان تقاسم السلطة. ومع أن النظام نُسب إليه في البداية تحقيق التوازن، إلا أنه واجه انتقادات واسعة لترسيخه الهوية العشائرية في السياسة، وإعاقته القيادة القائمة على الجدارة، وتكريسه لعدم المساواة. يأتي هذا النقاش بينما تستعد البلاد لأول انتخابات وطنية مباشرة في العام 2026.
ورغم تعهد القادة الصوماليين مرارا بالإصلاح، فإن التوافق السياسي ظل بعيد المنال، ويعود ذلك جزئيا إلى أن تقاسم السلطة بموجب 4.5 أصبح أساسا لتشكيل الحكومة، وتخصيص الموارد، والتمثيل في جميع أنحاء النظام الفيدرالي.
ويشير مصطلح "نظام 4.5" في الصومال إلى نظام المحاصصة القبلية في تقاسم المناصب السيادية، حيث يتم توزيع المقاعد على أربع قبائل رئيسية، في حين يُمنح (نصف مقعد) للمجموعات العرقية الصغيرة.