بعد الحرب التي اندلعت في إقليم تيغراي منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020 واستمرت لأكثر من عامين، واعتبرت "الأسوأ" في المنطقة، جاءت اتفاقية بريتوريا التي وقعت في جنوب أفريقيا لوقف الأعمال العدائية بين القوات الحكومية ومقاتلي جبهة تحرير تيغراي.
من أهم بنود الاتفاقية التي وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022: تسهيل وصول المساعدات للمتضررين في الحرب في مناطق إقليم تيغراي، وإعادة الخدمات التي ظلت متوقفة عن شعب الإقليم لأكثر من عامين، وخروج القوات الأجنبية من أراضي إقليم تيغراي. ويقصد بالقوات الأجنبية "القوات التي لا تتبع لإقليم تيغراي"، وهي القوات الخاصة لإقليم أمهرا والقوات الإريترية التي دعمت القوات الإثيوبية في حربها علي قوات تيغراي .
ومع مرور الوقت عولجت العديد من التحديات، إلا أن بعض البنود ظلت معلقة لم تجد طريقا للتنفيذ بسبب بعض العوامل. في ظل تبادل الاتهام بين الحكومة الإثيوبية ومجموعات أخرى في الإقليم وخارج الدولة، فيما يخص سرقة وتحويل المواد والمساعدات الأمريكية إضافة إلى تلك التي أرسلها برنامج الغذاء العالمي، وهي القضية التي أثيرت بصورة كبيرة مؤخرا واتهمت فيها جهات عديدة؛ بينها القوات الحكومية الإثيوبية الإريترية ومسؤولون في إقليم تيغراي .
تظل بعض المناطق في إقليم تيغراي مثار خلاف في ظل تمسك بعض الجهات في إقليم أمهرا بأحقيتها لتلك المناطق "مناطق متنازع عليها بعد اندلاع الحرب" وتعتبر حلقة وصل وتداخلا بين شعبي الإقليمين، وهي منطقة جنوب تيغراي، وتتواجد من ضمنها مقاطعات رايا ومناطق غرب تيغراي المتاخمة للحدود السودانية - الإريترية، وتضم مناطق حمرة وولقاييت، وهي أراضٍ خصبة تطمع فيها جهات عدة.
وتظل أكبر التحديات هي تواجد القوات الإريترية في مناطق من شمال غرب تيغراي وشمال شرق تيغراي الإثيوبية، وتحركاتها المتعددة في مقاطعات قومية يورب إحدى القوميات المتواجدة في شمال شرق تيغراي، وهي تحركات أثبتتها لجنة المراقبة الأفريقية لمراقبة وقف إطلاق النار في الإقليم، وكانت قد أكدت ذلك في تقرير وبيان لها في شهر مايو/أيار الماضي، قائلة إن القوات الإريترية منعتها من التحرك في تلك المناطق لمراقبة الأوضاع الإنسانية في تلك المناطق.
ويظل عدم تنفيذ بعض بنود اتفاقية بريتوريا، أهم العوائق لاتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي الإثيوبية، وهي تحركات قد تتسبب في إعادة الطرفين للمربع الأول وهو الحرب.
وتظل الملفات الأخرى التي ترتبط بالمساعدات الإنسانية ووصول الخدمات الأخرى ومحاولة إجراء تغييرات ديموغرافية في مناطق من إقليم تيغراي، أهم التحديات التي قد تؤجج الصراع في المنطقة التي ظلت لفترة طويلة منقطعة عن العالم.
إن تحركات الدول الغربية في المنطقة والزيارات المكوكية بين أديس أبابا ومقلي عاصمة تيغراي، من أجل مراقبة سير تنفيذ عملية السلام وكيفية تفعيل الاتفاقية على أرض الواقع، تعد بمثابة ضغوط تمارس علي الطرفين الموقعين عليها.
وما زالت المناشدات الموجهة للطرفين من وقت لآخر، من أجل أن تكتمل العملية السلمية، وتتحقق في مرحلتها الثانية هاجسا للمجتمع الدولي.
وفي ظل مراقبة سلام بريتوريا، اندلعت حروب أخرى ومعارك وصراعات في مناطق عدة من البلاد، في إقليم أمهرا بين القوات الإثيوبية ومسلحين في الإقليم؛ على رأسهم مجموعات فانو، وفي منطقة غرب إقليم أوروميا، لتزيد الطين بلة، لتكون إحدى عراقيل الاستقرار الإثيوبي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة