التلمذة المهنية.. مشروع لتمكين الشباب اليمني في سوق العمل
أثرت الحرب التي افتعلتها مليشيا الحوثي على الاقتصاد الوطني، وخلقت جيشا من العاطلين اليمنيين في ظروف معيشية شديدة القسوة.
ووسط الكم الهائل من الجهات والمنظمات التي ركزت عملها على الإغاثة والمساعدات الآنية، ثمة مشاريع مجتمعية أخذت على عاتقها تمكين الشباب مهنيًا وحرفيًا، والانطلاق بعد ذلك نحو سوق العمل.
ومن تلك المشاريع التي ظهرت مؤخرًا، في مدينة عدن اليمنية، مشروع "التلمذة المهنية" المدعوم من الأمم المتحدة، ويركز على تأهيل وتدريب الشباب على يد أرباب الحرف والمهن ذات الاحتياج في سوق العمل.
يقول استشاري المشروع، وجدان العبسي لـ "العين الإخبارية": إن "التلمذة المهنية" يهدف إلى تدريب 42 حرفيًا ومهنيًا خبيرًا، يتم اختيارهم من سوق العمل؛ ونقل خبرتهم لنحو 120 متتلمذا ومتتلمذة، وتهيئتهم للالتحاق بسوق العمل.
وأشار العبسي إلى أن المشروع يعتمد على الجمع بين جيلين، من الحرفيين المتمرسين ونقل معارفهم وخبراتهم إلى جيل جديد من الشباب، ممن تعرضوا لأسوأ أنواع العمالة، وحالت الظروف الاقتصادية والمعيشية دون التحاقهم بسوق العمل.
ويشمل التدريب 4 تخصصات، هي صيانة منظومات الطاقة الشمسية، وصيانة الموبايل، والخياطة والتطريز النسائي، وتصفيف الشعر والتجميل، وفق استشاري المشروع.
ويضيف العبسي أن المشروع تجاوز التدريب التقليدي، أو التأهيل المعروف لدى الجميع، والذي ينتهي بانتهاء الدورات التدريبية، حيث تميز بالعديد من الجوانب، والأفكار المبتكرة والجديدة.
من تلك الابتكارات أن المشروع يجمع بين ذوي الخبرة، الذين ينقلون مهاراتهم إلى جيل جديد من الحرفيين الشباب، وكأنهم يسلمون الراية لمن يحفظ هذه المهن ويعزز من قيمتها ويوفر مصادر دخل جديدة للمتأثرين من تبعات الحرب.
بالإضافة إلى أن المشروع يركز على "التلمذة"، وهي نقل الخبرات بالممارسة والمشاهدة الآنية، أو بتقنية "التدريب على رأس العمل"، عبر تسخير ورش المدربين وأماكن عملهم للمتتلمذين، وهذه الجزئية يتم تنفيذها لأول مرة في مجال التدريب والتأهيل، حسب وجدان العبسي.
كما يتميز المشروع بإكساب المستهدفين (مدربين وتلاميذ)، تقنيات السلامة المهنية وترتيب بيئة العمل، وأساليب تجنب مخاطر المهنة والتعامل مع الحرائق وطرق الإسعافات الأولية.
والأهم في كل تلك الميزات التي يتمتع بها المشروع، كانت ميزة الاستدامة، من خلال منح الخريجين من الشباب الملتزمين والمتفوقين، عُدّة العمل من أدوات ومستلزمات المهنة التي تساعدهم على بدء خطوات الحياة العملية، واقتحام سوق العمل بكل ثقة وتمكّن.
وتسببت الحرب التي أشعلتها المليشيات الحوثية، بفقدان معظم عمال اليمن أعمالهم ورواتبهم؛ مما جعلهم يكابدون ظروفاً معيشية صعبة وقاسية.
وحسب تقرير صادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية، فإن الحرب الدائرة في البلاد منذ 6 سنوات أدت إلى فقدان 5 ملايين عامل وعاملة وظائفهم وأعمالهم، فيما يقدر اتحاد عمال اليمن نسبة من فقدوا أعمالهم بنحو 80% من حجم القوى العاملة في البلاد.
وأكد الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن أن عمال اليمن يعيشون في ظل استمرار الحرب والقتل والتدمير الحوثي؛ ما شكل أسوأ كارثة إنسانية على الشعب اليمني والعمال والعاملات، والشباب بشكل خاص، إذ تضررت مناحي الحياة كافة وتضاعفت معدلات الفقر وتدهور الوضع الاقتصادي والإنساني وتفاقمت أزمة البطالة.
وتمثل مشاريع منظمات المجتمع المدني المحلية، بالتعاون مع المنظمات الأممية والدولية، مثل مشروع "التلمذة المهنية"، في التخفيف من وطأة البطالة التي تسببت بها الحرب على الشباب اليمني.