اتفاقية الحماية التركية لدويلة قطر اتفاقية في تفاصيلها مذلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى
اتفاقية الحماية التركية لدويلة قطر اتفاقية في تفاصيلها مذلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولم يقدم عليها القطريون إلا لأنهم شعروا بعدم الأمان، حتى مع وجود قاعدة العديد الأمريكية، التي أقر الحمدان بألسنتهم في الأشرطة المسربة، بأن وجود هذه القاعدة تجعلهم يتحركون أكثر، وهم مطمئنون أنهم في حماية الجنود الأمريكيين. قاعدة العديد ما زالت تحتل ثلث قطر جغرافيا تقريبا، فلماذا مع وجود الأمريكيين جلبوا الجنود الأتراك ووقعوا معهم تلك الاتفاقية، التي نزعت من قطر السيادة، وجعلتهم دولة محتلة في نهاية المطاف.
القضية في رأيي سببها الأقرب أنهم لم يعودوا يثقون بالأمريكان كما كانوا في عهد أوباما، وفي الوقت نفسه لا يستطيعون إلغاء اتفاقية العديد، هذا إضافة إلى أن القطريين في مجالسهم الخاصة بدأوا يُظهرون تذمرهم من نظام الحمدين المغامر دون مردود سياسي، بالشكل الذي جعلهم مستعدين لقبول أي فرد من أفراد الأسرة الحاكمة القطرية، ليتحركوا وسيلقون من الغالبية الساحقة من القطريين مساندة كاملة، فكما يصلني أن الأمير الوالد -كما يسمونه- أصبح يواجه عزلة داخل الأسرة الحاكمة، وهذه العزلة متى استمرت فقد تُفرز نظاما جديدا، وبالتالي فليس أمامهم للخروج من المأزق إلا بيع (سيادة) قطر كدولة ليحافظوا على بقائهم في السلطة.
ليس لدي شك أن أردوغان إذا تمكن من احتلال مفاصل السياسة في قطر، سيستغل هذه الاتفاقية بالشكل الذي يجعله يتصرف في قطر تصرف الملاك في أملاكهم، بل قد يكون مستقبلاً هو من يتحكم في شؤون قصر الوجبة وتوجيه السياسات في الداخل والخارج
ومن يقرأ التسريبات الإعلامية عن هذه الاتفاقية، لا يحتاج إلى جهد وحنكة ليكتشف أن النظام الحاكم في قطر هو الخاسر بكل المقاييس، فالاتفاقية تجعل (المحتل) التركي في مستوى أعلى من أي مواطن قطري، فلا يستطيع محاكمته، ولا حتى الاعتراض عليه لدى الجهات القضائية القطرية المحلية، كما على الطرف القطري أن يدفع للأتراك كامل تكاليفهم ابتداء من الرواتب وانتهاء بنزح مجاري وبيارات مهاجع الأتراك في الدوحة، وتنظيف البيئة التي سيعيشون فيها؛ أي أن نظام قطر الحاكم أعطى الأتراك فوق ما يحلمون به، كما أن هذه الاتفاقية ليس لها سقف زمني معين، إضافة إلى أنهم سيجثمون على كرامة وشرف ومقدرات المواطن القطري إلى أبد الآبدين.
وليس لدي شك أن أردوغان إذا تمكن من احتلال مفاصل السياسة في قطر، سيستغل هذه الاتفاقية بالشكل الذي يجعله يتصرف في قطر تصرف الملاك في أملاكهم، بل قد يكون مستقبلاً هو من يتحكم في شؤون قصر الوجبة وتوجيه السياسات في الداخل والخارج، فيعزل هذا، ويعين ذاك، حسب مقتضيات المصالح التركية، ولأنه بحكم (القوة العسكرية) على التراب القطري، فلن يكترث بردود فعل القطريين ولا حكومتهم، لأنه بعد توقيعهم هذه الاتفاقية أصبحوا فعليا حكومة كرتونية، أو كما يقول المصريون (لا بتهش ولا بتنش).
وعلى أية حال فقطر دخلت بهذه الاتفاقية نفقا مظلما لن يكون بالسهولة الخروج منه متى ما أرادت، وهذا ما يخيف القطريون على بلادهم.
نقلا عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة