مؤامرات قطر ضد البحرين.. القصة الكاملة وما خفي أعظم
قصة الجريمة الجديدة التي دفعت مجلسي الشورى والنواب بالبحرين إلى إصدار بيان مشترك لرفض ممارسات النظام القطري
"إن لم تستح فافعل ما شئت".. حكمة تنطبق على تنظيم "الحمدين" وإعلامه وعلى رأسه قناة الفتنة "الجزيرة"، فما أن تكشفت تباعا مؤامرات قطر ضد البحرين فوجئ العالم بمؤامرة قطرية جديدة تستهدف إثارة الفتنة في البحرين على مرأى ومسمع من العالم.
ولا يكاد يمر شهر إلا وتتكشف مؤامرة قطرية جديدة ضد البحرين، فالشهر الماضي رصدت الداخلية البحرينية شبكة من المواقع الإلكترونية تدار من قطر تستهدف إثارة الفتنة وتحاول زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.
وقبلها بشهرين تم سجن متهمين اثنين لحصولهما على تمويل من وزير قطري سابق بهدف "الإضرار بمصالح مملكة البحرين"، وفي يناير/كانون الثاني الماضي صدرت أحكام نهائية ضد 3 إرهابيين بتهمة "التخابر مع قطر وإفشاء وتسليم أسرار دفاعية".
وهذه الأيام، بدأت قناة "الجزيرة" في بث برومو للتنويه عن حلقة جديدة عن البحرين من البرنامج المعروف بتزوير الحقائق وتزييف التاريخ ولي عنق الحقيقة لصالح أهداف تنظيم "الحمدين"، الذي يحمل اسم "ما خفي أعظم".
الثواني المعدودة التي تضمنها البرومو الترويجي والتي تنبئ بمحاولة قطرية واضحة لإثارة الفتنة وتأجيج النعرات الطائفية وبث الأكاذيب والمعلومات المضللة ضد البحرين، تضاف إلى أكثر من 980 تقريراً بثتها القناة ضد البحرين منذ عام 2011 وحتى عام 2017، لدعم الإرهاب وتشويه الإنجازات التي تتحقق بها.
كما أن التزييف الذي يتوقع أن تتضمنه الحلقة -من واقع ما ظهر في البرومو- أعاد إلى ذاكرة البحرينيين جريمة التزوير القطرية السابقة، عندما تقدمت بوثائق مزورة في قضية نزاع الحدود مع البحرين أمام محكمة العدل الدولية قبل 20 عاما، لتثبت أن التزوير نهج في سياسة "الحمدين" وإعلامه من الأب (حمد بن خليفة أمير قطر السابق) إلى الابن (تميم بن حمد أمير قطر الحالي).
الجريمة الجديدة دفعت مجلسي الشورى والنواب بالبحرين إلى إصدار بيان مشترك، أمس السبت، أكدا فيه رفضهما التام لاستمرار ممارسات النظام القطري وتعمده إثارة الفتن والتأجيج والتدخل السافر المعتاد منه في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين.
في التقرير التالي ترصد "العين الإخبارية" أبرز المؤامرات القطرية ضد البحرين.. وما خفي أعظم:
سر حقد الحمدين على البحرين
يعود حقد تنظيم "الحمدين "على البحرين إلى وقت مبكر، لا سيما أنها كشفت من جانب الأطماع والمؤامرات المبكرة لحمد بن خليفة أمير قطر السابق ووالد أمير قطر الحالي، وأحد أقطاب تنظيم الحمدين المتحكم في سياسة قطر حتى اليوم، ومن جانب آخر تذكره دائما بفشله وتوبيخه من قبل قادة الخليج.
ففي أوائل تسعينيات القرن الماضي، وبينما كان قادة الخليج منشغلين بحل أزمة احتلال العراق للكويت استغل حمد بن خليفة أمير قطر السابق (ولي العهد آنذاك) عقد القمة الخليجية في الدوحة في ديسمبر/كانون الأول 1990، طرح موضوع حدودي حول جزر "حوار" الواقعة تحت السيادة البحرينية التي كان يسعى للاستيلاء عليها.
آنذاك قام حمد بن خليفة، وتحدث عن رفضه التصويت على موضوع تحرير الكويت حتى يتم النظر في جزر حوار، وسحب "المايك" من والده، وقال "نحن رؤساء القمة، ولن تتم مناقشة موضوع غزو الكويت إلا إذا حسمنا قضية (حوار)، وأقرت البحرين بأنها لنا"، لكنه بعدها سمع من الملك فهد -رحمه الله- ومن بقية القادة ما لا يسره، ووبخه الملك فهد بشدة على تجاوزه الأدب مع والده الشيخ خليفة وكلامه.
ورغم تدخل السعودية للوساطة لحل هذا الخلاف الحدودي، وفي سابقة في تاريخ العلاقات الخليجية، قدمت قطر في عهد حمد بن خليفة -بعد انقلابه على والده- وثائق مزورة في قضية نزاع الحدود مع البحرين أمام محكمة العدل الدولية، بيد أن المحكمة أصدرت حكمها التاريخي الذي نص صراحة على تبني موقف المنامة.
وأثبتت المحكمة تزوير قطر عشرات الوثائق، وسجلت عام 1999 رسميا تخلي الدوحة عن تلك الوثائق التي ثبت من قبل خبراء المحكمة أنها مزورة.
وقائع قضية تزوير قطر تعود إلى ما بعد رحيل بريطانيا من الخليج العربي في سبعينيات القرن الماضي، إذ سعت الدوحة على مدار عقود للاستيلاء على أراض وجزر من السيادة البحرينية، مستخدمة في ذلك كل الوسائل المشبوهة من تزوير وثائق ومراسلات خليجية.
وذهبت الدوحة -بشكل أحادي- إلى المحكمة الدولية ضاربة بـ"الوساطة السعودية" عرض الحائط، وطالبت بإعلان السيادة على جزر حوار وجزيرتي فشت الديبل وقطعة جرادة، وإعادة تعيين الحدود البحرية، ليعود المفاوض القطري بـ"خفي حنين"، بعد تأييد المحكمة للحقائق البحرينية.
جاسوس الحمدين
وبعد عامين من هذا الفشل، اندلعت ما عرف بثورات الربيع العربي، ووجدت فيها قطر ضالتها لاستهداف البحرين والتآمر ضدها، واستغل بعض المتآمرين من المعارضة البحرينية الأحداث بزعامة الإرهابي علي سلمان أمين عام جمعية "الوفاق" المنحلة بالتعاون مع قطر وإيران، لإطلاق احتجاجات وشغب في فبراير/شباط 2011، وتآمرت قطر مع الطائفيين لدعم تلك الاحتجاجات، وفتحت لهم الجزيرة لبث أكاذيبهم، ودعمتهم بتقارير كاذبة.
وخلال تلك الأحداث، رصدت البحرين اتصالا هاتفيا جرى بين رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم والإرهابي علي سلمان، فضح التآمر القطري لقلب نظام الحكم في البحرين.
وتتضمن المكالمة الهاتفية عبارات تؤكد وجود تنسيق وترتيبات قطرية مع الإرهابيين الذين قادوا أعمال الإرهاب والتخريب في المملكة خلال عام 2011، إضافة إلى دور الدوحة الداعم للإرهابيين ضمن مؤامرة ثنائية مع إيرانية ضد المنامة، والتي حاول تنظيم الحمدين التبرؤ منها عبر إرسال قوات درع الجزيرة التي تأسست من أجل حماية دول الخليج العربي الذي تنتمي إليه قطر.
كما توضح المكالمة ما سعت قطر إليه خلال أحداث 2011، وهو قلب نظام الحكم وتشكيل حكومة ائتلافية وسحب قوات درع الجزيرة، والسيطرة على إذاعة وتلفزيون البحرين والإفراج عن الموقوفين كافة على خلفية قضايا إرهابية.
أيضا في إطار الكشف عن التدخلات القطرية في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين التي كان يقصد منها قلب نظام الحكم، عرض تلفزيون المملكة تسجيلا لعدة محادثات هاتفية جرت في شهر مارس/آذار 2011 بين مستشار أمير قطر حمد بن خليفة العطية وحسن سلطان مساعد علي سلمان، وبينت هذه المحادثات تآمرهما على إثارة الفوضى في البلاد وبثها في قناة الجزيرة.
ورغم رصدها المؤامرة القطرية مع المعارضة أعطت الحكومة البحرينية فرصة لكليهما ولم تتخذ أي إجراء.
وبعد أن كان الكيل قد فاض بقطر في ظل استمرار سياستها المزعزعة للأمن والاستقرار والداعمة للإرهاب في المنطقة، بث تلفزيون البحرين في يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2017 التسجيلات الصوتية التي كانت بحوزة السلطات، والتي تظهر تآمر قطر والمعارضة، والتي كان يقصد منها قلب نظام الحكم.
ويوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 أحالت النيابة العامة علي سلمان ومساعديه الاثنين إلى المحاكمة، ووجهت إليهم عدة تهم، من بينها "التخابر مع دولة أجنبية لارتكاب أعمال عدائية ضد مملكة البحرين، بقصد الإضرار بمركزها السياسي والاقتصادي، وبمصالحها القومية بغية إسقاط نظام الحكم في البلاد".
كما تم اتهامهم "بتسليم وإفشاء سر من أسرار الدفاع إلى دولة أجنبية، وقبول مبالغ مالية من دولة أجنبية مقابل إمدادها بأسرار عسكرية ومعلومات تتعلق بالأوضاع الداخلية بالبلاد".
وفي 28 من يناير/كانون الثاني الماضي، أيدت محكمة التمييز البحرينية حكما بالسجن المؤبد (25 عاما) ضد علي سلمان، أمين عام جمعية الوفاق المنحلة، واثنين من مساعديه بتهمة "التخابر مع قطر وإفشاء وتسليم أسرار دفاعية".
المؤامرات مستمرة
وبالتزامن مع الانتخابات البرلمانية التي شهدتها البحرين قبل نحو 7 شهور، أعلنت سلطات المنامة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ضبط شخصين بحرينيين بتهمة محاولة الإضرار بمصالح البلاد، عبر التدخل في الشأن الداخلي بالتأثير على عمل المؤسسات التشريعية بالمملكة من خلال العمل في المجلس النيابي.
وبينت أنه ثبت تلقي الشخصين أموالا من وزير سابق بالحكومة القطرية، كما أسفرت التحريات عن تسلم أحدهما من الوزير القطري السابق مبالغ مالية للترشح في الانتخابات النيابية ودعم حملته الانتخابية.
وتم القبض عليهما لدى عودتهما من الخارج حاملين معهما مبالغ نقدية تجاوز مقدارها 12 ألف دينار بحريني و5000 ريال قطري دون أن يفصحا عن حيازتهما إياها بالدائرة الجمركية.
كما ثبت تلقيهما الأموال من الخارج بطريق التحويل المصرفي بما بلغ مجموع 235,804 دنانير بخلاف ما تسلماه نقدا.
وقضت إحدى محاكم البحرين في شهر فبراير/شباط الماضي بالسجن لمدة تتراوح بين 5 و3 سنوات بحق المتهمين الاثنين، لحصولهما على تمويل من وزير قطري سابق بهدف "الإضرار بمصالح مملكة البحرين".
الخلايا الإلكترونية
ولم تمر أسابيع على الجريمة القطرية إلا وأعلنت الداخلية البحرينية رصد شبكة من المواقع الإلكترونية المسيئة للأمن الاجتماعي في البلاد، يتم إدارة أغلبها من قبل جهات خارجية في إيران وقطر ودول أوروبية، تستهدف إثارة الفتنة وتحاول تهديد السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي وزعزعة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين.
وذكرت الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني التابعة للوزارة، في بيان لها في 19 مايو/أيار الماضي، أن الحسابات المذكورة دأبت منذ فترة على تنفيذ خطة ممنهجة لتشويه سمعة البحرين وشعبها، وبث روح الفتنة والفرقة بين مكونات المجتمع.
ودلت التحريات أن هناك خلايا إلكترونية تعمل على دعم هذه الشبكات من خلال تزويدها بالمعلومات المغلوطة من داخل البلاد، وفي الوقت ذاته الترويج لرسائلها المشبوهة؛ حيث تم رصد هذه الخلايا، وجارٍ اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المتورطين فيها.
"الجزيرة".. جريمة جديدة وإدانة شديدة
وفي إطار إصرار تنظيم "الحمدين" على إثارة الفتن والتأجيج والتدخل السافر المعتاد منه في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، وتوظيف قناة الفتنة "الجزيرة" في هذا الصدد تستعد قناة "الجزيرة" لبث حلقة جديدة من برنامج تزييف التاريخ "ما خفي أعظم"، في إطار حملتها المستمرة ضد البحرين.
الجريمة الجديدة قوبلت بإدانة شديدة من البرلمان البحريني، وأكد مجلسا الشورى ومجلس النواب الممثلان عن الشعب البحريني في بيان مشترك رفضهما التام لاستمرار ممارسات النظام القطري، وتعمده إثارة الفتن والتأجيج والتدخل السافر المعتاد منه في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، وشق الصف الواحد وشرخ العلاقات الخليجية والتي باءت دوما بالفشل.
وقالا إنهما تابعا "ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي حول إنتاج (قناة الجزيرة) القطرية عبر برنامجها المغرض (ما خفي أعظم)، لفيلم تسجيلي بهدف إثارة الفتن في المجتمع البحريني، الذي أثبت في مختلف الظروف والمحن تلاحمه وتماسكه بمختلف أطيافه ومكوناته بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد".
وأكد البيان "الرفض التام لتدخل قناة الجزيرة القطرية السافر في الشأن الداخلي لمملكة البحرين، حيث تقتات هذه القناة المسمومة على بث الفتن في المجتمعات بهدف العبث بالأمن والاستقرار وتنفيذ أجندات سافرة لا تخدم إلا الإرهاب الإيراني في المنطقة".
ودعا البرلمان البحرين قطر إلى "التركيز على إيجاد حلول لمشكلاتها الداخلية والتفكير في إصلاحات سياسية وديمقراطية حقيقية والإيفاء بوعودها تجاه شعبها الذي يتطلع للديمقراطية".
كما دعا النظام في قطر إلى "الكف عن دعم الإرهاب وتمويله في المنطقة، والعودة إلى طريق الصواب والاستجابة للمطالب المقدمة من جانب الدول الأربع بقيادة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية والمتمثلة في اتخاذ كافة الخطوات والإجراءات لصون أمن واستقرار المنطقة، وعلى رأسها التوقف عن دعم وتمويل الإرهاب".
وحذر من أن هذا "النهج المقيت المستمر للنظام القطري في اتباع سياسات تثير الفرقة والتضليل بما يمثّل سوء النوايا واحتضانه لأشخاص لا يريدون خيرا لشعب البحرين وللشعوب الخليجية وفتح منابره الإعلامية لهم بأن تكون بؤرة إعلامية يحتضن فيها ويبث فكرهم المقيت ويدعون من خلاله للتطرف وشق وحدة الصف الخليجي ونشر الأخبار الكاذبة".
وقال "نرفض استمرار النهج الإعلامي المعادي الذي تقتات منه (قناة الجزيرة) وتنفذ به توجيهات النظام القطري لإثارة الفتن بين الشعوب الخليجية".
"الجزيرة" في البحرين.. سجل أسود
ودأبت قناة الجزيرة منذ تأسيسها عام 1996على استهداف مملكة البحرين ودعم الطائفيين والإرهابيين بها.
ولم تغب هذه القناة الممولة والمدعومة مباشرة من النظام القطري خلال الفترة الماضية عن الشأن البحريني الداخلي، فعملت من خلال مراسليها والمتعاونين معها على تشويه الإنجازات البحرينية وطمس الحقائق بأخبار وتقارير ليست فقط مسيسة وإنما طائفية ومضللة أيضاً.
وقالت وكالة أنباء البحرين، في تقرير سابق، إن قناة الجزيرة القطرية التي تدعم الإرهاب نشرت أكثر من 980 تقريراً منذ عام 2011 وحتى عام 2017 ضد البحرين.
وأضافت الوكالة أن 880 تقريراً كانت تدعم التطرف والإرهاب في المملكة، والباقي يحمل أكاذيب لتشويه أي إنجازات في المملكة.
وأكدت الوكالة أنه في عام 2011 الذي شهد الأزمة المؤسفة بالبحرين نشرت قناة الجزيرة القطرية أخباراً وتقارير لتغطية أخبار وأنشطة الجماعات الطائفية والإرهابية وتقارير سلبية عن المملكة.
وفي أعقاب إعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) قبل عامين مقاطعتها قطر لدعمها الإرهاب، شنت قناة "الجزيرة" وأتباعها من وسائل إعلام الدوحة أو الممولة منها، على مدار الفترة الماضية حملة افتراءات وأكاذيب تستهدف الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، عبر استراتيجية خبيثة محاورها تزييف الحقائق وتزوير التاريخ وتشويه الحاضر والتحريض الرخيص.
وما تزال جرائم ومؤامرات "الحمدين" مستمرة.. وما خفي أعظم.
aXA6IDE4LjExOC4xMTkuMTI5IA== جزيرة ام اند امز