بيومها العالمي.. واقع أسود للصحافة وحرية التعبير في قطر

واقع أسود لحال الصحافة وحرية التعبير في قطر تكشفه تقارير دولية وشواهد ووقائع على الأرض، تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة
واقع أسود لحال الصحافة وحرية التعبير في قطر، كشفته التقارير الدولية وأكدته الشواهد والوقائع على أرض الواقع، تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يوافق 3 مايو/أيار من كل عام.
- قطر في الإعلام.. ضربة قاصمة للبورصة والدوحة تتنفس ديون
- صحفي سابق بالجزيرة: قطر استغلت الشبكة في عمليات تجسس وقرصنة
ويصادف الاحتفال هذا العام الذي يأتي تحت شعار "الإعلام من أجل الديمقراطية: الصحافة والانتخابات في زمن التضليل الإعلامي"، مرور أسابيع قليلة على الانتخابات البلدية التي شهدتها قطر، وقاطعها القطريون، فيما لم تستطع قناة "الجزيرة" ووسائل إعلام قطر، التي يسيطر عليها تنظيم "الحمدين" الحاكم بالدوحة بث أي لقطات مباشرة لمراكز الاقتراع نظرا لعزوف الناخبين عن المشاركة.
كما يأتي احتفال العالم بهذا اليوم بعد أيام قليلة من إغلاق قطر "مركز الدوحة لحرية الإعلام"، الأمر الذي يثبت للعالم حجم تآمر تنظيم "الحمدين" على الصحافة وحريتها والاتجار بها، عبر توظيف مراكز تحمل أسماء براقة للدعاية له، وإغلاقها عندما تفشل في تحقيق أهدافها.
أيضا لا تنسى ذاكرة العالم خلال الاحتفال بهذا اليوم، انتهاكات قطر العديدة بحق الصحفيين، الذين تم اعتقالهم، عند محاولة نقل الحقيقة المجردة، بعيدا عن حملات العلاقات العامة والدعاية التي تنظمها الحكومة.
شهادات دولية
وقد وجه العديد من المنظمات الدولية كثيرا من الانتقادات لقطر على خلفية انتهاكاتها لحرية التعبير والصحافة، من بينها منظمة "مراسلون بلا حدود"، والخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي.
وتراجعت قطر في مؤشر حرية الصحافة في عام 2019 ثلاث مراتب لتصبح في المركز الـ128.
وقالت "مراسلون بلا حدود": إن "الصحفيين المحليين في قطر يواجهون ترسانة قانونية قمعية، إضافة إلى نظام رقابة صارم".
وتضيف بأن الصحفيين الذين يقتربون من "الخطوط الحمراء يكون مصيرهم السجن".
بدورها، كشفت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي لحقوق الإنسان الصادر في مارس/آذار الماضي، عن واقع أسود لوضع الصحافة وحرية التعبير في قطر.
ورصد التقرير تجاوزات عديدة أبرزها غياب الديمقراطية وحرية التعبير، حيث ذكر أن الحكومة القطرية تراقب وتراجع المطبوعات الأجنبية والأفلام والكتب.
وحسب التقرير، يتجنب الصحفيون القطريون التطرق إلى الضغوط السياسية والاقتصادية عندما يتحدثون عن السياسات الحكومية.
كما أشار التقرير إلى وجود قيود على حرية التجمع السلمي ومنع إنشاء الأحزاب السياسية والاتحادات العمالية في الإمارة الصغيرة.
إغلاق مركز "حرية الإعلام"
كما يأتي احتفال العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة بعد أيام قليلة من إغلاق قطر "مركز الدوحة لحرية الإعلام"، الأمر الذي يثبت للعالم حجم تآمر تنظيم "الحمدين" على الصحافة وحريتها والاتجار بها، عبر توظيف مراكز تحمل أسماء براقة للدعاية له للترويج لأجندته، وإغلاقها عندما تفشل في تحقيق أهدافها، وهو الأمر الذي فضحه العاملون في المركز أنفسهم والذين تعاقبوا على إدارته.
ومر المركز بخلافات داخلية نتيجة محاولات الحكومة تسييس نشاطاته ضد خصومها لصالح حلفائها من جماعة الإخوان الإرهابية وتركيا.
وكان المركز، قد أسسته الحكومة القطرية في عام 2008، وروجت له بأنه "المركز الدولي الأول من نوعه الذي يتأسس في دولة غير غربية، ويعمل لخدمة حرية الصحافة والتعبير في قطر والشرق الأوسط والعالم".
وتعاقب على إدارة المركز العديد من الشخصيات الغربية، خرجوا نتيجة خلافات، كان أولهم الفرنسي روبير مينار، الذي تم تعيينه في يونيو 2009، وهو أيضاً مؤسس منظمة "مراسلون بلا حدود".
واتهم مينار المركز بأنه مجرد مكتب للدعاية الإعلامية القطرية ومهاجمة خصومها. وتلاه الهولندي يان كولن الذي طرد بعد توجيهه نقدا لاذعا للحكومة حيال منع الصحافة القطرية من نقد الموضوعات الداخلية، وكان الحكم على شاعر قطري بالسجن مدى الحياة بسبب قصيدة القشة التي دفعت بعدد منهم آنذاك للاستقالة أيضاً.
وبعد 10 سنوات من افتتاحه، أغلقت السلطات القطرية المركز قبل أيام، وأعلن المركز توقف جميع نشاطاته بصورة مفاجئة، وألغى روابطه وحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، معلنا إغلاقه، دون إبداء الأسباب.
ورأى مراقبون أن المركز فشل في تحقيق الغاية التي أنشئ من أجلها ولم يترك التأثير المطلوب، وسبب الكثير من الصداع للحكومة القطرية، خصوصا أنه بعد فترة قصيرة على تأسيسه بدأت المشكلات تتفاقم بين مؤسسيه والمسؤولين القطريين الذين "لم يقبلوا يوماً بمركز مستقل له الحرية في التعبير عن مواقفه بعيداً عن أي اعتبارات سياسية"، وفق ما ذكر الفرنسي روبير مينار، أول مدير له.
ويرى المراقبون أن الدوحة تريد اليوم التركيز على قناة "الجزيرة" الواجهة الإعلامية الرئيسية لها والتي توظفها للترويج لأجندتها والدعاية لسياساتها، بعيدا عن الأدوار الحقيقية للإعلام.
شعار.. وواقع
ويحتفل الصحفيون حول العالم اليوم الجمعة، باليوم العالمي لحرية الصحافة هذا العام تحت شعار "الإعلام من أجل الديمقراطية: الصحافة والانتخابات في زمن التضليل الإعلامي".
ويركز الاحتفال العالمي على التحديات الراهنة التي تواجهها وسائل الإعلام في فترات الانتخابات، والقدرات الكامنة في وسائل الإعلام على المساعدة في إرساء السلام والمصالحة.
ويصادف اختيار هذا الشعار مرور أسابيع قليلة على الانتخابات البلدية التي شهدتها قطر، وقاطعها القطريون، فيما لم تستطع قناة "الجزيرة" ووسائل إعلام قطر، المسيطَر عليها من قبل تنظيم "الحمدين" في قطر بث أي لقطات مباشرة لمراكز الاقتراع نظرا لعزوف الناخبين عن المشاركة، لتؤكد تلك الوقائع خطورة التلاعب بحرية الإعلام وخطورة توظيفه في التضليل الإعلامي.
أيضا يرتبط بهذا الشعار وعود تنظيم "الحمدين" الزائفة بإجراء انتخابات، وعدم تجرؤ الصحافة القطرية على السؤال عن سبب تنفيذها نتيجة غيات حرية الصحافة والتعبير.
وكانت "العين الإخبارية" قد كشفت، في تقرير سابق، عن الوعود الزائفة والأكاذيب المستمرة للنظام الحاكم في قطر بشأن إقامة انتخابات برلمانية لم تجر حتى الآن.
ومنذ عام 2004 حتى اليوم، كان الحمدان (أمير قطر السابق حمد بن خليفة ورئيس وزرائه آنذاك حمد بن جاسم)، وتميم بن حمد أمير قطر الحالي دائمي الوعود للقطريين بشأن انتخابات برلمانية في البلاد، وحتى اليوم لم يتم تنفيذ أي من وعود الحمدين أو تميم، ولا يجرؤ إعلام الدوحة على التساؤل عن سر عدم تنفيذ الوعود الزائفة المتتالية.
تخوين المعارضين والمخالفين
أيضا، في ظل سيطرة "الحمدين" على الصحافة، يغيب الصوت المعارض والمخالف لآرائه، ويتم تخوين المعارضين، والهجوم على المخالفين له في الرأي.
ومن أبرز تلك الوقائع، كان الهجوم على الشيخ جاسم بن ناصر آل ثاني، أحد أعضاء الأسرة الحاكمة في قطر، في يناير الماضي والذي أكد في تصريحات من داخل قطر أن حل أزمة بلاده في الرياض، وتحديدًا عند خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وهاجم الشيخ جاسم بن ناصر إعلام "الحمدين"، رافضا وصف الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بـ"دول الحصار؛ لأنهم أشقاء"، وهو ما قابله مغردون بحملة تأييد جاءت بعد هجوم شديد تعرض له من قبل إعلاميين موالين لتنظيم الحمدين والذباب الإلكتروني لعزمي بشارة مستشار أمير قطر، في أعقاب تصريحاته لفضائية "بي بي سي".
وأعاد مغردون بث مقاطع فيديو من لقاء آل ثاني، مؤكدين أن ما جاء فيها يعبر عنهم؛ حيث ظهر متحدثًا: "90% من الشعب والقيادات يريدون السلام ويريدون حل الأزمة، أعتقد أن الحل ليس مع المبعوث الأمريكي أو أي مبعوث آخر، الحل نحن نؤمل فيه على خادم الحرمين الشريفين ولا نزال نعتبر أن خادم الحرمين هو الأب الكبير للخليج ونحن نحترمه ونكنّ له كل تقدير واحترام".
كما انتقد تغطية إعلام تنظيم الحمدين للأزمة، معربا عن رفضه لوصف الدول الراعية لمحاربة الإرهاب بـ"دول الحصار"، مفضلا وصف "الأشقاء".
اعتقال الصحفيين
وفي وقت تتشدق فيه قطر بأنها تدعم الحرية الإعلامية، ولم تترك دولة عربية أو أجنبية إلا وتدخلت في شؤونها، لم يتسع صدر الحكومة القطرية لصحفيين أجانب حاولوا نقل الحقيقة بعيدا عن الجولات المعدة من قبل الحكومة، فقامت باعتقالهم، ولم تمنحهم الحرية الصحفية في ممارسة عملهم.
وفي محاولة منها لتبييض صورتها أمام الرأي العام العالمي، دعت قطر صحفيين غربيين ليروا بأنفسهم كيف حسّنت الحكومة ظروف عيش العمالة المختصة بأعمال الإنشاءات الخاصة بـ"مونديال 2022"، في مايو/أيار 2015.
لكن عندما حاول مراسل "بي بي سي" مارك لوبيل الابتعاد عن رجال الأمن القطريين ليتحقق بنفسه من صحة هذه الادعاءات، تمّ اعتقاله مع فريق العمل، وأمضوا جميعهم يومين في السجن.
يقول مارك: "لقد حرموني خلال فترة الاعتقال والاستجواب حتى من فرصة إجراء مكالمة هاتفية لاطلاع عائلتي وأقاربي على مكان وجودي، لقد احتجزتني الحكومة القطرية من دون أن أرتكب أي ذنب فقط لأنني أريد تطبيق العدالة لا أكثر".
ولا يعتبر اعتقال فريق "بي بي سي" البريطانية هو المرة الأولى التي تحدث في الدوحة، فقد سبق أن اعتقلت السلطات القطرية الصحفي الألماني فلوريان باور وفريق عمله لمدة 5 أيام، في مارس/آذار من العام نفسه؛ بسبب تغطيته لمساكن العمالة الأجنبية، ونقده للحالة المأساوية التي تعيشها العمالة في الدوحة.