فعاليات قطر الثقافية بأوروبا.. اختراق ممنهج لنشر التطرف
مراقبون حذروا من مخطط قطري لاختراق الغرب لا سيما شمال أوروبا، عبر تمويلات مشبوهة لفعاليات ثقافية ومراكز تعليمية
بعد نحو أسبوعين من تنظيمها لمعرض كتاب رقمي في السويد شمال أوروبا، تعتزم قطر تنظيم معرض آخر 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري في الدنمارك.
وتنشط قطر بإقامة تلك الفعاليات الثقافية المتواصلة بالتزامن مع تمويلها مراكز إسلامية ومؤسسات تعليمية في الغرب.
وحذر مراقبون من مخطط قطري لاختراق الغرب، ولا سيما شمال أوروبا، ثقافيا عبر تمويلات مشبوهة لتلك الفعاليات الثقافية والمراكز الإسلامية والتعليمية، لنشر أفكار الجماعات الإرهابية التي تدعمها، وعلى رأسها تنظيم الإخوان.
تلك التحذيرات تزايدت خلال الفترة الماضية مع صدور تقارير تكشف قيام النظام القطري بترويج أفكار هي "الأسوأ" عالميا في بث الكراهية، وتقديم تمويلات مشبوهة لمؤسسات تعليمية ومراكز إسلامية لنشر الأفكار المتطرفة.
فعاليات مشبوهة
وعلى مدار 15 يوما عقد معرض الكتاب العربي الرقمي في أوروبا 2020، بالتعاون بين دار لوسيل القطرية للنشر والتوزيع وشركة سويدية.
وشارك في التنظيم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الذي يرأسه عضو الكنيست الإسرائيلي السابق عزمي بشارة، ومركز الجزيرة للدراسات، وكلاهما معروف دوره في إثارة الفتنة والفوضى والترويج لأهداف قطر المشبوهة.
وصاحب المعرض أكثر من 30 ندوة ثقافية بمعدل ندوتين يوميًّا على مدار أيام المعرض الـ15.
ويمكن إدراك خطورة ما قد يتم ترويجه خلال تلك الفعاليات، إذا عرفنا أن أحد من شارك في تلك الفعاليات الثقافية الرقمية هو جاسم سلطان مؤسس "أكاديمية التغيير"، التي تعد أبرز مصادر القوى الناعمة التي توظفها الدوحة لإثارة الفوضى في المنطقة العربية، كما أن كتبه هي الكتب الأكثر مبيعا والتي تروجها دار لوسيل المنظمة للمؤتمر.
وسبق أن كشف متدربون في تلك الأكاديمية أنه كان يتم تدريبهم على إثارة الفوضى وإسقاط الأنظمة في بلدانهم.
وبحسب منظمي المعرض فإن عدد الجمهور الذي تفاعل مع المعرض الافتراضي هو 412 ألف متابع في العالم، جلّهم من الجاليات العربية في البلدان الأوروبية، وهو رقم كبير وخطير، يكشف مخاطر تنظيم مثل تلك الفعاليات المدعومة من قطر.
الدنمارك.. مخاوف متزايدة
وأعلن المنظمون مشاركتهم في الإعداد لمعرض كوبنهاجن للكتاب العربي في الدنمارك خلال الفترة من 5 ولغاية 20 أكتوبر الجاري، وهو ما يثير تساؤلات حول تركيز قطر تلك الفعاليات في شمال أوروبا، والأهداف المشبوهة من وراء ذلك.
وأتى تنظيم المعرض الجديد بعد نحو شهرين من تحذيرات متنامية في الدنمارك من استغلال قطر تمويلها المساجد والمراكز الثقافية والإسلامية لنشر الإسلام السياسي والتطرف.
وذكرت صحيفة Berlinske الدنماركية، في يونيو/حزيران الماضي، أن قطر وضعت يدها على "مركز حمد بن خليفة الحضاري" الذي يضم المسجد الكبير ومركزا ثقافيا في العاصمة كوبنهاجن، بعد أن رفعت تمثيلها في مجلس إدارة صندوق كوبنهاجن، الذي يدير المركز.
ووفق الصحيفة، فإن هناك غضبا وانتقادات في الأوساط الدنماركية بعد سيطرة قطر على المركز، ومخاوف من استغلاله في الترويج لأجندة متطرفة، وفكر الإخوان الإرهابي.
وخلال الأشهر الماضية، لاحق المركز الذي يتلقى تبرعات تبلغ 34 مليون دولار أمريكي من قطر سنويا منذ افتتاحه عام 2014، اتهامات بالتطرف.
وبعد أن تفجرت قضية التبرعات القطرية الكبيرة للمركز لأول مرة في فبراير/شباط الماضي، نشب جدلا سياسيا كبيرا في الدنمارك حول هذه الأموال وأهدافها.
قطر وبث الكراهية
وتنظيم الفعاليات الثقافية القطرية الأخيرة في شمال أوروبا تزامن مع تحذير منظمات غير حقوقية أمريكية من أن النظام القطري يروج أفكارا هي "الأسوأ" عالميا في بث الكراهية، والتحريض على معاداة السامية وكراهية اليهود في نصوص المناهج الدراسية.
وجاء ذلك في دراسة شاملة حول المناهج الدراسية الرسمية في قطر، فيما يتعلق بموضوعات السلام والتسامح، أصدرها قبل أيام "معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي" (IMPACT-se)، بالتعاون مع "رابطة مكافحة التشهير (ADL) ومقرها واشنطن.
وفي مقال رأي مشترك نشره موقع "نيوزويك" الأمريكي، قال ماركوس شيف الرئيس التنفيذي للمعهد، وديفيد أندرو واينبرج مدير الشؤون الدولية في الرابطة، إن الدراسة أظهرت أدلة جديدة مثيرة للقلق على أن قطر تواصل تعليم الأفكار المعادية للسامية وتقديم صور مفعمة بالكراهية لليهود في مناهجها الدراسية.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن الكتب المدرسية في قطر تضاهي الكتب التي تصدرها إيران باعتبارها الأسوأ في المنطقة، وربما العالم، فيما يتعلق بمعاداة السامية وأشكال أخرى من الكراهية التي تنشرها السلطات.
بدورها اتهمت الخارجية الأمريكية قطر بتأجيج العنف والطائفية عبر إعلامها المرئي والمسموع، مؤكدة أن الدوحة تقاعست عن القيام بواجبها للحد من الخطاب العنيف والعدائي.
وقالت الخارجية الأمريكية، في تقرير لها حول الإرهاب، نشر 24 يونيو/حزيران الماضي، إنه تم رصد محتوى إعلامي قطري يحض على التفرقة والطائفية والعنف والعدوانية.
وأكد التقرير أن الدوحة لم تبذل الجهد الكافي للقضاء على العنف والتفرقة الطائفية، سواء في وسائل الإعلام القطرية أو الممولة من تنظيم الحمدين.
استهدف المؤسسات التعليمية
وتواصلت ردود الفعل الغاضبة تجاه التمدد القطري حيث حذرت منظمة أمريكية من أن نظام الدوحة يقدم "تمويلات مشبوهة" بمئات الملايين من الدولارات للمدارس والجامعات الأمريكية من أجل كسب النفوذ، وترويج التطرف والكراهية.
وقالت منظمة "أمريكيون من أجل السلام والتسامح"، منظمة غير ربحية مقرها بوسطن، إن إمارة قطر تستخدم ثروتها الهائلة لترويج نموذج متطرف من الإسلام في جميع أنحاء العالم.
وأشارت إلى أن دولة قطر راعٍ رئيسي للإرهاب العالمي، حيث قدمت التمويل لتنظيمات "القاعدة"، و"داعش" و"حماس" و"الإخوان".
ولفتت إلى أن قطر هي أيضا مروج رئيسي لكراهية اليهود، حيث تنشط في توزيع المواد التعليمية المعادية للسامية في العالمين العربي والإسلامي، بما في ذلك الرسوم الكرتونية التي تهدف إلى تحريض الأطفال على الشعب اليهودي.
وكشفت صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، أن باريس فتحت تحقيقا في أموال مشبوهة لمؤسسة تعليمية تديرها إحدى تنظيمات الإخوان المسلمين في فرنسا، والتي تتلقى تمويلا من قطر والمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية (IESH) في سان دوني، في الضواحي الشمالية لباريس.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي تتهم فيها قطر بتمويل قضايا مشبوهة لتنظيم الإخوان المسلمين في أوروبا وفرنسا على وجه الخصوص.
واتهمت نخب فرنسية في فبراير شباط الماضي دولة قطر بتمويل مراكز ومؤسسات مشبوهة، تخدم الإسلام السياسي في البلاد، فيما طالب مشرعون فرنسيون الحكومة، بحظر تنظيم "الإخوان" والتدقيق أكثر في مسار الأموال الأجنبية.
وأشارت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي ناتالي غوليه إلى أن مركز دراسات وأبحاث يعرف بتمويله من الدوحة، نظم مؤخرا عددا من الاجتماعات، التي أثارت جدلا واسعا.
وطرحت غوليه سؤالا، أمام مجلس الشيوخ، بشأن الأموال القطرية السخية المشبوهة، التي باتت حسب قولها "تشكل صداعا في رأس الفرنسيين".
وحذرت نخب فرنسية مرارا وتكرارا، من عواقب غض الطرف عن أموال قطر، التي تتدفق إلى الشارع السياسي الفرنسي، لاختراق دوائر صنع القرار.
وقطر بذلك، وفق المتوجسين، توفر الملاذ الآمن في أوروبا، لتيار تطلق عليه فرنسا "الانفصالية الإسلاموية".
وفي أبريل/نيسان 2019، كشف كتاب يحمل اسم "أوراق قطر"، عن التمويل القطري للإرهاب في أوروبا، عبر مؤسسة "قطر الخيرية"، التي تبث سمومها تحت ستار المساعدات الإنسانية وتمول بناء مساجد ومراكز ومؤسسات تابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي.
ووصف الصحفيان الاستقصائيان، كريستيان شينو، وجورج مالبرنو، في كتابهما "قطر الخيرية" بـ"المؤسسة الأقوى في تلك الإمارة الصغيرة"، مؤكدين أنها تمكنت من "التوغل في 6 دول أوروبية أبرزها فرنسا، وإيطاليا، وسويسرا"، كما حذرا من خطورة هذا التمويل.
ورسم كتاب "أوراق قطر" المؤلف من 295 صفحة خرائط توضيحية لمحاولة الدوحة بث التطرف في أوروبا، كما كشف للمرة الأولى، تفاصيل أكثر من 140 مشروعاً لتمويل المساجد والمدارس والمراكز، لصالح الجمعيات المرتبطة بتنظيم الإخوان الإرهابي.
ناقوس خطر
التحذيرات المتنامية التي تصدر من تقارير إعلامية وحقوقية ورسمية بشأن دعم قطر للتطرف وحضها على الكراهية والتقارير الأوروبية المتتالية التي تكشف النقاب عن تمويلات قطرية لقوى التطرف والإرهاب في أوروبا، ودور منظماتها الخيرية المشبوه في دعم الإرهابيين، تدق ناقوس الخطر حول أهداف الفعاليات الثقافية التي تقيمها قطر في شمال أوروبا خلال الفترة الحالية.
ويرى مراقبون أنه بات ضروريا تشديد الرقابة على الكتب التي يتم ترويجها داخل المعارض المدعومة من الدوحة، والفعاليات الثقافية التي تقام بها والمشاركين فيها.
aXA6IDMuMTQ1LjkyLjk4IA== جزيرة ام اند امز