لو أن الأمر يخص نظام الحمدين فقط، لكان هيّناً،
عقد "مركز الإمارات للسياسات"، يوم أمس، حلقة نقاشية عن الأزمة القطرية تحت عنوان: "عام على المكابرة قراءة استراتيجية في مخرجات المقاطعة"، موضوع الحلقة دار حول أهمية مراجعة النظام القطري لسياسته الخارجية القائمة على دعم الفوضى السياسية في المنطقة وتهديد الاستقرار العالمي.
أصبحت تلك المراجعة في غاية الأهمية، لأن التضييق على نظام قطر دولياً بات ملحوظاً، سواءً بعد إقالة وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون، أو بعد قرار الرئيس دونالد ترامب بنقض الاتفاقية النووية مع إيران، حليف نظام الحمدين الاستراتيجي والوحيد في دعم الإرهاب والتطرف في العالم، خاصة بعد تقارب واشنطن مع بيونج يانج.
ما ينبغي أن يدركه نظام الحمدين أن استراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة تعمل على تطويق إيران وإنهاء سلوكها الذي يهدد استقرار العالم، وهو الأمر الذي يحتاج من قطر وغيرها تحديد موقفهم من الاتفاقية النووية، ومغادرة ما يعرف سياسياً المنطقة "الضبابية" أو الرمادية.
ولو أن الأمر يخص نظام الحمدين فقط، لكان هيّناً، إلا أن عناد هذا النظام ومكابرته تحول إلى ظاهرة تقلق استقرار الأمن الدولي بعدما صار يموّل المليشيات الإيرانية وغيرها، حيث كشفت عن ذلك صحيفة التليجراف البريطانية مؤخراً.
فالأمر إذاً بات يزعج حتى من هم خارج الإقليم الخليجي والعالم العربي، فدعم التنظيمات المحسوبة على النظام الإيراني هو واحد من مصادر تهديد الاستقرار الدولي، لاسيما بعدما انتقلت "عدوى تمويل الإرهاب" لتصل إلى أماكن أخرى في العالم مثل الصومال وجزيرة سوقطرى.
ومع ذلك، ليست هناك مؤشرات يطمئن عليها المراقب للأزمة القطرية، فمنذ يومين فقط، وفي سلوك مثير للدهشة وقّع النظام القطري اتفاقيات اقتصادية مع النظام الإيراني الذي يواجه هو الآخر أزمة سياسية مع المجتمع الدولي، وكأن نظام الحمدين لم يكفه أن تقتصر أزمته مع دول المنطقة؛ وإنما يسعى من خلال "مكابرته" ليدخل المجتمع الدولي فيها.
ما ينبغي أن يدركه نظام الحمدين أن استراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة تعمل على تطويق إيران وإنهاء سلوكها الذي يهدد استقرار العالم، وهو الأمر الذي يحتاج من قطر وغيرها تحديد موقفهم من الاتفاقية النووية ومغادرة ما يعرف سياسياً المنطقة "الضبابية" أو الرمادية.
بلا شك أن القادم لوضع النظام القطري سيكون أسوأ إذا لم تترك اللعبة الإيرانية المعروفة في الاستفادة من الأموال التي تأتيها من مبيعات الغاز لتمويل الإرهاب، لأن الخطوة الأولى لإدارة ترامب كانت في التأكيد على أهمية قطع علاقتها مع إيران ووقف دعم الإرهاب، وهو أمر يزيد من تأزيمها خاصة أن مجال حركة قطر لم تعد سهلة بعد سلسلة الهزائم التي يتلقاها الحوثي في اليمن.
عندما يزيد السخط السياسي والشكوى من ممارسات أي نظام، ويتواتر الحديث عن تمويلات قطر للإرهاب والتطرف في العالم، فإن توقف النظام القطري أمام ما يجري يصبح واجباً، وتصبح مراجعة المسار السياسي فرضاً ولا يحتاج المزيد من العناد ولتكن سياسة نظام الملالي درساً يحتاج لمن يفهمه.
على كل، فحين تتفق الدول الإقليمية على أن النظام القطري يدعم الإرهاب والتطرف بحقائق وتتبعها دولة كبرى في العالم، والعديد من المنظمات الدولية، فإن أفق مستقبل الدولة بفعل سياسات نظامها يكون غامضاً، وتكون مساعيه لإقناع السياسة الدولية غير مجدية في تخفيف التبعات الدولية لها، فأقلها تكون حليفاً غير مضمون في الاستراتيجية الجديدة للدول الباحثة عن الاستقرار في المنطقة والعالم.
يخشى ما يخشاه الخليجيون هو تصنيف النظام القطري ضمن الدول "المارقة" مع إيران بعدما خرجت كوريا الشمالية منه، خصوصاً وأن هذا النظام بات يحمل نفس صفات سياسة نظام الملالي: دعم المليشيات الطائفية في المنطقة، وكذلك التنظيمات الإرهابية ذات العلاقة بالإسلام السياسي، إضافة إلى سياسة "العناد" والمكابرة فكانت النتيجة أن غضب الشعب وفقد ثقة العالم وبالتالي زاد التضيق.
الشيء المهم أنه منذ بداية الأزمة، كانت الرسائل الخليجية والعربية للنظام القطري تدعو إلى التحذير والتنبيه من عواقب سياسة دعم التطرف والإرهاب، والتأكيد أن المراجعة في تلك السياسية لا تعني تنازلاً سيادياً بقدر ما أنها مكابرة وتعنت، إلا أن تلك الرسائل للأسف لم تجد من يستلمها أو يحاسب نظام الحمدين على تجاهلها!!
أختم أنه لم يعد هناك بديل لدى صنّاع القرار القطري عن إعادة التفكير والمراجعة، فالنظام تحرك كثيراً ودفع كثيراً أيضاً لكن لم يخرج من "المأزق" الذي وضع نفسه فيه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة