قبيلة الغفران القطرية.. قصة 22 عاماً من انتهاكات "الحمدين"
وفد أبناء قبيلة الغفران عرضوا في جنيف الانتهاكات الممنهجة التي مارستها ضدهم السلطات القطرية منذ عام 1996 وحتى الوقت الحاضر.
عقد عدد من أبناء قبيلة الغفران مؤتمرا صحفيا في نادي الصحافة السويسري بجنيف، لاستعراض نتائج تحركاتهم في الدورة الـ٣٩ لمجلس حقوق الإنسان، تحدثوا خلالها عن الانتهاكات الممنهجة التي مارستها ضدهم السلطات القطرية منذ عام 1996 وحتى الوقت الحاضر.
وتحدث أبناء القبيلة، خلال شهاداتهم في المؤتمر الصحفي، عن الانتهاكات التي قام بها النظام القطري ضدهم، بدءا من طردهم من أعمالهم وطرد أطفالهم من المدارس وحرمانهم من التعليم، مرورا بمنعهم من ممارسة حقوقهم المدنية والحصول على تعليم أو رعاية صحية، انتهاء بإسقاط الجنسية عن كل أبناء القبيلة البالغ عددهم 6 آلاف نسمة وطردهم قسريا خارج البلاد.
شهادات عن انتهاكات غير مسبوقة
ومن بين الحاضرين في المؤتمر، جابر صالح الغفراني، وهو من أحد قيادات القبيلة المُسقطة عنها الجنسية، حيث أكد في شهادته أن أحدا لم يسلم من الظلم الذي أوقعته السلطات القطرية على أبناء قبيلته، وتضمنت الانتهاكات ضدهم منعهم من كل سُبل العناية الصحية والتعليم والعيش الكريم، بداية من عام 1996 عندما تم القبض على 21 ضابطا من أبناء القبيلة، بتهمة المشاركة في عدد من المحاولات لاسترجاع شرعية الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني بعد الانقلاب الشهير الذي قام به والد تميم الشيخ حمد بن خليفة.
وأوضح جابر أنه على الرغم من أن قبيلة الغفران لم تكن وحدها في هذه المحاولات، فإن النظام القطري أفرج عن أكثر من 100 شخص من قبائل وخلفيات أخرى، وبقيت القبيلة تعاني وحدها من عدد كبير من انتهاكات حقوق الإنسان والمرأة والطفل.
وأشار جابر إلى أن "ما فعلته السلطات القطرية بحق أبناء قبيلة الغفران هو أمر لم نشهده من قبل، ولم نسمع عن حدوثه في أي بلد في العالم".
وفي شهادة أخرى، قال حمد خالد الغفراني، إنه اضطر إلى مغادرة بلده قطر، وهو في التاسعة من عمره، ومنذ ذلك الوقت وهو يعيش بالإمارات غير قادر على العودة إلى بلاده مرة أخرى .
وأضاف حمد قائلاً: "لم يخبرنا أحد لماذا أجبرونا على ترك بلادنا، ولم يساعدنا أحد، رغم أننا نخبر الجميع عما نتعرض له".
أما جابر حمد العرق، فقد شرح كيف أجبرته السلطات القطرية على ترك بلاده بعد أن طردته من عمله بشركة قطر للبترول عام 2003، فقط لأنه كان ينتمي إلى قبيلة الغفران.
وأكد عدد آخر من القبيلة في شهاداتهم أن كل أبناء القبيلة كانوا يعانون على مدار السنوات الأخيرة أيا كان القرار الذي اتخذوه، سواء بالبقاء في قطر أو مغادرتها، وأشاروا: "كلنا عانينا من التهجير والفصل وإسقاط الجنسية وحتى الاعتقال والتعذيب".
ومن بين المشاركين في المؤتمر الذين أدلوا بشهاداتهم ضد الظلم القطري، عبدالهادي المري، ومحمد بن هادي المري، وجابر راشد المري، والطفل محمد المري، الذي أكد أن جنسيته أسقطت عنه بينما لم يبلغ عمره عاما واحدا .
المنظمة المصرية وحقوق أبناء "الغفران"
تبنت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان قضية قبيلة "الغفران" منذ سبتمبر/أيلول 2017، وتوجهت معها إلى مكتب المفوضة الأممية، لتصعيد شكواها، في محاولة للحصول على حقوقها التي سلبتها منها الحكومة القطرية.
وأشار مدير المنظمة الدكتور حافظ أبوسعدة، في تصريحات صحفية، إلى أن قرار تبني القضية جاء نتيجة لعدة أسباب؛ من بينها "تجاهل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للقضية، بالإضافة إلى إيمان المنظمة بمبادئ حقوق الإنسان وضرورة ترسيخها في المنطقة العربية".
وفي مبادرة لتولي قضية أبناء الغفران والمطالبة بحقوقهم دوليا، تقدمت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بمذكرة بشأن الانتهاكات القطرية للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وطالبت فيها بعدد من المطالب البسيطة والمشروعة لاستعادة حقوقهم .
وجاءت المطالب في نص المذكرة كالتالي: تعرضت قبيلة "الغفران" لسلسلة من الانتهاكات الفظيعة من قبل الدولة القطرية. لقد انتهكت السلطات القطرية عددا من الحقوق الأساسية والصكوك الدولية لحقوق الإنسان بشكل صارخ، بما يتعارض مع التزاماتها الدولية ومسؤولياتها الأخلاقية كدولة.
قررت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تبني قضية "الغفران" للتعريف بقضيتها العادلة ومساعدتها في استعادة حقوقها المسروقة.
تسرد المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في هذا التقرير عدداً من الانتهاكات الكبرى للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ارتكبتها الدولة القطرية ضد الآلاف من أفراد قبيلة الغفران .
الحق في الجنسية والتهجير القسري
مارست الحكومة القطرية منذ عام 1996 شكلاً من أشكال العقاب الجماعي ضد قبيلة "الغفران"، بسبب الدعم الذي قدمه بعض أعضائها إلى الأمير خليفة آل ثاني عندما أطاح به ابنه وخليفته حمد بن خليفة من العرش.
وينطوي العقاب الجماعي على إلغاء جنسيات 800 عائلة (أكثر من 6 آلاف شخص). وقد حُرموا جميعهم من حقوق المواطنة وتمت مصادرة ممتلكاتهم .
إن مثل هذا النوع من الحرمان التعسفي من حقوق الجنسية والمواطنة لا يمكن أن يظل قائماً، لأن الآلاف من "الغفران" لا يزالون عديمي الجنسية داخل قطر وفي الدول المجاورة في منطقة الخليج. كما أنه لا يمكن اعتباره سوى عملية تهجير قسري منهجي.
انتهاكات اتفاقية حقوق الطفل
لقد حرمت دولة قطر، التي هي طرف في اتفاقية حقوق الطفل، الآلاف من أطفال "الغفران" من الحق في الهوية والجنسية التي نصت عليها المادة 8 من الاتفاقية.
إن إلغاء قطر جنسيات أبناء "الغفران" يشكل خرقاً لالتزامهم بالمعاهدة، ويجب أن يتم الإبلاغ عنها وتوثيقها من قبل لجنة الاتفاقية حتى يمكن اتخاذ إجراء.
وكانت قبيلة الغفران قد تقدمت بشكوى رسمية إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، صباح الإثنين 17 سبتمبر/أيلول الماضي، بالمقر الرسمي بجنيف .
وطالب أبناء القبيلة في شكواهم، بضرورة إيقاف انتهاكات نظام تميم في قطر ضد القبيلة وكل أبناءها في قطر، مشددين على أنهم منذ عام 1996 وحتى الآن يتعرضون بشكل همجي إلى أسوأ وأبشع جرائم التمييز العنصري والتهجير القسري والمنع من العودة إلى وطنهم والسجن وأعمال التعذيب التي أدت إلى الأمراض النفسية والوفاة داخل سجون الاستخبارات القطرية.
كما ناشد أبناء القبيلة القطرية المفوضة السامية للأمم المتحدة في شكواهم بالوقوف معهم للحصول على حقوقهم، والدفاع عنهم أمام الجرائم التي مارسها النظام ضدهم، معربين عن أملهم في أن يُسفر تدخل الأمم المتحدة في القضية عن تحقيق العدالة الإنسانية على أرض الواقع، خاصة بعد استعراض المعلومات الحقيقية في القضية بدلاً من تزوير الأدلة وتغييب الحقائق التي تتعمد الحكومة القطرية ممارستها، والتي تعوق حصول القبيلة على حقوقهم التي حرموا منها بسبب ظلم السلطة القطرية.
aXA6IDE4LjIyNi4yMjYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز