مقاطعة الدول الأربع كانت ردة فعل يجب أن يتوقعها القطريون جراء مغامراتهم غير المحسوبة جيدا،
يبدو أن الدبلوماسيين القطريين، وبالذات غير المجنسين، قد طفح بهم الكيل من مواقف حكومة بلادهم الصغيرة المساند لجماعة الإخوان، ومكابرتهم غير المبررة، في الوقوف مع هذه الجماعة المُصنفة من قبل أغلب دول الجوار بأنها (حركة محض إرهابية)، تؤمن بالعنف والاغتيالات السياسية لمناوئيها كما يقول تاريخها الثابت والمدون.
فها هو واحد من أحرار قطر، وشاب من شبابها الدبلوماسيين الغيورين، يتمرد على توجه دعم حكومته للإخوان، وينأى بنفسه عن مناصرتهم، ويعلن على رؤوس الأشهاد أنه ضد جماعة الإخوان، بل ومناوئ لجميع حركات الإسلام السياسي.
اسم هذا الشاب القطري الشجاع «خاطر الخاطر» ويشغل منصب (السكرتير الأول للسفارة القطرية في فرنسا) وكنت أنتظر مثل هذا الموقف الأبي كما كان يفعل الأباة من دبلوماسيي العراق إبان عهد صدام، لأنني أعتقد جازماً أن القطريين الأصليين، خاصة من يعملون في السلك الدبلوماسي، هم أول من يشعرون بالحرج، وبالمواقف غير المبررة، بل والعبثية، التي يمارسها قادتهم في الدوحة. السياسي الحصيف إذا ما راهن على قضية ما ولم تنجح رهاناته، فإنه يتراجع على الفور، ويعترف بخطئه، بل إن كثيراً من الوطنيين الأجانب وليس العرب للأسف ربما ينتحرون، وينهون حياتهم، اعترافاً منهم بالمسؤولية، وخوفاً من أن يمتد الضرر إلى شعبه الذي يمثله.
ها هو واحد من أحرار قطر، وشاب من شبابها الدبلوماسيين الغيورين، يتمرد على توجه دعم حكومته للإخوان، وينأى بنفسه عن مناصرتهم، ويعلن على رؤوس الأشهاد أنه ضد جماعة الإخوان، بل ومناوئ لجميع حركات الإسلام السياسي. اسم هذا الشاب القطري الشجاع «خاطر الخاطر».
مقاطعة الدول الأربع كانت ردة فعل يجب أن يتوقعها القطريون جراء مغامراتهم غير المحسوبة جيداً، بل والمجنونة، في نصرة حركة متأسلمة ماضوية، تُظهر ولا تخفي أن هدفها النهائي إنشاء (دولة الخلافة) على أنقاض الدول العربية والاسلامية، من جاكرتا وحتى المغرب العربي، ومثل هذه الحركة الأممية الشاملة، التي لا تقف عند حدود ولا وطن، لا بد وأن تناوئها كل الدول العربية والإسلامية، فهم لا يعترفون في أدبياتهم بالوطن أي وطن، فالأوطان في قواميسهم ضرب من ضروب الأوثان، فقد روي عن سيد قطب الذي يعتبرونه واحداً من أهم منظريهم الثوريين قوله (وما الوطن إلا حفنة من تراب).
وأي دبلوماسي حصيف، وموضوعي، لا بد وأن يدرك حقيقة تحدي العالم والإصرار على التحالف مع هذه الحركة الإرهابية، كلفت، ولا تزال تكلف قطر، على كل المستويات، كثيراً من الخسائر غير المبررة، وأن من المصلحة، والموضوعية والعقلانية، فك الارتباط بهذه الجماعة بعد هزيمتها المدوية في الربيع العربي، والالتفات إلى مصلحة الإنسان القطري، الذي كلفه التحالف مع الإخوان الأخضر واليابس، ومازالوا يصرون على نصرة حركة خرجت كل المنظمات الإرهابية من تحت عباءتها، ولفظتها الشعوب خاصة في عقر دارها مصر، والعالم إن عاجلاً أو آجلاً لا بد وأن يعتبرها حركة (إرهابية)، بل هي أم الإرهاب، والرحم الذي أنجب كل الحركات الإرهابية المتأسلمة على مختلف أنواعهم ومشاربهم.
ويبدو أن هذا الشاب القطري الأبي «خاطر الخاطر» نال قصب السبق، وليس لدي أدنى شك أنه سيخلّده التاريخ كأول مواطن قطري حر قال لسلطات بلاده بملء فمه: لا. وأنصح هذا الشاب أن لا يعود إلى الدوحة، حتى سقوط الحمدين، لأنه لو فعل فليس أقل من الاعتقال، فالدوحة الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، واسأل عشرات من القطريين الأحرار الذين هربوا إلينا في المملكة خوفاً من طيش وجنون النظام الحاكم هناك.. إلى اللقاء.
نقلا عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة