قطر والقاعدة.. تحالف إرهابي على جثث الأبرياء
قطر تدعم الإرهاب، عبر شبكة تمويل معقدة تتجاوز الدعم المباشر، إلى تأسيس مظلات لضخ هذه الأموال منها الفدية.
لم تكن الرسالة التي نشرتها صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، السبت، حول دعم قطر والتنظيمات الإرهابية في العراق، تحت مسمى"الفدية"، سوى تأكيد على ما نشرته وكالة أسوشيتد برس في 22 أبريل/نيسان 2017، بأن الدوحة دفعت نحو مليار دولار لجماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي.
وأكدت هذه الرسالة على رؤية عديد من المراقبين لدور قطر في دعم الإرهاب، عبر شبكة تمويل معقدة تتجاوز الدعم المباشر، إلى تأسيس مظلات لضخ هذه الأموال؛ والتي كان من بينها المشاهد الدرامية المتعلقة بدفع الفدى، إلى جانب المظلة الأشهر وهي الجمعيات الخيرية.
قطر والقاعدة.. علاقات تاريخية
"جبهة النصرة" امتداد تنظيم القاعدة، كانت مدخلا مناسبا لاستمرار مخطط قطر، في نشر الفوضى بالمنطقة، لاسيما وأن العلاقة بين الدوحة وهذا التنظيم الإرهابي ومؤسسه أسامة بن لادن، تاريخية كشفت عنها وثائق نشرتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في سبتمبر/ أيلول 2017.
ولم تكن هذه الوثائق فقط، كاشفة عن العلاقة التاريخية بين قطر والجماعات الإرهابية، بل جاء ذلك أيضاً باعتراف المسؤولين القطرين أنفسهم.
ففي الثاني من يوليو/ تموز عام 2017، اعترف محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير خارجية قطر، في أحد اللقاءات، بأن بلاده تدعم الإرهاب وتوجد في ذيل القائمة على حد تعبيره.
وأكد وزير خارجية الدوحة أمام وسائل الإعلام خلال مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة الإيطالية روما، أن قائمة الاتهامات التي وجهتها رباعي المقاطعة العربية، ومنها تمويل الإرهاب، لا ينطبق فقط على قطر بل أن هناك دول أخرى في المنطقة تقوم بهذا الدور.
"الفدى".. دراما تمويل الإرهاب
تحت عنوان: "قطر الصغيرة العدوانية.. هذا الصديق الذي يريد بنا شراً" للكاتبين الفرنسيين نيكولا بو وجاك ماري بورجيه، تم فضح العلاقة بين الدوحة و"جبهة النصرة " في سوريا المعلن عنها في 2011، بالتزامن مع "الربيع العربي".
الكتاب أورد العلاقة الوثيقة بين قطر وجبهة النصرة، ودراما دفع الفدى للإرهابيين للإفراج عن رهائن مفترضين في كل من سوريا والعراق، منذ عام 2014.
هذه الوقائع أكدها أيضاً جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي السابق لنائب الرئيس جو بايدن، وكشف عن وساطة الدوحة في أغسطس/آب 2014 لإطلاق سراح صحفي أمريكي يدعى بيتر ثيوكيرتس، كان محتجزا لأكثر من عامين لدى "جبهة النصرة"، فرع تنظيم "القاعدة" بسوريا.
في مايو/أيار 2017، توصلت قطر لاتفاق بين فصائل الغوطة، مستغلةً علاقتها بتنظيم القاعدة في سوريا، والذي عمل في السابق تحت مسمى "جبهة النصرة"، لكن الاتفاق سقط سريعا، بسبب عدم التزام الجماعات الإرهابية.
ويتوزع النفوذ القطري في غوطة دمشق بين فصيلي "فيلق الرحمن"، و"جيش الإسلام " مع وجودٍ لعناصر جبهة النصرة، وعمدت الدوحة بإيعاز من إيران على ما يبدو لحشد إرهابيي النصرة في الغوطة وسعت للتأثير على جيش الإسلام لإفشال هدنة القاهرة، التي عقدتها في يوليو/ تموز 2017، لتجنب توسع مناطق إقرار الهدنة في سوريا.
من التمويل المادي إلى السيطرة المباشرة
انتقل دعم قطر لجبهة النصرة، من الجانب المادي إلى السيطرة المباشرة، وذلك عبر القطري أبو محمد الجولاني، التي تم تعيينه قائدا عاما لهيئة تحرير الشام، التي ينضوي تحت رايتها "جبهة النصرة" وتنظيمات إرهابية أخرى، وهو تحالف يعد فرعا لتنظيم القاعدة تحديدا في سوريا.
وحتى تتمكن الدوحة من ضمان استمرار تقديم الدعم لـ"جبهة النصرة"، بعدما طالبها المجتمع الدولي بوقف الدعم المقدم لها لموالاتها زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، قاد مسؤولون في الدوحة جهودا لإقناع الجبهة بإعلان الانفصال عن القاعدة.
ونشرت وكالة رويترز في نهاية عام 2016 تسريبات عن لقاء سري جمع أمير قطر بالجولاني، حيث طالب تميم زعيم القاعدة في سوريا بالصمود خلال معركة حلب، عارضا دعم التنظيم الإرهابي بـ50 مليار دولار.
وسبق للولايات المتحدة أن أدرجت "جبهة النصرة" في قوائم "الإرهاب الأجنبي"، بموجب قانون الهجرة والجنسية، ثم اتهمتها بعد ذلك بأنها "كيان إرهاب عالمي".
الرباعي العربي يفضح إرهاب قطر
في 25 من يوليو / تموز عام 2017، أضافت الإمارات والمملكة العربية السعودية ومصر والبحرين، 9 كيانات و9 أفراد إلى قوائم الإرهاب المحظورة لديها، كان على رأسهم 3 قطريين أدوا دورا محوريا في تمويل جبهة النصرة الإرهابية في سوريا، وهم: خالد سعيد فضل راشد البوعينين، شقر جمعة خميس الشهواني وصالح أحمد الغانم.
وفي نوفمبر / تشرين الثاني2017، أضاف الرباعي العربي كيانين لقوائم الإرهاب، وهما: "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" والمجلس التنسيقي الإسلامي العالمي "مساع".
وجاء ضمن القائمة؛ عبدالعزيز العطية وهو قطري الجنسية وابن عم وزير خارجية قطر السابق خالد بن محمد العطية، وأدين في قضية تمويل إرهاب دولي أمام محكمة لبنانية، واعتقل هناك بطلب من المخابرات البريطانية والأمريكية، بعدما أعلن دعمه لأسامة بن لادن وجبهة النصرة، فضلا عن تغريدة له على "تويتر" يدعم فيها تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا.
وضمت القائمة أيضاً التي تم الإعلان عنها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي؛ القطري خليفة السبيعي، الذي أدرجته الأمم المتحدة في 2008 ضمن داعمي القاعدة، كما أدانته محكمة بحرينية بتمويل الإرهاب، نتيجة لعلاقته بخالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، والمعتقل في عام 2003، كما أنه متورط في تمويل التنظيمات الإرهابية بينها جبهة النصرة في سوريا.
في المقابل، هناك دلائل عديدة تشير إلى أن أمريكا في عهد أوباما كانت تعلم دور عبد الرحمن النعيمي، وهو الأكاديمي القطري الذي شغل مناصب رسمية في الدوحة، في تمويل تنظيم القاعدة بالعراق.
كما تم توثيق تحويل مالي بقيمة 250 ألف دولار أرسله عبدالرحمن النعيمي إلى حركة الشباب الصومالية في منتصف 2012.
ويرى خبراء أن "تواطؤ" الإدارة الأمريكية في عهد أوباما قاد المنطقة للفخ القطري لإثارة الفوضى في الشرق الأوسط؛ من أجل الدفع بتنظيمات موالية لها إلى الحكم، وهو كانت تظن أنه تحقق فعليا خلال عام 2012 قبل أن تتبدد أوهامها.
aXA6IDMuMTYuNzAuOTkg
جزيرة ام اند امز