في البداية كان الأمر يبدو وكأننا أمام فاصل من مسرحية هزلية، لكن عندما تأكدت الحقائق تحول الأمر إلى تعبير صادق عن أزمة النظام القطري.
في البداية كان الأمر يبدو وكأننا أمام فاصل من مسرحية هزلية، لكن عندما تأكدت الحقائق تحول الأمر إلى تعبير صادق عن أزمة النظام القطري، وقد وصل إلى مرحلة فقد فيها أي قدرة على أن يقرر شيئاً لنفسه بعد أن كان يتوهم أنه قادر على تحديد مسار الأحداث في المنطقة كلها كما توهم «حمد وحمد»، أو كما أراد له البعض أن يتوهم!! كان قد مضى يومان على قمم مكة التي كانت قطر حاضرة فيها «وإن كان حضوراً كالغياب» (!!) وكانت بيانات القمة قد أعلنت وعرفها العالم كله.
لو «تمعنت» قطر حقيقة في تصرفاتها على مدى ربع قرن من سياسات «حمد وحمد».. فهل ستجد أي مصلحة لشعب قطر الشقيق في أن تكون مقدرات بلاده في قبضة «الإخوان»، وأن تكون ثروات بلاده في خدمة مخططاتهم «ومعهم باقي الجماعات الإرهابية» لبث الخراب والدمار في المنطقة؟!
ولم تعترض قطر ولم تتحفظ، لكنها بعد يومين اكتشفت أنها لم «تتمعن» جيداً في البيانات الختامية، وأنها بعد يومين من «التمعن» اكتشفت -ويالهول ما اكتشفت- أن البيانين الختاميين لقمتي دول الخليج والدول العربية لا يتوافقان مع موقفها، ولذلك فهي تعلن أنها «تتحفظ» على البيانين، وتسحب موافقتها السابقة التي حدثت قبل أن «تتمعن»!!
كان هذا يعني أن على كل المؤسسات الإقليمية والدولية أن تضع في اعتبارها أن المسؤولين عن حكم قطر يحتاجون إلى «التمعن» قبل اتخاذ أي قرار وأن الحد الأدنى لهذا «التمعّن» من الناحية الشرعية هو يومان على الأقل، وأن على كل المؤسسات الدولية والإقليمية أن تضع قراراتها أمام المسؤولين عن حكم قطر قبل يومين من صدورها، وألا تأخذ بجدية أي موافقة لممثل قطر في أي اجتماعات حتى ولو كان في مقام رئاسة الوزراء. كما حدث في قمم مكة.
وكان هذا يعني -في حقيقة الأمر- أننا أمام «شبه دولة» وأن قرارها ليس بيدها، وأن هناك من لا يهمه هذه «المسخرة» التي ظهرت بها قطر بعد بيان «التمعن» و«التحفظ». بقدر ما يهمه أن «تتبرأ» قطر من الموافقة على إدانة العدوان الإيراني!!
ومع هذا كله، فدعونا نمضي مع «الحالة القطرية» حتى النهاية، فنسأل بصدق: لماذا لا تمضي قطر في طريق «التمعن» وتراجع كل مواقفها التي أوصلتها إلى ما هي فيه؟ وهل يمكن أن تتم حالة «التمعن» بعد ذلك بعيون قطرية، وليست بعيون إيرانية أو تركية أو إخوانية؟!
هل يمكن أن تمضي قطر في حالة «التمعن» فتدرك حجم الأذى الذي تسببت فيه سياساتها الخاطئة ومواقفها على مدى ربع قرن منذ انقلاب «حمد وحمد» الذي حولها إلى بؤرة للتآمر على الأشقاء وإلى مركز يجمع كل أعداء الخليج وكل الطامعين في الهيمنة على مصير العرب؟!
لو «تمعنت» قطر حقيقة في تصرفاتها على مدى ربع قرن من سياسات «حمد وحمد».. فهل ستجد أي مصلحة لشعب قطر الشقيق في أن تكون مقدرات بلاده في قبضة «الإخوان»، وأن تكون ثروات بلاده في خدمة مخططاتهم «ومعهم باقي الجماعات الإرهابية» لبث الخراب والدمار في المنطقة؟!
ولو «تمعنت» قطر حقيقة فيما أدت إليه تحالفاتها فهل تدرك حجم الخراب والدمار الذي تسببت فيه؟! هل تجد مبرراً لحجم الأموال التي أنفقتها لدعم الإرهاب وهو يدمر سوريا والعراق. كما اعترف حمد بن جاسم وكما كشفت الأموال المضبوطة في العراق؟! وهل ستقر بجريمة المشاركة الفعّالة في تدمير ليبيا وفي دعم مليشيات الإرهاب الإخواني الداعشي فيها حتى اليوم؟!
وهل يمكن لحالة «التمعن» أن تكشف سر الكراهية المريضة التي حملها تنظيم «حمد وحمد» الحاكم في قطر للشقيقة الكبرى مصر ولشعبها الذي لم يحمل يوماً إلا المحبة لكل الشعوب العربية؟! هذه الكراهية التي جعلت قطر شريكاً أساسياً لجماعة الإخوان وهي تختطف الثورة وتستولي على حكم مصر ثم تواصل دعم الإخوان وهي تقود الإرهاب الذي ما زال حتى اليوم يحصد أرواح أنبل أبناء مصر وهم يستأصلون بقاياه من أرض سيناء.
لو أن حالة «التمعن» تتم بعيون قطرية مخلصة لمصلحة قطر وشعبها لكان «التحفظ» الحقيقي هو على ربع قرن من جرائم «نظام حمد وحمد» في حق قطر والخليج العربي والإسلام. لكن المأساة أن «التمعن» عند حكام قطر الآن محكوم بإرادة لا تعبر عن شعب قطر الشقيق، ومرهون بتحالف اجتمعت فيه كل القوى المعادية للعروبة ولاستقرار الخليج والمنطقة.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة