خبراء: 20 مليون قطعة سلاح بيد الليبيين.. وقطر وتركيا وراء فوضى انتشاره
خبراء سياسيون اعتبروا انتهاء المرحلة الانتقالية والنزاع الحالي ومن ثم انتخاب رئيس للبلاد عوامل تسهل مهمة الجيش في جمع السلاح.
قال خبراء سياسيون إن ليبيا تنتشر فيها أكثر من 20 مليون قطعة سلاح تعتبر مصدر قلق للدولة التي تعاني اضطرابات أمنية وسياسية منذ نحو 8 سنوات يقف وراءها تركيا وقطر.
وأكدوا، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن الدوحة وأنقرة تلعبان دورا مزعزعا للاستقرار منذ سنوات في ليبيا عبر سفن الموت المحملة بالسلاح لدعم المليشيات، وإذكاء نيران قتال يحصد أرواح المدنيين.
- واشنطن: لن نتسامح مع المفسدين للعملية السياسية في ليبيا
- وزير الخارجية الفرنسي من طرابلس: الجيش الليبي يواجه الإرهاب في الجنوب
فمع سقوط نظام "معمر القذافي" في عام 2011 اتجهت الدولتان إلى تقديم كافة أوجه الدعم للتنظيمات الإرهابية، الممثلة في "حزب العدالة والبناء" (الذراع السياسية لتنظيم الإخوان الإرهابي) ومليشيات مدينة مصراتة أكبر داعم للإرهابيين في الغرب الليبي.
كما قدمتا دعماً لتحالف "فجر ليبيا" الإرهابية في مواجهة "عملية الكرامة" التي أطلقها الجيش الليبي في مايو/أيار 2014 بقيادة "خليفة حفتر"، وهو ما تسبب في توتر علاقاتهما مع الشرق الليبي واتهامهما بدعم "الإرهاب".
واعتبر خبراء سياسيون انتهاء المرحلة الانتقالية والنزاع الحالي ومن ثم انتخاب رئيس للبلاد عوامل تسهل مهمة الجيش في جمع السلاح الذي في يد المواطنين.
وليبيا التي بلغ عدد سكانها وفق إحصاءات 2016 نحو 6 ملايين نسمة قال خبراء إنه ينتشر بها نحو 20 مليون قطعة سلاح، ما يعني أن كل مواطن بيده أكثر من 3 قطع أسلحة، وهو معدل خطير عليها والبلدان المجاورة.
عقلانية القبائل
عبد المنعم بوصفيطة، رئيس المركز الاستراتيجي المختص في الشأن الإفريقي في ليبيا لـ"العين الإخبارية"، قال إن أفضل طريقة لجمع السلاح من يد الشعب الليبي هو وجود سلطة حقيقية بالبلاد لتوفير الأمن والأمان للمواطن البسيط.
وأشاد بوصفيطة بـ"عقلانية" القبائل الليبية والحكمة لحفظهم للأسلحة كدفاع عن النفس فقط لا غير في ظل غياب السلطة والقانون طيلة السنوات الثمانية الماضية، وذلك باستثناء المليشيات المؤدلجة من الخارج والداخل الليبي أيضا، وهؤلاء ليسوا محسوبين بالمعادلة.
وحذر رئيس المركز الاستراتيجي من خطورة انتشار أكثر من 20 مليون قطعة سلاح في ليبيا، لافتا إلى أن عواقبها وخيمة حتى على دول الجوار، كما رأينا من استخدام الأسلحة النارية من قبل المتطرفين ضد الأبرياء ببعض الدول الأوربية ونتائجها الصادمة.
وخلال الأيام الماضية، شهدت نيوزيلندا هجومًا إرهابيا على مسجدين أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، فيما أطلق مسلح النار على المارة في مدينة أوتريخت الهولندية ما أسفر عن قتلى وجرحى.
انتخاب رئيس
وأكد بوصفيطة أن المواطن الليبي يدرك خطورة انتشار الأسلحة في البلاد، وهو ما يدفعه للاحتفاظ بها أكثر من استخدامها بسبب عدم وجود سلطة للدولة.
وأشار إلى أنه حال انتهاء النزاع واستقرار الحدود البرية وتفعيل عمل القضاء وانتخاب حاكم للبلاد من الشعب، حينها يمكن للجيش حفظ الأمن، ومن ثم سيتحمس المواطنون على الاصطفاف أمام معسكرات الجيش الليبي لجمع السلاح بيد الدولة الحقيقية "وليس كما هو الحال اليوم".
المحلل السياسي الليبي، خالد الترجمان، قال إن آلية جمع السلاح في ليبيا منذ عام 2014 واحدة، وهي سيطرة الجيش الليبي على كافة المناطق والمدن الليبية.
وأضاف الترجمان، لـ"العين الإخبارية" أن الجيش يتعامل مع تلك الظاهرة إما بإذعان المسلحين بتسليم أسلحتهم طواعية كما حدث في سبها (جنوب) وأجدابيا (شرق)، وإما بالقوة كما حدث في بنغازي ودرنة (شرق) والهلال النفطي (شمال/تحتضن أكبر حقول البترول) بعد هزيمة المليشيات والاستيلاء على مخازن أسلحتهم.
وبالنسبة للسلاح الخفيف، قال الترجمان: يجب على جميع المواطنين الذين لديهم تلك الأسلحة أن يذهبوا لوزارة الداخلية لاستصدار التراخيص اللازمة لتلك الأسلحة، ومعرفة عددها، وفى حال عدم إصدار أي شخص للترخيص الخاص به يجب أن يتم التعامل معه بالقانون.
وحول دور القبائل في المساهمة لحل تلك الظاهرة، قال المحلل السياسي الليبي: "إن القبائل في مدن الجنوب والشرق رفعت الغطاء الاجتماعي عن كل من يحمل السلاح خارج إطار الدولة".
تركيا وقطر
وأشار إلى أن مدينة مصراتة (غرب) تمتلك ترسانة كبيرة للسلاح ويجب أن يتعامل معها الجيش بحزم وقوة، لأن معظم السلاح المنتشر هناك في أيدي عناصر تنتمي لتنظيمات إرهابية كداعش والقاعدة.
وأكد الترجمان أن قطر وتركيا وراء تفاقم تلك الظاهرة في الأراضي الليبية بسبب كميات الأسلحة الضخمة التي تهربها للمسلحين عبر طرق مختلفة.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ضبط الأمن الليبي في ميناء الخمس البحري الواقع بين طرابلس (العاصمة) ومصراتة (غرب)، حاويتين تضم كل منهما 40 قدمًا محملة بالأسلحة والذخيرة، كانت على متن سفينة قادمة من ميناء مرسين التركي، رغم أن الحمولة كانت تشير بياناتها إلى أنّها مواد بناء.
وقبلها بأسبوع، ضبطت الجمارك الليبية كذلك شحنة من الأسلحة التركية تتضمن مسدسات من طراز 9 ملم مع مئات الآلاف من طلقات الذخيرة الخاصة بهذه المسدسات، وهي تركية المنشأ ومُصنّعة من قبل شركة "zoraki" التركية للصناعات الحربية.
وأثارت الحادثة تنديدا واستنكارا واسعين، رافقتها مطالب بإدانة تركيا بتهمة خرقها قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بحظر بيع ونقل الأسلحة إلى ليبيا، وفتح تحقيق لمعرفة دورها في تأجيج الفوضى وتعطيل التسوية السياسية.
وسبق أن قرر مجلس الأمن الدولي عام 2011، حظرا بموجب القرار رقم 1970 على توريد الأسلحة إلى ليبيا، وأهاب بجميع الدول الأعضاء تفتيش السفن المتجهة إليها، ومصادرة كل ما يحظر توريده وإتلافه.
ومؤخرا، أكد قائد منطقة طبرق العسكرية ورئيس الغرفة الأمنية المشتركة (شرق)، اللواء هاشم بورقعة، إنه يجب جمع السلاح من المدنيين بأي شكل للحد من مظاهر إرهاب المواطنين والرصاص العشوائي والمحافظة على المظهر العام والجيد للمدينة.
وأعلن أنه سيتم مصادرة أي سيارة مدنية بها أي نوع من أنواع الأسلحة النارية كالمسدسات وبنادق الكلاشنكوف وغيرها.
وحث المسئول العسكري المواطنين في المدينة على ضرورة تسليم أسلحتهم للقوات المسلحة بشكل طوعي، مضيفا: "حمايتكم واجبة على القوات المسلحة، والسلاح يجب أن يكون في مكانه المناسب وليس في الشوارع".
ومطلع فبراير/شباط الماضي، أطلق بورقعة بالتعاون مع مديرية أمن طبرق حملة واسعة لإغلاق محال بيع الأسلحة والملابس العسكرية.
يأتي ذلك بالتوازي مع عملية عسكرية للجيش الوطني الليبي منذ منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، بهدف تأمين جنوب غربي البلاد من الإرهابيين وتشكيلات الجريمة المنظمة وعصابات المعارضة التشادية.
وأسفرت العملية عن نجاحات متتالية للجيش، حيث تمكن من تحرير مدن سبها وأوباري وغات ومرزق، فضلاً عن تأمين أبرز حقلين للنفط في ليبيا وهما حقلا "الشرارة" و"الفيل".
وفي ديسمبر/كانون أول 2013، أقرّ المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان المؤقت) قانونًا يحظر حمل الأسلحة وتخزين الذخائر والمفرقعات، كما أصدر قرارًا بحل كافة المليشيات المسلحة الخارجة عن سيطرة وزارتي الداخلية والدفاع، وكذلك كافة التشكيلات المسلحة شبه النظامية.