قطر بأسبوع.. العالم يكشف إرهاب "الحمدين" والعمال يفضحون انتهاكاته
فضائح دعم تنظيم الحمدين للإرهاب توالت تباعا خلال الأسبوع الماضي على الصعيد المحلي والعربي والدولي.
توالت فضائح دعم تنظيم الحمدين للإرهاب تباعاً، خلال الأسبوع الماضي، وكان أبرزها لقاء أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني مع أبرز المطلوبين على لائحة الإرهاب في موريتانيا، خلال زيارته رواندا، والكشف عن محاولات قطرية لجعل تونس جسراً لمرور الأسلحة والدعم للمليشيات الإرهابية في ليبيا.
- صحيفة: تمويلات قطرية مشبوهة لمشاريع تعليمية بألمانيا
- "أوراق قطر" يجبر الدوحة على وقف تمويل مؤسسة إخوانية في سويسرا
كما انتفضت أوروبا ضد تنظيم الحمدين، على إثر تداعيات ما كشفه كتاب "أوراق قطر" بشأن تمويله للإرهاب، كان من أبرزها مقاطعة مسلمي أوروبا مؤتمراً إخوانياً في فرنسا بعد فضائح تمويلات قطر.
وفي سويسرا أجبرت الحقائق التي كشفها الكتاب على وقف تمويل مؤسسة إخوانية في البلاد، فيما تعالت التحذيرات في ألمانيا من تمويلات قطرية مشبوهة لمشاريع تعليمية في البلاد.
وداخلياً، انتفض العمال الأجانب في قطر؛ احتجاجاً على سوء المعيشة وتأخر رواتبهم، لتكشف انتهاكات وجرائم تنظيم الحمدين بحقهم، فيما أظهر تراجع النظام القطري عن قراره بمنع استيراد البضائع المنتجة في دول المقاطعة، حجم التخبط والفزع الذي يعاني منه.
لقاء مع إرهابي
كانت أبرز أحداث الأسبوع الماضي، التي فضحت النظام القطري، ذلك اللقاء الحميمي في مطار "كيغالي" الرواندي، الثلاثاء الماضي، الذي جمع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني مع أبرز المطلوبين على لائحة الإرهاب في موريتانيا، المصطفى ولد الإمام الشافعي.
صور المصافحة بين تميم والموريتاني "ولد الشافعي" - الذي لا يحمل أي صفة رسمية في روندا- فضحت ما وصفها المراقبون بالتدخلات التخريبية القطرية ليس ضد موريتانيا فحسب بل في المنطقة بشكل شامل بدعمها للحركات الإرهابية والمليشيات الخارجة على القانون في الساحل الأفريقي.
وعرف عن المصطفى ولد الإمام الشافعي المطلوب للقضاء الموريتاني علاقاته مع بعض الجماعات الإرهابية التي تنشط في شمال مالي وفي منطقة الساحل مثل جماعة "عمر بلمختار"؛ وظفها في التفاوض حول تحرير رهائن كانت تلك الجماعات قد اختطفتهم لتفرج عنهم مقابل فديات مالية كبيرة.
وتعود تفاصيل إدانة الإرهابي الموريتاني إلى 29 ديسمبر/كانون الأول 2011، حين أصدر قاضي التحقيق المكلف بالإرهاب في نواكشوط، مذكرة اعتقال دولية بحق المصطفى ولد الإمام الشافعي، برفقة 3 أعضاء من تنظيم القاعدة الإرهابي، تتهمهم السلطات الموريتانية بالضلوع في عمليات إرهابية وتهديد أمنها واستقرارها الداخلي.
وآنذاك، اتهم تقرير النيابة الموريتانية، ولد الإمام الشافعي بتمويل الإرهاب والتخابر لصالح الجماعات الإرهابية الناشطة بمنطقة الساحل الأفريقي الغربي والصحراء الكبرى، وبتوفير الدعم المالي واللوجستي لها، لضرب أمن واستقرار البلاد.
وسيطرت حالة من الاستياء في الشارع الموريتاني بعد استقبال أمير قطر للإرهابي الموريتاني، واعتبر كتّاب ومحللون موريتانيون أن هذا الاستقبال يكشف عن دور النظام القطري في دعم الإرهاب وعدم الاستقرار بالمنطقة.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني محفوظ الجيلاني، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن هذا الاستقبال المثير للجدل يأتي في سياق "لعبة مكشوفة من التآمر القطري والتخريب والتواصل مع الجماعات والأشخاص المطاردين، لتحقيق غايات وأهداف تخص أجندات هذه الإمارة المعزولة عربياً".
واعتبر أن هذا اللقاء بين تميم والشافعي يعيد إلى الأذهان أسباب قطع موريتانيا لعلاقتها عام 2017 مع الدوحة، وهو اكتشافها لسياسات التآمر القطرية ودعمها الحركات الإرهابية في المنطقة، وامتلاك نواكشوط الأدلة والبراهين الدامغة على دعم النظام القطري للإرهاب.
ويكثف تنظيم الحمدين من محاولاته لوضع موطئ قدم له في المنطقة لخدمة أيديولوجيته السياسية ومليشياته، وذلك بعد مقاطعة موريتانيا للدوحة عام 2017.
فضيحة الطائرة العسكرية
وفي أفريقيا أيضاً، شهدت تونس، الأسبوع الماضي، محاولات قطرية لجعل البلاد جسراً لمرور الأسلحة والدعم للمليشيات الإرهابية في ليبيا، بعد الكشف عن هبوط طائرة عسكرية قطرية في مطار جربة- جرجيس (جنوب شرق).
وقالت النائبة في البرلمان التونسي لمياء بلمليح إن لديها معلومات تؤكد هبوط طائرة شحن عسكرية قطرية في أحد مطارات تونس، تحمل أسلحة بغرض إيصالها للمليشيات المسلحة في ليبيا.
ورغم نفي إدارة الجمارك التونسية وجود أي صلة بين هذه الطائرة وأغراض عسكرية في ليبيا، إلا أن مصادر مقربة من الخارجية التونسية أكدت لـ"العين الإخبارية" أن هناك ضغوطات قطرية تركية من أجل السماح لهما بتمرير السلاح عبر مجالها البري والجوي إلى الحدود الليبية، ومنها إلى المليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية الموجودة في الجهة الغربية للعاصمة طرابلس.
وبينت أن هذه الضغوط يقوم بها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، لخدمة الأجندات التركية والقطرية، مؤكداً طلب هذا الأخير اللقاء بالرئيس التونسي الباجي قايد السبسي في أكثر من مرة، خلال الأيام الماضية، لمناقشة الموضوع.
واتفق كل من الدكتور خليل بن عبدالله الخليل الكاتب والأكاديمي السعودي، والدكتور محمد آل زلفة، خبير سياسي وعضو مجلس الشورى السعودي الأسبق، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" في توقعاتهم بشأن عدم رضوخ تونس للضغوط التركية القطرية.
وأكد الخبيران السعوديان أن محاولات قطر وتركيا لدعم المليشيات الإرهابية في ليبيا مصيرها الفشل، معربين عن تفاؤلهما بالالتفاف الشعب الليبي حول جيشه الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، لاجتثاث الإرهاب.
وحذر الخبيران من محاولات تركيا وقطر تكرار السيناريو السوري في ليبيا، داعين إلى اليقظة من حركة "النهضة" الإخوانية، مؤكدين استعدادها لبيع الأراضي التونسية لصالح أجندات الدوحة وأنقرة، خاصة بعد فشلهم في إقامة إمارة إرهابية في ليبيا.
وفي 4 أبريل/نيسان الجاري، أعلن القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، عملية "طوفان الكرامة" لتطهير طرابلس من المليشيات الإرهابية، ولاقت تأييداً كبيراً من الدول العربية والغربية، فيما رفضتها كل من قطر وتركيا وذراعهما حركة "النهضة" الإخوانية في تونس.
ولم تتوانَ الدولتان مع حليفتهما بتونس في كل المحافل بالتنديد بالعملية ومحاولة استعطاف المجتمع الدولي مع حكومة فايز السراج ضد العملية العسكرية، خوفاً على مصالحهم ونفوذهم في الدولة الغنية بالنفط.
سويسرا وفرنسا وألمانيا تنتفض ضد "الحمدين"
ومن أفريقيا إلى أوروبا، تواصلت تداعيات ما كشفه كتاب "أوراق قطر" بشأن تمويل تنظيم الحمدين للإرهاب.
كتاب "أوراق قطر" لم يسقط قناع الدوحة ويفضح بالوثائق، والأدلة دعمها للتطرف في أوروبا فحسب، وإنما أجبرها على الخنوع وقطع التمويل عن مؤسسات تنظيم الإخوان الإرهابي في سويسرا.
وذكرت إذاعة "إر.تي.إس" السويسرية أن قطر أوقفت تمويل المعهد الثقافي الإسلامي السويسري، لتتوقف معه مشاريع أخرى تابعة للمعهد ممولة أيضاً من الدوحة، بينها مشروع عقاري تصل تكلفته لـ22 مليون فرنك سويسري، حوالي 21.5 مليون دولار.
وأشارت الإذاعة السويسرية إلى أن المعهد الثقافي الإسلامي في مدينة "لا شو دو فون"، المحسوب على التنظيم الإرهابي، يعتبر ذراع الدوحة لتغطية أنشطتها الداعمة للإرهاب، لن يتلقى مجدداً أموالاً من قطر، بجانب مؤسسات أخرى في أوروبا.
ورصد الكتاب تمويل مؤسسة "قطر الخيرية" لمشروعات في سويسرا بنحو 4 ملايين فرنك سويسري، من بينها المعهد الثقافي الإسلامي في "لاشو دو فون"، ومساجد في بيرلي، وبيين، ولوجانو.
وفي فرنسا، قاطع مسلمو أوروبا مؤتمراً إخوانياً يسمى "التجمع السنوي للمسلمين" الذي يعد أحد أكبر الملتقيات السنوية لهم، وتنظمه عناصر إخوانية في فرنسا.
وجاءت تلك المقاطعة على خلفية فضائح طارق رمضان، حفيد مؤسس الإخوان، وما كشفه كتاب "أوراق قطر" عن حجم التمويل الذي يتلقاه إخوان فرنسا من أموال مؤسسة "قطر الخيرية".
وسلطت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية على التجمع السنوي للمسلمين الذي تنظمه منظمة "مسلمي فرنسا"، المحسوبة على تنظيم الإخوان الإرهابي في أوروبا، موضحة أن التجمع هذا العام الذي يجرى بين 19 إلى 22 أبريل/نيسان في بورجيه، لم يلقَ رواجاً بعد مقاطعة عدد كبير من مسلمي أوروبا المؤتمر الذي يكافح للبحث عن جمهور.
وتحت عنوان "في بورجيه، تجمع سنوي للمسلمين يبحث عن جمهور"، أوضحت الصحيفة أن مسلمي فرنسا أخذت مسافة من الفعاليات التي ينظمها الإخوان في باريس، بعد الفضائح المتتالية التي تلاحقهم، لا سيما بعد اتهام أحد قادتهم وأبرز الوجوه، طارق رمضان حفيد مؤسس الإخوان، المتهم في قضايا اغتصاب عدة في فرنسا وسويسرا.
ويواجه الإخوان في فرنسا تحدياً في الآونة الأخيرة، بعد التحقيق الاستقصائي الذي أجراه الصحفيان الفرنسيان، وكشفا عن التمويل السخي الذي قدمته قطر إليهما؛ حيث تخطى عشرات الملايين من اليوروهات.
وفي ألمانيا، حذرت صحيفة بيلد الألمانية، الجمعة، أن مؤسسة قطر المدعومة مالياً من تنظيم الحمدين الإرهابي في الدوحة، قدمت تمويلات مشبوهة لمشاريع تعليمية وثقافية في برلين.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها أن "قطر فواندييشن" المرتبطة مباشرة بحكومة الدوحة، قدمت منذ 1 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تمويلات مشبوهة لـ6 مشاريع تعليمية وثقافية في ألمانيا.
وتابعت: "إن المؤسسة القطرية تشارك في تمويل بناء مقر منظمة "بيت واحد" التي تهدف إلى تحقيق التقارب بين المسلمين والمسيحيين واليهود في برلين بتكلفة 45 مليون يورو".
وتساءلت صحيفة بيلد: "كيف تقبل مؤسسات ألمانية تمويلاً لمشاريع تعليمية وثقافية من مؤسسة تقول الولايات المتحدة إنها تدعم الإرهاب؟".
ولفتت الصحيفة إلى أن مؤسسة قطر تحاول عن طريق تمويل هذه المشاريع "وضع قدم لها في أوروبا"، مضيفة أن المؤسسة على علاقة بجماعات إرهابية أبرزها تنظيم الإخوان الإرهابي، وتقدم أموالاً مشبوهة مشكوكاً في أهدافها للمؤسسات الألمانية.
احتجاجات عمالية في قلب الدوحة
على الصعيد الداخلي، كشفت احتجاجات العمال الأجانب في عدد من الشركات الإنشائية العاملة بالمنشآت الرياضية لكأس العالم في قطر، بسبب سوء ظروفهم المعيشية، حجم الانتهاكات الحقوقية التي يرتكبها التنظيم والفشل الاقتصادي الذي يعاني منه.
وأضرب العمال عن العمل وحطموا الحافلات بمواقع سكنهم؛ احتجاجاً على تعنت ملاك الشركات من القطريين المدعومين من حكومة "تنظيم الحمدين" في صرف مستحقاتهم لأكثر من ٣ شهور، بالإضافة للمعاملة غير الآدمية التي يلقاها هؤلاء العمال ونظام السخرة والرق والاتجار بالبشر المتفشية في قطر.
واشتكى العمال في خطابات عديدة من ضعف الرواتب الزهيدة وعدم دفعها بانتظام، وسوء الطعام المقدم لهم، فضلاً عن مصادرة جوازات سفرهم.
وكانت مجموعة من المنظمات الحقوقية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش، أصدرت تقارير قالت فيها إن عشرات العاملين الأجانب في ورش بناء بشركات منشآت كأس العالم 2022 التي ستستضيفها قطر، لم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر.
وعلى إثر تلك الاحتجاجات، رفعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا وأوروبا خطاباً عاجلاً إلى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، تطالب بإرسال لجنة تقصي الحقائق إلى قطر، لفتح تحقيق بشأن الأوضاع المزرية للعمال هناك، خاصة في الشركات العاملة في بناء المنشآت الرياضية لكأس العالم في قطر، وعدم تنفيذ والتزام الحكومة القطرية بوعودها واحترامها لحقوق العمال.
"الحمدين".. تخبط وفزع
ومن فشل إلى تخبط؛ حيث تراجع النظام القطري عن قراره بمنع استيراد البضائع المنتجة في دول المقاطعة، في خطوة تعكس تخبط التنظيم القطري، وفزعه من المصير الذي ينتظره بعد التحركات الإماراتية في منظمة التجارة العالمية.
وكانت الإمارات بدأت في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، باتخاذ إجراءات في منظمة التجارة العالمية ضد قطر، بعد قرار الدوحة حظر بيع المنتجات الإماراتية في الأسواق القطرية.
وتأتي الخطوة التي اتخذتها الإمارات بعد أن قامت وزارة الاقتصاد القطرية بحظر بيع السلع الاستهلاكية المصنعة في دولة الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، إلى جانب قرار وزارة الصحة العامة القطرية بمنع الصيدليات من بيع الأدوية والمستحضرات الأخرى المصنعة في الدول الأربع.
كما قامت قطر برفع أسماء الشركات الإماراتية من قوائم البائعين المعتمدين لمشاريع البنية التحتية، وحافظت على حظر غير معلن على المنتجات القادمة من الإمارات.
وتعد الإجراءات التي اتخذتها قطر انتهاكاً صارخاً لقواعد منظمة التجارة العالمية؛ حيث قامت الدوحة بهذا الإجراء بعد شروعها في أغسطس/آب 2017 بإجراءات تسوية نزاعات ضد دولة الإمارات من خلال المنظمة ولا تزال القضية قيد الإجراء، إلا أن قطر -وبدلاً من احترام منظمة التجارة العالمية وانتظار البت في شكواها- قررت فرض إجراءات أحادية الجانب، منتهكة بذلك القواعد ذاتها التي تدعي أن دولة الإمارات تنتهكها.