قمم مكة كانت صفعة للنظام الإيراني، وحاولت الدوحة بالتسويق أن البيان الصادر عن قمم مكة كان جاهزا في محاولة لخلق انتصار وهمي لإيران.
الحضور القطري في القمتين الطارئتين العربية والخليجية في مكة، اللتين تبحثان التهديدات الإيرانية في المنطقة، لا يتطابق مع مواقف الدوحة السياسية؛ إذ صرحت قطر ما بعد انتهاء القمة بأن بيان (قمتي مكة الخليجية والعربية) حمل بنودا تتعارض مع سياسة قطر الخارجية، وهي بالطبع البنود المتعلقة بإيران وتهديداتها لأمن واستقرار المنطقة، هذا ما يطرح كثيرا من التساؤلات عن أسباب الحضور القطري في هذه القمم التي تأتي في ظروف طارئة لمواجهة التهديدات الإيرانية.
هناك عدة احتمالات في قراءة أسباب الحضور القطري للقمم، أولى هذه الاحتمالات هو محاولة تخفيف الضغط الأمريكي، وهو ما ترجحه مصادر أمريكية، وهو ما كشفته أيضاً شبكة "CNN" بإن إرسال قطر رئيس وزرائها الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني إلى قمة مكة جاء تحت ضغط الإدارة الأمريكية". فهل كان الحضور الصامت للوفد القطري في مكة محاولة قطرية لامتصاص حالة الاستياء الأمريكي المتصاعدة تجاه علاقة الدوحة بالنظام الإيراني.
بذلك نجد أن الموقف القطري (الذي التزم الصمت في القمتين الخليجية والعربية) وتعمد الانسحاب من (القمة الإسلامية)، ومهاجمة قمة مكة ومحاولة التشكيك بالإجماع الخليجي والعربي والإسلامي وتحريف الحقائق، يأتي لإنقاذ الفشل الإيراني الذي كان يراهن على انقسام الصف العربي والإسلامي.
يبقى حدوث الاحتمال الأول ضئيلا جداً، فإذا كانت الدوحة أرادت عبر المشاركة في قمم مكة امتصاص حالة الاستياء الأمريكي من علاقة الدوحة بإيران، ومحاولة إرسال رسائل للجانب الأمريكي بأن الدوحة تقف في المنتصف غير منحازة للجانب الإيراني، فلماذا سارعت قطر إلى الانقلاب على بيان القمم ومهاجمتها؟ ولم تتوقف عند هذا الحد، بل ذهبت إلى حد المسارعة بتأكيدها توسيع العلاقة مع إيران في جميع المجالات، وذلك في اتصال هاتفي بين أمير قطر والرئيس الإيراني حسن روحاني، وهي خطوة أرادت الدوحة من خلالها تقديم ورقة إثبات حسن نوايا للحليف الإيراني.
أما الاحتمال الثاني في قراءة الحضور القطري لقمتي مكة هو أن الدوحة أرادت استغلال حالة التوتر المتصاعدة في المنطقة تجاه إيران، واستغلال الموقف لحرف القمتين عن مسارهما، لتطرح ملف الأزمة التي تعيشها والمقاطعة الرباعية، وهو ما يمكن النظر له بأنه نوع من أنواع المساومة، لقد أرادت الدوحة استغلال توقيت انعقاد القمتين الخليجية والعربية، فهل رغبت الدوحة أن تربط موقفها من إيران في ظل حالة التصعيد التي تشهدها المنطقة، بإسقاط المطالب الثلاثة عشر عنها -وهو يبقى أمر غير مستبعد إذا ما عدنا بالذاكرة إلى الخلف في عام 1990 إبان الغزو العراقي للكويت، فنجد أن الدوحة عارضت تحرير الكويت وربطت موافقتها على ذلك بالتوصل إلى حل فيما يخص الخلاف القطري البحريني حول الجزر، وهو ما يعني محاولة المساومة على أمن واستقرار المنطقة لتحقيق أهداف ومكاسب سياسية لها- فهل كان الحضور القطري في (قمة مكة) يأتي من أجل إيجاد مدخل للمساومة على أمن واستقرار المنطقة في مقابل إسقاط المطالب الثلاثة عشر عنها؟ ربما هذا ما يفسر الانقلاب القطري على القمم ومهاجمتها بعد أن فشلت في طرح أزمتها على الطاولة.
أما الاحتمال الأخير فهو محاولة ضرب النجاح الذي حققته (قمة مكة) الخليجية والعربية الطارئة وحتى القمة السنوية لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والتي أجمعت على إدانة الإرهاب الإيراني، وفرض مزيد من العزلة على إيران، وبذلك نجد أن الموقف القطري (الذي التزم الصمت في القمتين الخليجية والعربية) وتعمد الانسحاب من (القمة الإسلامية)، ومهاجمة قمة مكة ومحاولة التشكيك بالإجماع الخليجي والعربي والإسلامي وتحريف الحقائق؛ يأتي لإنقاذ الفشل الإيراني الذي كان يراهن على انقسام الصف العربي والإسلامي.
لكن قمم مكة الثلاث التي نجحت بالخروج بإجماع، كانت صفعة لنظام الملالي، حاولت الدوحة بالتسويق أن البيان الصادر عن قمم مكة كان جاهزا وتم توزيعه على الوفود المشاركة للاعتماد، في محاولة لخلق انتصار وهمي لإيران، وهو ما يفسر حالة الاحتفاء الإيراني بالموقف القطري الخارج عن الإجماع الخليجي والعربي والإسلامي، والذي يعكس حالة الإفلاس الإيراني بالاحتفاء بالموقف القطري الذي لا يشكل أهمية، لا سيما وأنه يصدر من دولة لا تختلف عن إيران تعيش أزمات سياسية واقتصادية وعزلة عن محيطها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة