الروائي منير عتيبة يكتب: رمضان شهر الكتابة والإبداع
الروائي المصري منير عتيبه يكتب لـ"العين الإخبارية" ذكرياته عن شهر رمضان وطقوسه المتعلقة بالكتابة والأدب ويخصها بأحدث قصة قصيرة له.
شهر رمضان بالنسبة لي هو ذكريات اللعب من بعد صلاة التراويح حتى صلاة الفجر في قريتي خورشيد ومتابعة المسحراتي من بيت لآخر. واعتدت أن يكرمني الله بالكتابة في رمضان، فكتبت روايتي "أسد القفقاس" كلها في رمضان. وبدأت فيه روايتي "موجيتوس". وبدأت فيه مجموعتي القصصية الجديدة التي أعدها للنشر.
وقد انشغل معظم وقتي هذا العام بمتابعة تسجيل مسلسلى الإذاعي "غداً تغرد العصافير" الذي يذاع طوال شهر رمضان على إذاعة البرنامج الثقافي بطولة محمد رياض ولقاء سويدان وإخراج أحمد مجدي عن قصة حياة المفكر الكبير خالد محمد خالد. فقد كتبت المسلسل وأمثل فيه أيضاً شخصية الشاب الذي كنته منذ ثلاثين عاماً تلميذاً لخالد محمد خالد، رحمه الله. ومع ذلك فقد كتبت بعض القصص القصيرة جداً أحدثها هذه القصة:
ماكياج - قصة منير عتيبة
انتهى من تصوير المشهد، وذهب فوراً إلى حجرته، تتردد فى أذنيه أصداء التصفيق الذي مل منه. جلس أمام المرآة. أخذ يمسح الكريمات التي وارت تجاعيده. لا يزال جمهوره يتقبله في أدوار الشباب، والمنتجون يملأون خزائنهم. فوجئ بوجهه كأنه يراه لأول مرة. لا يمكن أن أكون عجوزاً لهذا الحد.
العيون المنظفئة، والأخاديد التي تحفر الجبهة والخدين، والأنف الذي افترش مساحة كبيرة من الوجه. والشفاة المتهدلة. نظر حوله بحركة لا إرادية.
اطمأن أنه في الحجرة وحده. ابتسم لنفسه بارتياح عندما تذكر أن هذا وجه الجد في فيلمه السابق الذي مثّل فيه ثلاثة أجيال. خلع الوجه بسرعة.
وبسرعة أكبر خلع وجه الشرير، ووجه الضابط المتسلط، ووجه الزبال، وتوقف قليلاً وهو يخلع رموش المرأة اللعوب التي أدى دورها منذ سنوات. طرقات على الباب تدعوه لتصوير المشهد التالي، بسرعة أخذ يخلع الوجوه التي لم تعد تخصه، حتى لم يعد يظهر في المرآة أي وجه، شعر بتعجب: بأي عيون أرى تلك المرآة الخالية؟!
aXA6IDMuMTM1LjE5MC4yNDQg جزيرة ام اند امز