الفدية.. منطق ميل جيبسون وخطايا تميم
علاقة جدلية طرحها فيلم "الفدية" بين إعلاء القيم الإنسانية مقابل المصالح الخاصة والصفقات القذرة.. ترسم صورة لخطايا "فدية قطر".
في أحد روائع الممثل والمخرج العالمي ميل جيبسون الحاصل على جائزة الأوسكار وفيلمه الشهير الفدية "ransom" لم يستسلم الأب الذي أدى دوره جيبسون لحالة الضعف الإنساني القاتلة تجاه خطف طفله الوحيد من جانب عصابة من المجرمين لا يختلف منطقها كثيرا عن التنظيمات الإرهابية.
هذه الحالة التي تبلغ درجة معقدة من التفاعلات النفسية الاجتماعية التي طرحها الفيلم قدمت منطقا إنسانيا رفيع المستوى من جانب البطل (توم مولن) المليونير العصامي الذي نحى فيه عواطف الأبوة وضغوط الزوجة الأم التي أدت دورها ببراعة شديدة النجمة رينيه روسو (كيت) ليعلي قيما إيجابية أكثر إنسانية وهي صالح المجتمع وأسر أخرى قد تتعرض لنفس الأزمة.
رفض بطل الفيلم (مولن) دفع الفدية للخاطفين مقررا أنه سيستعيد ابنه دون استسلام للمجرمين وهو ما أربك حسابات الخاطفين وأسقطهم في النهاية وأرجع الابن (شون) لأبويه وحافظ بهذا القرار الصعب على مئات الأرواح بالمنطق العقائدي الإسلامي {من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا}.
ما فعله بطل فيلم الفدية المنتج عام 1996 عجز عنه أمير قطر تميم بن حمد وأدواته الدبلوماسية وسفيرا الدوحة في العراق وواشنطن.
استجاب النظام القطري لما يوافق هواه ومنهجه في دعم وتمويل الارهاب واضعا يده في يد عصابات من المليشيات والتنظيمات عبر وسطاء الإرهاب الموضوعين على قوائم الارهاب في العالم، ومنهم: قاسم سليماني والمكنى بأبومحمد السعدي.
تكتيك (توم مولن) الخاص اعتمد على الإيحاء بدفع الفدية للمجرمين، حتى يستطيع أن يخرجهم من المكان الذي يختبئون فيه، لكن تكتيك النظام القطري الحاكم كان التعاون -وله في ذلك سوابق كثيرة- مع التنظيمات الإرهابية عبر وسطاء الإرهاب وهو ما كشفته المراسلات والاتصالات التي نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية السبت.
نظام قطر الحاكم لم يستوعب الدرس وواصل عناده السياسي رافضا مطالب الرباعي العربي الداعي لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين)، وهي أقرب للنصائح منها إلى المطالب، تستهدف بناء حالة سلام وحسن جوار وحصار منابع الإرهاب وتنظيماتها.
تلك المنابع التي لا تنضب مع ملايين الدولارات التي تقتصها حكومة تميم من أموال الشعب القطري مغردة خارج السرب عبر التمسك بنهج دفع الفدية لتنظيمات وجماعات إرهابية، لتتحول الدوحة إلى بنك خاص للإرهاب عبر دفع أموال مباشرة لدعم الإرهابيين أو تقديم فدى لهم.
فضيحة "فدية قطر" التي كشفت ملامحها المراسلات التي نشرتها "واشنطن بوست" حول دفع الدوحة قرابة مليار دولار في صورة "فدية"؛ لإطلاق سراح أعضاء في العائلة القطرية الحاكمة كانوا يمارسون الصيد عندما قام تنظيم داعش الإرهابي بخطفهم في جنوب العراق، لا يبدو مفاجئا، لكن الصادم أن تميم وأدواته السياسية والدبلوماسية لم يستوعب الدرس الإنساني والقيمي الذي ساقه ميل جيبسون في فيلمه الفدية منذ 22 عاما.
ولا يلتفت النظام القطري للتأكيد العربي على ضرورة امتناع الدول عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في أعمال إرهابية.
العلاقة الجدلية التي طرحها فيلم الفدية الذي ألفه "كريل هيوم" وأخرجه "رون هوارد" في قالب تشويقي رائع، بين إعلاء القيم الإنسانية والمصلحة العامة للمجتمع ولتحقيق السلام والأمن مقابل الاستجابة للمخاوف والآلام الخاصة تجعل من مزاعم قطر بأن لديها رهائن كانت تسعى لتحريرهم واهنة تخفي أهدافا أخرى ومصالح خاصة ترتبط بعلاقات سابقة مع تنظيمات ومليشيا إرهابية ووسطاء إرهاب.