إمبراطورية شفرات الحلاقة.. بيزنس بالمليارات وراء "الذقون الناعمة"

قبل أكثر من 100 عام، وبينما كان كينج كامب جيليت يقف محبطا في الصباح قبيل تنفيذ مهمة صعبة هي حلاقة ذقنه، تفتق ذهنه عن فكرة "الشفرة".

كان ذلك في أواخر القرن التاسع عشر، حيث كانت حلاقة الذقن مهمة شديدة الصعوبة تستلزم من الرجال الذهاب إلى الحلاق مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع، أو الحلاقة لأنفسهم وتحمل "المخاطرة".

آنذاك، لم تكن هناك ماكينات الحلاقة الحديثة، وكانت الطريقة الوحيدة للحصول على أفضل وأنعم حلاقة هي زيارة الحلاق للخضوع لحلاقة احترافية.

• ما بعد الفيزا ومحفظة الموبايل.. متجر روسي يتيح الدفع بتقنية "الوجه"
• إنتاج لقاح فايزر في أفريقيا.. خطوة لا تغني عن إسقاط "براءة الاختراع"
  

كان الحلاقون مهرة للغاية ومتمرسين في معرفة أنواع الوجوه والشعر، وكانت لديهم أدوات متعددة لأداء مهمتهم.

بعد تنعيم شعر وجلد الوجه بمنشفة ساخنة، كان الحلاق يضع رغوة كثيفة من كريم الحلاقة على الوجه لترطيب الشعيرات وترطيب الجلد.

ثم كان يشد الجلد بحرص، جزءًا جزءًا، للحصول على سطح مستوٍ للجلد. كان الأمر يتطلب الكثير من المهارة للضغط بالقدر المناسب على شفرة الحلاقة المستقيمة للحلاقة بالزاوية الصحيحة تمامًا، باستخدام حساسية أصابعه ومحور رسغه.

وكانت النتيجة حلاقة نظيفة ومنعشة وناعمة للعميل. كانت تجربة فخمة ومريحة، لكنها مكلفة وتهدر الكثير من الوقت. ومن الصعب تقليدها في المنزل.

جيليت يفتح مغارة "شفرات الحلاقة"

في هذه الظروف، كان كينج كامب جيليت مشغولا بفكرة من شأنها جعل مهمة حلاقة الذقن أكثر راحة وأقل تكلفة ويمكن تنفيذها في حمام المنزل.

عمل الرجل على تحقيق ذلك، فابتكر أول شفرة حلاقة آمنة يمكن استخدامها ببساطة في المنزل.

أدرك جيليت أن شفرة الحلاقة الدائمة باهتة وتتطلب شحذًا احترافيًا، وانتبه إلى أن الجزء الوحيد الضروري هو النصل الذي يمكن سنه على الحافة.

تبنى كينج كامب جيليت فكرًا غاية في الإبداع تجسد في تصنيع شفرات حلاقة ذات الاستخدام الواحد تجمع بين الدقة البالغة والقوة الهائلة.

وقد اعتبر العلماء المدربين بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا محاكاتها أمرًا مستحيلاً. وبحلول عام 1901، أثبت هذا الرجل أنهم كانوا حقًا مخطئين وجاء بابتكار لا مثيل له.

سرعان ما نفذ جيليت تصوره على قطعة فولاذية مفلطحة، فشحذها على كلا الجانبين، ليصنع أول شفرة حلاقة منخفضة التكلفة بحيث يمكن استعمالها لمرة أو اثنتين والتخلص منها ببساطة.

كانت شفرة الحلاقة الجديدة من جيليت، سببا في تأسيس شركة جيليت العملاقة لشفرات الحلاقة والتي تأسست في بوسطن بالولايات المتحدة عام 1904.

سوق شفرات الحلاقة.. بما تخبرنا جيليت؟

أصبحت جيليت التي استحوذت عليها "بروكتر آند جامبل" عام 2005 مقابل أكثر من 50 مليار دولار أكبر شركة لماكينات الحلاقة الآمنة ومنتجات العناية الشخصية.

وللتعرف على حجم سوق شفرات الحلاقة عالميا، عليك فقط متابعة الحجم العملاق الذي أضحت عليه شركة جيليت.

فالشركة التي تعد صاحبة الفضل في أكبر إيرادات تتحصل عليها "بروكتر وجامبل" للسلع الاستهلاكية، توظف حاليا قرابة 29 ألف شخص حول العالم، وفقا لمؤسسة Dun & Bradstreet.

ووفقا لفوربس، فإن القيمة السوقية لعلامة "جيليت" التجارية تبلغ نحو 14.5 مليار دولار، بينما تصل مبيعاتها إلى 6 مليارات دولار من شفرات الحلاقة وغيرها من منتجات العناية.

وقد احتلت جيليت المركز 42 عالميا في قائمة فوربس لأعلى العلامات التجارية قيمة في العالم سنة 2020.

وتمتلك جيليت 64 منشأة تصنيع في 27 دولة، وتباع منتجاتها في أكثر من 200 دولة وإقليم، وأكثر من 60% من المبيعات تتم خارج الولايات المتحدة.

حرب الشفرات

بيد أن سوق شفرات الحلاقة لم يكن لقمة سائقة لجيليت التي واجهت خصوما ومنافسين كبار، بنما واجهت الصناعة نفسها تحولات عديدة أهمها الانتقال إلى ماكينات الحلاقة الكهربائية.

في حرب الشفرات شهد السوق الكثير من والابتكارات وبراءات الاختراع وحروب الأسعار والجودة والإعلانات وسبل التسويق التجاري إلكترونيا وعبر تجار التجزئة ومن خلال حتى نظم الاشتراكات.

ووفقا لتقرير "سوق شفرات الحلاقة 2022" الصادر عن شركة Absolute Reports للأبحاث، بلغت قيمة السوق العالمي لشفرات الحلاقة أكثر من 2.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن تزيد قليلا بحلول نهاية عام 2027 بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 0.2٪ خلال الفترة من 2021 إلى 2027.

وحسب التقرير، فإن أهم اللاعبين في هذا السوق كل من جيليت، وإيدج ويل بيرسونال كير، وBIC، وليزر رازور بليدز، ولورد.

وتعد أمريكا الشمالية هي أكبر سوق لشفرات الحلاقة بحصة تزيد عن 30٪ ، تليها أوروبا ثم وآسيا والمحيط الهادئ وكلاهما يمتلكان معا حصة تبلغ حوالي 55٪.

ومن حيث المنتج، تعد شفرات الحلاقة أحادية الحافة هي الشريحة الأكثر استهلاكا بحصة تزيد عن 85٪، كما أن الإقبال على على ماكينات الحلاقة الرجالية يتفوق على ماكينات الحلاقة النسائية.