التقييم العالمي.. هل يعتبر بداية حل لمشكلة المناخ؟
تجتمع دول العالم في قمة المناخ COP28 في دبي خلال شهر ديسمبر/كانون الأول، وعلى رأس جدول الأعمال مناقشة
عملية مهمة في إطار اتفاق باريس تحدث لأول مرة في تاريخ مفاوضات المناخ الدولية وتعرف باسم "التقييم العالمي".
وتتضمن العملية تقييماً شاملاً للجهود العالمية لمعالجة تغير المناخ. على مدى العامين الماضيين، حيث قدمت الحكومات والعلماء ومجموعات المجتمع المدني آلاف الوثائق في إطار التحضير لهذه العملية وأمضوا مئات الساعات في مناقشة محتوياتها.
بحسب المادة 14 من اتفاق باريس للمناخ، فإن التقييم العالمي (GST) هو فحص فني كل 5 سنوات للجهود العالمية لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي التي تؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة، حيث وافقت الدول التي وقعت على الاتفاق في عام 2015 على مراقبة وتقييم ومراجعة التقدم الجماعي بشكل دوري نحو تحقيق هدف باريس طويل المدى بشأن درجة الحرارة وتقييم إجراءاتها المناخية. ومن المفترض أن تشمل عملية التقييم أيضا – بالإضافة إلى تخفيف الانبعاثات – إجراءات التكيف، والتمويل، ونقل التكنولوجيا من البلدان المتقدمة إلى البلدان النامية في ضوء الانتقال العادل وطبقا لأحدث العلوم المتاحة.
وكما هو متوقع من خلال المشاهدات على الأرض، فإن الاستنتاجات الفنية الأولية التي تم التوصل إليها من خلال التقييم الفني للجهود الدولية توضح أن الدول لا تخفض الانبعاثات بالسرعة الكافية، وليست مستعدة بشكل كافٍ لمواجهة المخاطر المناخية، ويزيد الأمر سوءا أن الدول المتقدمة لا تقدم الدعم الكافي للدول النامية. لكن عملية التقييم تتعدى كونها مجرد مراجعة فنية للجهود الدولية، حيث تعتبر جزءا أساسيا من اتفاق باريس الذي يشجع البلدان على زيادة طموحاتها المناخية مع مرور الوقت لتجنب أخطار الاحتباس الحراري
وقد قدمت الحكومات مقترحات للنتائج السياسية الرئيسية المتوقعة لعملية التقييم والآلية التي يمكن بها تسريع العمل المناخي. وتشمل الأفكار - على سبيل المثال - التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وزيادة قدرة الطاقة المتجددة 3 مرات، وزيادة تمويل المناخ الذي تحتاجه البلدان النامية إلى التريليونات.
وفي مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية (COP28)، سوف تتفاوض البلدان حول العناصر التي ستؤدي إلى النتيجة النهائية، الأمر الذي سيساعد في تحديد وتيرة التغيير في السنوات المقبلة.
وتنقسم عملية تقييم الجهد العالمي إلى 3 مراحل تشمل مرحلة جمع المعلومات – كمدخلات - من جميع البلدان الأطراف وغير الأطراف، ومرحلة التقييم الفني لهذه المدخلات والأدلة الأخرى، ومرحلة النظر في المخرجات، لكي تقرر البلدان ما يجب عليها القيام به بشكل جماعي. ومن المقرر أن تنتهي المرحلة السياسية النهائية في مؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرين لتغير المناخ (COP28)، والبدء في مرحلة تعزيز تعهدات البلدان والتعاون الدولي بشأن المناخ في الفترة 2024-2025 على ضوء نتائج المفاوضات.
شهدت مرحلة جمع المعلومات ما يقرب من 150 ألف صفحة من الوثائق الواردة من الحكومات وقطاع الأعمال ومجموعات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، مدعومة بأكثر من 250 ساعة من الاجتماعات والمناقشات، حيث سبق الاتفاق على تصنيف هذه الطلبات إلى 3 مجالات رئيسية للعمل المناخي تشمل خفض الانبعاثات، والتكيف مع المخاطر المناخية، ووسائل التنفيذ والدعم، مع إمكانية إضافة موضوعين آخرين حسب الاقتضاء، وهما الخسائر والأضرار التي لا يمكن تجنبها الناجمة عن تغير المناخ، وتدابير الاستجابة، والتي تشمل العواقب الاجتماعية والاقتصادية للعمل المناخي، على سبيل المثال الاقتصاديات التي تعتمد على الوقود الأحفوري، والتي تم تحديدها في عام 2018 خلال مؤتمر الأطراف الرابع والعشرين في كاتوفيتسه ببولندا.
وحددت البلدان المتفاوضة العديد من "مصادر المدخلات"، بما في ذلك قوائم جرد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وخطط المناخ الوطنية، وتحليل مشاريع التكيف.
وفي المقال القادم نستعرض تحليلا لملامح التقرير الفني للمعلومات التي تم جمعها خلال المرحلة الأولى والتي ستكون أساس العملية التفاوضية في COP28.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة