الأبيض ممنوع.. سر ارتداء الملكة كاميلا الأسود لمقابلة بابا الفاتيكان

أثار اختيار الملكة كاميلا للون الأسود، وزوجها الملك تشارلز الثالث، خلال لقائهما الخاص مع البابا فرنسيس في الفاتيكان، الكثير من التكهنات.
فقد ارتدت الملكة كاميلا خلال اللقاء فستانًا أسود طويلًا يغطي الكتفين والذراعين، على النقيض من اللون الأبيض الذي يُعد خيارًا تقليديًا للأميرات والملكات خلال لقائهن بالبابا، بموجب امتياز خاص يُعرف باسم «امتياز الأبيض» (il privilegio del bianco).
جذور البروتوكول واستثناءاته التاريخية
يعود تقليد «امتياز الأبيض» إلى قرون مضت، وكان يُمنح حصريًا للملكات الكاثوليكيات أو المنتميات إلى عائلات ملكية كاثوليكية، كرمز على التقارب الديني والسياسي مع الكرسي الرسولي.
ولهذا السبب، لم تتمكن كاميلا – التي تنتمي إلى الكنيسة الإنجليزية البروتستانتية – من ارتداء الأبيض، على عكس نظيراتها مثل الملكة ليتيسيا ملكة إسبانيا، والملكة ماتيلد ملكة بلجيكا، والأميرة شارلين أميرة موناكو، اللواتي يتمتعن بهذا الامتياز بسبب انتمائهن للكاثوليكية أو زواجهن من حكام كاثوليك.
ويُمنح هذا الامتياز عادةً خلال المناسبات الرسمية مثل اللقاءات الخاصة أو حضور القداس، مع ضرورة الالتزام بمواصفات محددة للزي، كأن يغطي الذراعين والكتفين، وأن تكون الألوان محايدة وتعكس الوقار.
تطور أزياء الملكات في لقاءات الفاتيكان: من البيج إلى الأسود
في زيارة سابقة عام 2017، اختارت كاميلا – التي كانت آنذاك دوقة كورنوال – فستانًا باللون البيج خلال لقائها بالبابا، وهو خيار لاقى تفاعلًا إعلاميًا لكونه وسطًا بين الأبيض التقليدي والألوان الداكنة. لكن في هذه المرة، جاء اختيارها للأسود محيرًا للمتابعين، خاصةً مع عدم وجود تفسير رسمي من القصر الملكي.
ويُرجّح مراقبو البروتوكول أن يكون اللون الأسود تعبيرًا عن الاحترام للظروف الصحية للبابا، أو إشارة إلى طبيعة الزيارة غير الرسمية نسبيًا، والتي جرت في «كازا سانتا مارتا» – المقر المؤقت للبابا داخل الفاتيكان – بدلًا من القصر الرسولي التقليدي.
ومن المثير للاهتمام أن بعض الملكات المُصرح لهن بارتداء الأبيض اخترن في مناسبات أخرى ألوانًا مختلفة، مثل الأميرة شارلين التي ارتدت الأسود خلال لقاء عام 2022، مما أثار تساؤلات حول مدى التزامها بشروط الفاتيكان.
قواعد الفاتيكان الصارمة.. المسموح والممنوع
تشترط سلطات الفاتيكان على الزوار – بمن فيهم الشخصيات العامة – ارتداء ملابس محتشمة تغطي الكتفين والركبتين، مع تجنب الأزياء الضيقة أو الشفافة أو التي تحمل رسومات صاخبة. وتنطبق هذه القواعد بشكل خاص على النساء، حيث يُمنع ارتداء التنانير القصيرة أو الفساتين بدون أكمام.
كما يُحظر على الرجال دخول الكنائس بالسراويل القصيرة أو ارتداء القبعات. وتؤكد المصادر أن حراس الفاتيكان يرفضون دخول أي شخص لا يلتزم بهذه الشروط، حتى لو كان من كبار الضيوف، مما يضع الشخصيات العامة أمام تحدي الموازنة بين الموضة والبروتوكول.
رغم أن الامتياز يسمح بارتداء الأبيض، إلا أن بعض عضوات العائلات المالكة يخترن ألوانًا أخرى لسببين رئيسيين: الأول مرتبط بسياق الحدث (كالحداد أو الأزمات الصحية)، والثاني يعكس رغبة في تجنب المقارنات الإعلامية أو إثارة الانتباه.
في النهاية، يظل اختيار الملابس في مثل هذه المناسبات أداة تواصل غير لفظية، تعكس الاحترام للثقافة المضيفة، والوعي بالتاريخ المشترك، والرغبة في بناء جسور التفاهم.
ورغم أن كاميلا لم تتمكن من ارتداء الأبيض، فإن التزامها بالأسود المحتشم يؤكد حرص العائلة المالكة البريطانية على تعزيز العلاقات مع الفاتيكان، حتى في أدق التفاصيل.
aXA6IDMuMTguMTAzLjU1IA== جزيرة ام اند امز