تطور تلو آخر يشهده البحر الأحمر، مع تزايد الهجمات الحوثية على السفن التجارية خلال الأسابيع الماضية، الأمر الذي أعاد للأذهان تحركات القراصنة الصوماليين في باب المندب قبل سنوات.
واستدعت هجمات القراصنة الصوماليين حينها رد فعل دولياً للقضاء على تلك العصابات وإعادة الأمن لطريق تجاري حيوي، لكن تعود الأزمة لأهم رابط مائي بين قارات العالم بلافتة حوثية إنما على ما يبدو بدفع من قوى إقليمية ترغب في أن تظهر قدرتها على التأثير على حركة الملاحة الدولية.
والتأثير واقع لا شك ربما تتأثر به أكثر من غيرها الدول المطلة على البحر الأحمر، فضلا عن الآثار المباشرة وغير المباشرة في حركة التجارة الدولية وسلاسل الإمداد.
لكن التعامل مع عصابات القراصنة أمر يختلف عن الصراع الجيوسياسي، وقد تفتح تحركات الحوثي شهية دول أخرى قد تسعى لحرف الأنظار عن صراعات في هذه البقعة أو تلك عبر إشغال الرأي العالم الدولي بمسار التجارة العالمية.
وقد أدت الهجمات الأخيرة بالفعل لبدء تبلور تحالف دولي للدول التي تضررت مصالحها، وهو ما عكسته التصريحات الأمريكية والغربية عموما، إذ تواصلت البيانات والتعهدات بوضع حد لتلك الهجمات.
وفي منطقة تشهد بالفعل صراعات في الأراضي الإثيوبية ومعارك في السودان وحربا في اليمن وهجمات إرهابية في الصومال يمكن أن تتطور تلك الهجمات إلى أزمة مزمنة في ظل الانفلات والسيولة الحاصلة.
من هذا المنظور يمكن قراءة البيان الصادر عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، الذي أدان الهجمات الحوثية بما في ذلك استيلاء الحوثيين على سفينة غالاكسي ليدر في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني وشن العديد من الهجمات على السفن التجارية منذ ذلك الحين، ما اعتبر مهددا لاستقرار المنطقة وقد تكون له آثار اقتصادية خطيرة على المجتمع الدولي.
وتظل الخشية من أن تبدأ جماعات أخرى استغلال الوضع الهش في المنطقة لتشكل بدورها مصدرا لتهديد جديد، أو أن تطلق التحالفات المتشكلة لحماية مسار التجارة تنافسا بين القوى الكبرى لضمان عدم انفراد قوة ما بالهيمنة على المنطقة ما قد يحفز السعي للتنافس على مواطئ قدم على امتداد سواحل البحر الأحمر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة