تبون يجهر بالخلاف المكتوم مع باريس ويعلن عن تجاوزه
الرئيس الجزائري يكشف عن طي بلاده صفحة الخلاف والحرب الصامتة مع باريس على خلفية مواقفها من الأزمة السياسية التي مرت بها بلاده
أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، مساء الأربعاء، "انتهاء الأزمة في العلاقات مع باريس".
وأكد تبون طي صفحة الخلافات التي شابت العلاقات بين الجزائر وفرنسا خلال العام الماضي، بسبب مواقف باريس من الأزمة السياسية التي مرت بها البلاد.
- تنسيق جزائري فرنسي لوقف الحرب في ليبيا ومحاربة الإرهاب بالساحل
- تحركات فرنسية جزائرية مكثفة لبحث الأزمة الليبية
وأوضح، في أول مقابلة صحفية مطولة يجريها مع وسائل إعلام محلية منذ تنصيبه في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن بلاده اتفقت مع باريس على طي صفحة الخلاف.
وأشار إلى أن "الأجواء صافية بين البلدين حاليا"، مؤكدا نجاح زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الثلاثاء الماضي إلى الجزائر.
وكشف تبون عن أسباب الأزمة الصامتة في العلاقات مع باريس، مشيرا إلى أنها تعود بالأساس إلى المواقف الفرنسية من الأزمة السياسية والتي تزامنت أيضا مع الحراك الشعبي.
ووصف موقف الجزائر من الحراك والأزمة السياسية التي أعقبت رحيل الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة بـ"رد الفعل وليس الفعل".
وقال إن الجزائريين من الرئاسة إلى الشعب حساسون بشأن ما يتعلق بالسيادة الوطنية، خاصة إذا جاءت من المستعمر القديم.
وأضاف: "العلاقات مع فرنسا مرت بمرحلة فتور بسبب ما يعتبره الجزائريون تدخلاً في شؤونهم الداخلية خاصة فيما يتعلق بالتصريحات التي تزامنت مع الحراك".
واتهم الرئيس الجزائري "لوبيات" في فرنسا بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلاده، واستبعد في المقابل أن تكون "صادرة عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أو تمثله في كثير من الأحيان".
وأعرب تبون عن رفضه أن تكون "الجزائر محمية لأي كان، سواء لفرنسا أو لغيرها"، واتهم تلك اللوبيات بـ"استفزاز الجزائريين".
وألمح إلى وجود "لوبيات" أخرى تحمل كرهاً خاصاً وكبيراً للجزائر، ولوبي آخر يسعى من أجل مصالحه في البلاد بأي ثمن.
وشهدت العلاقات الجزائرية الفرنسية في 2019 توتراً غير مسبوق، بعد اتهام السلطات الجزائرية نهاية مارس/آذار الماضي "المخابرات الفرنسية والسفير الفرنسي بالجزائر بالتخطيط مع شقيق بوتفليقة ورئيس جهاز المخابرات الأسبق الفريق محمد مدين ومسؤولين آخرين للإطاحة بقيادة أركان الجيش"، و"العمل على التدخل في الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد لخلط أوراقها وفرض رئيس جديد موالٍ لها".
وعقب انتخاب عبدالمجيد تبون رئيساً للجزائر في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، علق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالقول: "علمت بانتخاب تبون، وأدعوه للحوار مع الحراك".
وهو الأمر الذي أثار حفيظة تبون، ورد عليه في ندوة صحفية مباشرة بعد إعلان نتائج الانتخابات بالقول أيضا: "من حقه أن يسوق للبضاعة التي يريد في بلاده، وأنا انتخبني الشعب ولا أمثل إلا الجزائريين".
وقام وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الثلاثاء الماضي، بأول زيارة له إلى الجزائر منذ 2017، ومنذ استقالة بوتفليقة في أبريل/نيسان 2019 وما تبعها من تأزم للعلاقات بين البلدين.
واتفقت الجزائر وباريس على تكثيف التنسيق بينهما لوقف إطلاق النار في ليبيا والعودة إلى طاولة الحوار بين الفرقاء الليبيين، والتعاون بينهما في مجال مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، وأعرب عن تطلع باريس لتحسين علاقاتها مع الجزائر.
ووصف لودريان الدور الجزائري في المنطقة بـ"قوة السلام"، مؤكدا أنها "قوة توازن وسلام في المنطقة، ولها كلمة مسموعة يمكن الاستثمار فيها".
واتفق البلدان أيضا على تكثيف التعاون بينهما لمحاربة الإرهاب في الساحل، وهي التي كانت من النقاط الخلافية، حيث أشار مراقبون إلى أن الجزائر "متحفظة على الوجود الفرنسي القريب من حدودها في منطقة الساحل وتعتبره تهديداً صريحاً لأمنها القومي".
كما أثنى وزير الخارجية الفرنسي على دعوة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الطبقة السياسية والحراك الشعبي للحوار الوطني الشامل.