الأعمال المتجددة.. نهج متكامل لبيئة عالمية عصرية ومستدامة

في السنوات الأخيرة، ارتفعت الاستدامة في جدول أعمال الشركات وأصبحت الآن جزءًا لا يتجزأ من استراتيجياتها.

وقد حدث تغيير كبير في كيفية رؤية الشركات للاستدامة والإجراءات المطلوبة لتحقيق ذلك. في حين أن الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) كان يعتبرها الكثيرون عبئًا –من حيث المخاطر والتكلفة– وتعد الآن أحد المحركات الرئيسية للنمو طويل الأجل.

• "المتوسط" بؤرة ساخنة لتغير المناخ.. الأمم المتحدة تكشف 5 تهديدات صادمة
• الطيور بين مخالب التغير المناخي.. تطور مثير للدهشة
  

وقد تم تحفيز هذا التحول في المواقف من خلال زيادة وعي العملاء، والمزيد من التنظيم القوي والطلبات المتزايدة في هذا المجال من المستثمرين والبنوك. ومن الناحية العملية، فإن وجهة النظر هذه للاستدامة تعني أن المزيد من الشركات قد حددت أهدافًا صافية صفرية، وانفجرت الاستثمارات في قضايا الاستدامة وتم إنشاء أقسام وأدوار جديدة تهدف إلى معالجة أجندة ESG للمؤسسة.

وجدت شركة أبحاث الاستدامة والاستشارات G&A Institute أن أكثر من 96% من شركات S&P 500 تنشر الآن تقارير ESG في شكل ما، كما يفعل ما يقرب من 81% من شركات Russell 1000. وفي الوقت نفسه، وجدت دراسة أجرتها وكالة بلومبرغ للأنباء أن الاستثمار المستدام بلغ 37.8 تريليون دولار في الأصول الخاضعة للإدارة في عام 2022، مما يسلط الضوء على القيمة الموضوعة على التحول والنمو المستدامين.

في حين أن هذا التغيير إيجابي، فقد لا يكون كافياً لحل الأزمة على مستوى النظام، فالتحديات التي نواجهها اليوم عديدة. وتؤثر القضايا الناتجة عن ذلك على الجميع مما يعني أنه يجب على الشركات التكيف مع الممارسات المستدامة ودمجها. وتضمين نهج مستدام في استراتيجيتها وثقافتها طويلة الأجل.

في حين أن هذه التحديات قد تبدو مُهدِدة، فإنها تقدم أيضًا فرصة هائلة، فالشركات قادرة على تبني موقف النموذج المتغير لجني ثمار كبيرة؛ حيث تُعد دراسة الجدوى الخاصة بالاستدامة قوية ومتنامية، وتتراوح بين خفض التكاليف وزيادة الإيرادات وجذب المزيد من المواهب وزيادة إنتاجية الموظفين وكسب الاستثمار.

كيف يمكن للشركات أن تتنقل للاستفادة الكاملة من الفرص؟

العالم اليوم أصبح بحاجة إلى نقلة نوعية في الأعمال متجددة، ووفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي يجب اتباع نهج متجدد للأعمال. وتتضمن هذه الفكرة استراتيجية تعزز استعادة وتجديد الموارد الطبيعية والنظم الاجتماعية، وتجاوز الاستدامة والسعي إلى إحداث تأثيرات إيجابية على البيئة والمجتمع والاقتصاد.

ويتطلب هذا النهج تحولًا جوهريًا في ممارسات الأعمال وهو جزء لا يتجزأ من أي منظمة لديها طموح للتأثير الإيجابي والنمو. حتى الآن، ركزت المؤسسات في الغالب على بصمة الكربون الخاصة بها كمقياس، وهو مقياس ضيق للغاية بحيث لا يمكن استيعاب نطاق المشكلات في الاقتصاد العالمي الحالي.

والشركات التي لا تتطلع إلى تقليل التأثير على نطاق أوسع تظهر نقصًا في فهم الآثار النظامية لعملياتها -وهو أمر لا يمكنهم بدونه أن يأملوا في وضع حلول مؤثرة في مكانها.

هذا وهناك نقطتان مهمتان تحددان نموذج الأعمال المتجدد وتجعله مختلفًا بشكل ملحوظ عن النموذج المستدام.

الأول هو أن النموذج المتجدد لا يأخذ في الحسبان تأثيرات أعماله الحالية فحسب، بل أيضًا تأثيرات النظام الزمني والجغرافي الأوسع الذي يعمل فيه.

ثانيًا، الهدف من الأعمال المتجددة ليس فقط الحد من تأثير التغيرات المناخية على الكوكب والمجتمع ولكن المساهمة بشكل إيجابي في الاقتصاد والعالم.

وفي حين كان هناك تركيز صحي من العديد من الشركات على أن تصبح مستدامة، فإن أولئك الذين يحاولون أن يصبحوا متجددين قليلون ومتباعدون. هذا لا يعني أن الجوانب التجديدية في العديد من الأنشطة التجارية غير موجودة. فقد أصبحت الموارد المتجددة مطلوبة أكثر فأكثر، وغالبًا ما تتطلب علاوة، في حين بلغت قيمة الأسواق الدائرية 339 مليار دولار في عام 2022.

ومع ذلك، يجب أن تكون الأولوية الآن للانتقال من القيام بإيماءات تجديدية، إلى وضع فكرة التجدد في صميم كل استراتيجية عمل. وبهذه الطريقة، يكون الهدف النهائي هو الاقتصاد المتجدد؛ حيث تسبب التغير المنهجي في حدوث تحول جوهري في كيفية تأثير الشركات على الناس والكوكب.

كيف يمكن للشركات البدء في بناء عمل تجاري متجدد

فيما يلي خمسة أشياء يجب اتباعها بالشكل الصحيح للشركات التي تبدأ هذه الرحلة:

1. وضع رؤية للتغيير: من خلال فهم واضح لهدف الشركة وتأثيرها، وتحديد الموضع الذي يمكن من خلالها إعادة تشكيل الاقتصادات.

2. تنظيم الخرائط وتحديد نقاط النفوذ: استنادًا إلى تعيين الأنظمة المختلفة (الداخلية والعمليات وسلسلة القيمة والاقتصاد الكلي)، والتقييم من خلال تحليل حلقات التغذية الراجعة، مع إبراز المكان الذي يمكن للشركة فيه استعادة النظم الاجتماعية والطبيعية من خلال تخصيص الموارد بشكل استراتيجي.

3. وضع استراتيجية متجددة: تحديد كيفية تقديم قيمة من خلال النتائج التجديدية.

4. مراجعة نماذج الأعمال: تقييم المنتجات والخدمات.

5. تحديد القيمة وتقديمها: إن فهم الأساليب المتجددة يمكن أن تدفع إلى خلق القيمة المالية هو مفتاح نجاحها واستمراريتها.