"النواب الجمهوري".. سيف على رقبة بايدن بالداخل والخارج
بات شبه مؤكد أن رياح انتخابات التجديد النصفي للكونغرس ستأتي بما لا تشتهيه سفينة الرئيس الديمقراطي جو بايدن داخليا وخارجيا.
تقارير صحفية أمريكية تشير إلى أن الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب لن تقيد فقط قدرة بايدن في الداخل الأمريكي بل سترسم توجهاته الخارجية أيضا.
وقال تحليل لصحيفة "نيوزويك"، إن الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب بعد الانتخابات النصفية المثيرة للانقسام ستقيد مناورة بايدن بشأن الأجندة التشريعية المحلية، وستعيق تحقيق أهداف سياسته الخارجية في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد عامين من الآن.
وتحدثت "نيوزويك" مع خبراء في السياسة الخارجية، حيث توقعوا نهجا أكثر عدوانية تجاه الصين، وزيادة التدقيق في المساعدات لأوكرانيا، ومزيدا من الضغط للتخلي عن المحادثات النووية مع إيران لصالح استراتيجية أكثر صرامة.
الصين
كريس لي، مدير مبادرة آسيا والمحيط الهادئ في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية التابع لكلية هارفارد كينيدي، أكد أنه "إذا استعاد الجمهوريون السيطرة على مجلس النواب وربما الشيوخ، فإن خيارات بايدن بشأن الصين ستضيق، سواء أحب ذلك أم لا".
وأوضح أنه "على الرغم من أن إدارة بايدن قد تكون مترددة في الاعتراف بذلك، فإن العامل القوي الذي يحفز ضمنيًا حساباتها بشأن سياسة الصين هو الرغبة في تجنب النظر إليها على أنها متساهلة تجاه بكين، وبالتالي فقد تتبني موقف أكثر تشددًا مع قدوم السيطرة الجمهورية.
وأضاف لي: "إذا استعاد الجمهوريون السيطرة على أحد مجلسي الكونغرس أو كليهما، فتوقعوا زيادة الضغوط السياسية المحلية على إدارة بايدن، وأي جهد لتحقيق الاستقرار في العلاقة بين واشنطن وبكين سيتم تدقيقه بشدة من قبل الجمهوريين، الذين سيستغلون بقوة أي نقاط ضعف محسوسة".
ومضى في حديثه: "الحقيقة غير المريحة هي أن الحسابات السياسية المحلية - بدلاً من التقييم الواضح للمصالح الوطنية - تدفع بشكل متزايد عملية صنع القرار في السياسة الخارجية في الولايات المتحدة والصين".
وتابع: "جادل الرئيس بايدن بضرورة وجود مزيج من المنافسة والتعاون فيما يتعلق بعلاقات بلاده بالصين"، ولكن مع استمرار تدهور العلاقة، ستصبح المنافسة النموذج السائد، في حين أن أي مجال للتعاون سينكمش.
الخبير بالشؤون الآسيوية قال كذلك: "لسوء الحظ ستصبح العلاقات الثنائية أكثر خطورة يومًا بعد يوم، لأن كلا البلدين يشترك في مصالح وطنية حيوية معينة - مثل تجنب صراع يمكن أن يتصاعد إلى حرب عامة".
روسيا
كان دعم بايدن لأوكرانيا ضد الحرب ضد روسيا في فبراير/شباط الماضي، مسألة محل توافق إلى حد كبير بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لكن ردود الفعل بدأت في الظهور.
ففي انتقاد واسع الانتشار لمقاربة الإدارة الحالية لتقديم المساعدة إلى كييف، صرح النائب كيفين مكارثي، الذي يستعد ليحل محل نانسي بيلوسي كرئيس لمجلس النواب، مرارًا وتكرارًا بأن مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون لن يوافق على "شيك على بياض" لأوكرانيا مع احتدام الصراع.
وبينما تراجع هو وغيره من المحافظين المؤثرين عن تلك التعليقات إلى حد ما، مؤكدين أنهم يدعمون أوكرانيا، فقد ارتفعت الدعوات إلى مزيد من الرقابة على مليارات الدولارات من الدعم العسكري والاقتصادي الذي يتم إرساله إلى الدولة الواقعة في أوروبا الشرقية.
وقال مارك كانسيان، العقيد المتقاعد في سلاح مشاة البحرية الأمريكية الذي عمل سابقًا في مكتب الإدارة والميزانية، ويعمل الآن كمستشار أول في برنامج الأمن الدولي التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، لمجلة نيوزويك، إن إحدى آليات الرقابة المقترحة هي: إنشاء هيئة رقابية بتكليف من الكونغرس، على غرار هيئة التفتيش العام الخاصة بإعادة إعمار أفغانستان (SIGAR).
وأضاف كانسيان: "لا أعتقد أنه سيكون هناك خفض في المساعدة العسكرية، لكن أعتقد أن المساعدة الاقتصادية ستكون أكثر عرضة للخطر، لأن الناس سيجادلون بأن الأموال مطلوبة في الداخل وأنها أقل ارتباطًا بشكل مباشر بالدفاع عن أوكرانيا".
ولكن في الوقت الذي سعى فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الحصول على أسلحة إضافية بعيدة المدى مثل نظام الصواريخ التكتيكية للجيش MGM-140 (ATACMS) ، أوضح كانسيان أنه "من المرجح أن يكون الكونغرس الجديد أكثر حذراً"، خاصة لأن الإدارة نفسها لم تدع لمثل هذه الخطوات.
وعندما تعلق الأمر بتشجيع أوكرانيا على مواصلة المحادثات مع روسيا لإيجاد حل دبلوماسي للصراع، قال كانسيان إنه شعر بأنه سيكون هناك المزيد من الاهتمام بالمفاوضات في جميع المجالات.
وجادل كانسيان حول أن مستوى التأثير الذي قد يفرضه الكونجرس الجديد على استراتيجية بايدن في روسيا وأوكرانيا سيعتمد على الأرجح على حجم الأغلبية في مجلس النواب التي يتمكن الجمهوريون من تحقيقها في الانتخابات النصفية. موضحا أنه من بعض النواحي، قد تكون الأغلبية الجمهورية الكبيرة مفيدة بالفعل لأوكرانيا، لأنها قد تطغى على "الأصوات" التي تدعم صراحة روسيا.
ومع ذلك، كقوة حزبية تتطلع إلى عام 2024، فإن للجمهوريين أيضًا مصلحة في رؤية سياسة بايدن الخارجية تتعثر.. "هذا هو عمل حزب المعارضة".
إيران
عندما تولى بايدن منصبه، اختارت الإدارة متابعة حل تفاوضي بدلاً من إلغاء العقوبات فورًا والعودة إلى الاتفاق النووي. ولكن بعد عام ونصف من المحادثات في العاصمة النمساوية فيينا، لم يتم التوصل إلى ترتيب متفق عليه بشكل متبادل، ولا تزال قيود "الضغط الأقصى" التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب على طهران سارية.
وكان موقف إدارة بايدن من إيران قد تشدد بالفعل في الفترة التي سبقت انتخابات التجديد النصفي، حيث ترتكب طهران انتهاكات لحقوق الإنسان ضد مواطنيها، بما في ذلك تداعيات وفاة مهسا أميني في حجز الشرطة في سبتمبر/أيلول.
ومع تلاشي فرص خطة العمل الشاملة المشتركة في البقاء على قيد الحياة، يمكن الشعور بتأثير الكونغرس الأمريكي الأكثر تحفظًا في كلتا العاصمتين.
وقال سينا أزودي، الباحث الأستاذ المساعد في كلية إليوت للشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، لمجلة نيوزويك: "أنا على يقين من أن الضغط سيزداد على إدارة بايدن للتخلي عن المحادثات النووية، لكنني أعتقد أن الإجابة ستظل في طهران".
وتابع: "إحساسي أن طهران تنتظر أيضًا لترى ما سيحدث في الانتخابات النصفية لتقرير مستقبل المحادثات وعدم جدواها. لأن الجمهوريين قد تعهدوا بوقف خطة العمل الشاملة المشتركة ، فإن ذلك يثني إيران عن السعي لإحياء الصفقة".
وبالنسبة لواشنطن، كما جادل، فإن المزيد من النفوذ الجمهوري سيؤدي إلى تكثيف نهج ترامب الذي أشارت إليه إدارة بايدن على أنه سياسة "فاشلة".
وستتزامن مثل هذه الخطوة مع القدوم المتوقع لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو لمواجهة إيران، حيث كان من المقرر أن يستعيد منصبه بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأسبوع الماضي.
واختتم حديثه قائلا: "أعتقد أن إدارة بايدن ستكون تحت ضغط أكبر لتعظيم حملة الضغط الأقصى من خلال محاولة منع مبيعات النفط الإيراني إلى الصين، على سبيل المثال"، كما أن عودة نتنياهو إلى السلطة تزيد من تعقيدات الصفقة (إن وجدت) وإمكانية تنفيذها.
aXA6IDMuMTQ1LjEwNi43IA==
جزيرة ام اند امز