فريق بحثي بجامعة الإمارات يطور طريقة لتحويل الرمل إلى ورق
فريق من جامعة الإمارات يعمل على إعداد مشروع صديق للبيئة لتحويل الرمل إلى أوراق من خلال عملية صممت لمواجهة مشكلة نقص المياه
يعمل فريق من جامعة الإمارات على إعداد مشروع صديق للبيئة لتحويل الرمل إلى أوراق من خلال عملية صممت لمواجهة مشكلة نقص المياه والتقليل من البصمة الكربونية، حيث تستهلك هذه العملية طاقة أقل بكثير مقارنة بعملية إنتاج الأوراق من الألياف الخشبية، كما لا تتطلب استخدام الماء، وهو ما يواكب توجهات الدولة في الحفاظ على بيئة نظيفة واستدامة مواردها الطبيعية، ويعتبره الفريق البحثي المشروع الأول من نوعه في العالم.
وتقوم الطالبتان روكشانا مانغاتو فيتيل –من قسم الهندسة الكيميائية بجامعة الإمارات- وسيدرا سراج أحمد - طالبة دراسات عليا من قسم الهندسة الكيميائية بجامعة العين- بإجراء بعض التعديلات على عملية لإنتاج مادة شبيهة بالورق قوية ومصنوعة من المعادن من خلال خلط الرمل مع حبيبات البوليمر.
وتستهلك هذه العملية طاقة أقل بكثير مقارنة بعملية إنتاج الأوراق من الألياف الخشبية كما لا تتطلب هذه العملية استخدام الماء.
وتقول الطالبة سيدرا: "يعود استخدام الورق إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وتعد الأوراق حاجة ضرورية في جميع أنحاء العالم، حيث كانت ولا تزال تستخدم لطباعة النقود وحفظ المعلومات، كما زادت كمية استهلاك الأوراق عالميا بنسبة 400% خلال الأربعين سنة الماضية، الأمر الذي أدى إلى زيادة إزالة الغابات وارتفاع الاحتباس الحراري، كما يعد تلوث الماء والهواء من أضرار عملية إنتاج الأوراق، ويعد الخشب المادة الأساسية لإنتاج الأوراق، ولكن السؤال الذي نطرحه في هذا المشروع هو: هل توجد مادة أخرى متوفرة بكثرة في الطبيعة يمكن استخدامها لإنتاج الأوراق؟"
وأضافت الطالبة سيدرا أن هذا المشروع هو الأول من نوعه في العالم، فلا يوجد أي مكان في العالم يقوم بتصنيع الورق من الرمل، ولقد خطرت لنا هذه الفكرة عندما شاركنا في مسابقة "ثينك سينس" وأردنا أن نخلق فكرة ابتكارية تتوافق مع رؤية دولة الإمارات في تحقيق الاستدامة".
ومع إمكانية الوصول إلى مصادر الطبيعة في الإمارات، قامت الطالبة سيدرا وزميلاتها سمية رباني وحمدة المسماري وسارة الكتبي من قسم الهندسة الكيميائية بجلسة عصف ذهني للتفكير بطريقة للاستفادة من المصادر الطبيعية المتوفرة في الدولة وتحويلها إلى منتج صديق للبيئة يحتاجه الناس في حياتهم اليومية.
وقالت الطالبة سيدرا "سألنا أنفسنا: ما هي المصادر المتوفرة هنا في الدولة؟ وأول مصدر خطر في بالنا وهو متوفر بكثرة في كل مكان في الدولة هو الرمل.. ففكرنا ماذا يمكننا أن نفعل بالرمل وكيف يمكننا استخدامه في صناعة الورق".. وأضافت سيدرا: "يتم الآن صناعة الأوراق من الحجر كما أن 80% من هذه الأوراق مكونة من الحجارة والباقي من مادة البوليمر، وفكرنا أنه إذا كان الورق يصنع من الحجارة فلما لا يمكن إنتاجه من الرمل ومن هنا جاءت فكرة هذا المشروع." وبعد أن حصلت الفكرة على الجائزة الثالثة في مسابقة "ثينك سينس" عام 2016 بفئة الكيمياء التطبيقية والكيمياء الحيوية، تعاونت الطالبة سيدرا مع الطالبة ركشانا لتطوير هذه الفكرة وتحويلها إلى حقيقة، وقد قامت الطالبتان بإجراء العديد من التجارب واتباع العديد من الطرق وهما الآن تعملان على تطوير هذا الابتكار.
كما يعمل الفريق على تبيض المادة لتفتيح لون الورق الذي يتم إنتاجه، وما يميز هذه العملية أنها لا تحتاج إلى استخدام الماء أو الوقود الأحفوري، وهذا سيساعد في تقليل البصمة الكربونية مما يعود بالنفع على الدولة.
ووجهت الطالبة سيدرا الشكر للمشرف على المشروع الدكتور -علي المرزوقي- من قسم الهندسة الكيميائية لدعمه بشكل كبير للمشروع، وتقول إنه عندما يكتمل المشروع ستكون النتائج النهائية لها فوائد عديدة. وأضافت "إن صناعة الأوراق تستهلك الكثير من الماء ونحن هنا في دولة الإمارات نواجه مشاكل نقص المياه وهذا المشروع بالتأكيد سيساعد في حل هذه المشكلة".
ويتميز هذا المنتج من الورق ليس فقط أنه لا يستخدم الخشب في تصنيعه بل أنه مقاوم للتمزق ويبقى لفترة طويلة، فمادة البوليمر المستخدمة فيه تعتبر مادة مقاومة للماء، ويهدف هذا المشروع إلى إنتاج الورق من مصدر متجدد وهو الرمل، وهذا سيساعد ليس فقط في حفظ الأشجار والتقليل من استهلاك الماء، بل سيساهم في تعزيز اقتصاد دولة الإمارات، حيث يمكن إنتاج الورق من خلال استخدام مصدر محلي طبيعي.
وتتطلب عملية إنتاج الورق استهلاك الماء في كل مرحلة من مراحل الإنتاج كما تؤثر الملوثات التي تنتج من هذه العملية على الأحياء المائية وجودة الهواء، وستساعد المواد البديلة المستخدمة في هذا المشروع في إيجاد حل للاستخدام المفرط للأشجار في إنتاج الأوراق، كما سيساهم في تحقيق رؤية دولة الإمارات 2021 لبناء مستقبل أكثر استدامة.