خطوة أولى لقراءة الأفكار.. علماء ينجحون في ترجمة إشارات المخ
باحثو جامعة كاليفورنيا استطاعوا إجمالا فك شفرة ما يصل إلى 61% من الإجابات المسموعة، وما يصل إلى 76% من الإجابات المنطوقة، بشكل صحيح
أعلن باحثون من جامعة كاليفورنيا الأمريكية بسان فرانسيسكو، نجاحهم في فك شفرة المعلومات الواردة من المخ أثناء المحادثات المسموعة أو المنطوقة، اعتماداً على قياس أنشطة الدماغ.
وقال الباحثون في دراستهم التي أشرف عليها دكتور إدوارد شانج، من جامعة كاليفورنيا، إنها بمثابة خطوة أقرب للتمكن من قراءة الأفكار.
وعلّق الخبير الألماني تونيو بال، من مستشفى فرايبورج الجامعي، على الدراسة بالقول: "هذا تطور مثير جدا"، مشيرا إلى أن شانج وزملاءه مشهورون على مستوى العالم بالريادة في فك شفرة إشارات المخ.
ويأمل أصحاب الدراسة في أن تساعد نتائجها، يوما ما، الذين فقدوا القدرة على النطق بسبب الإصابة بسكتة دماغية أو تنكسات عصبية، أو ما يعرف بالتصلب الجانبي الضموري (ALS)، "فعلى الرغم من أن استعادة قدرات التواصل ولو بشكل محدود، تساعد على تحسين جودة الحياة بشكل كبير، فلا توجد حتى الآن أداة لغوية صناعية بنفس سرعة الحديث البشري".
ويضطر فاقدو النطق حتى الآن لاستخدام أدوات لغوية مساعدة يتم التحكم فيها من خلال حركة العين أو لوحة مفاتيح، مما يتيح لهؤلاء المصابين التفاهم مع الآخرين، لكن ببطء.
ولكن الباحثين يرون أن على أي جهاز صناعي لغوي أن ينقل الأفكار على شكل لغة، في الوقت الأصلي، قدر الإمكان.
وفحص الباحثون، في سبيل تطوير البرنامج، 3 أشخاص يحملون غطاء رأس مزود بأقطاب كهربية موضوعة فوق قشرة المخ مباشرة. وكانت الأقطاب الكهربية تسجل نشاط الدماغ، خصوصاً نشاط مركز اللغة والسمع، وكان ذلك في البداية خلال حديث معاد.
واستمع المشاركون في التجربة لأسئلة مثل: "ما أداة العزف الموسيقي التي تفضلها؟"، ثم طلب منهم اختيار إجابة من عدد من الإجابات التي وضعت على شاشة، وأن يقولوا، مثلا، "الجيتار الكهربائي".
في هذه الأثناء قاس الباحثون مخطط كهربية قشرة المخ، الذي يرصد نبضات الخلايا العصبية التي تنشط عند السمع والكلام. واعتمد الباحثون على القياسات التي حصلوا عليها لتحديد الأسئلة التي سمعها المشتركون أو الإجابات التي أعطوها، باستخدام برنامج حاسوبي مخصص لذلك.
ونجح الباحثون في 85% من الحالات في معرفة ما إذا كان المشتركون قد سمعوا سؤالا أو أعطوا إجابة.
وكان الباحثون ينجحون في تقدير الإجابة الصحيح بشكل أصدق، كلما كان السؤال المطروح معروفا.
وكلما استطاع البرنامج، مع الوقت، التمييز بشكل أفضل بين الأنماط العصبية المختلفة، كلما كانت الإجابات التي توقعوها أكثر صدقا.
وحسب الباحثين، فقد استطاعوا إجمالا فك شفرة ما يصل إلى 61% من الإجابات المسموعة، وما يصل إلى 76% من الإجابات المنطوقة، بشكل صحيح.
وفقا للباحثين، وصلت نسبة الإصابة بمحض الصدفة، إلى 7% في حالة الإجابات المسموعة، و 20% في حالة الإجابات المنطوقة.
غير أن اقتصار التجربة على عدد ثلاثة من المشتركين يجعل من الصعب استخلاص نتائج يمكن تعميمها من الدراسة. كما أنه من الصعب الجزم بشيء فيما يتعلق بتأثير وضع الأقطاب الكهربية على قشرة المخ، برغم ما لذلك من أهمية كبيرة.
وقال الباحثون إن إدخال المزيد من التحسينات على نظام التعرف اللغوي سيحسن برنامج فك شفرة الإشارات اللغوية بشكل واضح.
ويعتقد الباحثون أن نتائج دراستهم خطوة مهمة في طريق تطوير جهاز لغة صناعي، "حيث تبرهن النتائج على أنه من الممكن فك شفرة اللغة في الزمن الحقيقي، وأثناء المحادثة.. وهو ما له أهمية كبيرة بالنسبة للمرضى الذين لا يستطيعون التفاهم مع الآخرين".
وصف الخبير الألماني بال، من مستشفى جراحة الأعصاب في مدينة فرايبورج الألمانية، الدراسة بأنها عمل جيد جدا من الناحية المنهجية والفنية، وقال: "يكمن الجانب الإبداعي في الدراسة في تركيز الباحثين على التواصل الطبيعي".
تابع الطبيب الألماني في إطار تقييمه للدراسة: "الانتقال بين السؤال والإجابة يساعد في تحليل إشارات المخ بشكل موثوق به".
كما رأى الطبيب أن الدراسة تنطوي على تقدم، رغم أنه لا تزال هناك مساحة كبيرة للأمام، حيث يمكن، وفقا للطبيب بال، تسجيل الأنماط العصبية عند السمع والكلام، وهو ما لا تصلح معه أغطية الرأس المزودة بالأقطاب الكهربية، والتي تستخدم مع مرضى الصرع.
وتوقع الخبير الألماني أنه "لا يزال هناك متسع أمام هذه التقنية للتطور"، كما توقع أن تساهم طرق الذكاء الصناعي في تحليل إشارات المخ بشكل أوضح.
aXA6IDMuMTUuMTcuNjAg جزيرة ام اند امز