خبراء لـ"العين" السعودية تسعى لإعادة التوازن لاقتصادها
خبراء يؤكدون أن السعودية تسلك عدة مسارات متوازية لخلق توازن بين الإنفاق والإيرادات دون الوقوع في مخاطر الانكماش الاقتصادي.
تحولات مهمة يمر بها الاقتصاد السعودي حاليا جذبت اهتمام مؤسسات المال العالمية لأكبر منتج للنفط في أوبك.
خبراء متابعون للاقتصاد الخليجي قالوا لـ "العين": تسعى المملكة لإعادة التوازن للاقتصاد الأكبر بالشرق الأوسط بعد أن تعرض لصدمة انخفاض الإيرادات الحكومية على خلفية انهيار أسعار النفط منتصف 2014.
ووجهت الحكومة السعودية قبل أيام الوزارات والهيئات بمراجعة مشاريع غير منتهية بمليارات الدولارات في البنية التحتية والتنمية الاقتصادية بهدف تجميدها أو إعادة هيكلتها.
كما أعلنت المملكة عن طرح أولي لعملاق النفط السعودي أرامكو والمتوقع أن يكون الأضخم في العالم.
وقال الخبراء: "السياسات الجديدة ترمي بالأساس إلى تقليص الإنفاق الحكومي مع زيادة موارد الموازنة، دون التعرض لمخاطر الانكماش الاقتصادي".
ويأتي على رأس هذه التحولات، تقليص مخصصات الإنفاق الحكومي على المشروعات الرأسمالية عبر إعادة تقييم المشروعات غير المكتملة، بالتوازي مع بحث فرص الدخول في مشاركة مع القطاع الخاص لتولي تنفيذ هذه المشروعات.
بقول أيمن إسماعيل رئيس قطاع الاستثمار بشركة جرافتون كابيتال بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: إن السياسات الاقتصادية الحالية للسعودية تعرف عالميًا بالعمق الاقتصادي، عبر الاعتماد على قطاعات متعددة، تتطلب مرونة أكبر في التعامل مع القطاع الخاص سواء المحلي أو الأجنبي.
وأضاف إسماعيل لـ"بوابة العين" أن المملكة تدرك أن الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل لم يعد يجدي كما كان في السابق، لذلك لا مفر من جذب تدفقات نقدية من المستثمرين الأجانب سواء بصورة مباشرة عبر المشاركة في تنفيذ مشروعات أو استثمارات غير مباشرة في سوق المال وتنفيذ طروحات جديدة".
وشدد إسماعيل على أن خطوة التنوع الاقتصادي وتعظيم دور الاستثمارات الخاصة يحتاج دائمًا إلى تسهيل إجراءات تأسيس المشروعات، مع وضع نظام ضريبي واضح لا يتسم بالغموض في تفسير مواده، وأن تكون الضرائب والرسوم المفروضة على الشركات مستقرة لفترة طويلة حتى يتمكن المستثمرون من وضع دراسات جدوى اقتصادية دقيقية لمشروعاتهم.
وقال محمد ماهر الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار برايم، لبوابة "العين" الإخبارية إن سياسة الاعتماد على القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات البنية التحتية تخلق فرصًا أكبر لإعادة توجيه الموارد الحكومية لخدمة القطاعات الأكثر حيوية أو احتياجًا.
ويشير ماهر إلى أن دول العالم وتحديدًا الناشئة باتت تعتمد بصورة أكبر على ما يعرف بنظام "البناء والتشغيل وإعادة الملكية" في تنفيذ المشروعات العملاقة، بحيث يتم إعفاء الحكومة من تحمل أعباء النفقات الرأسمالية مقابل أن يتولى القطاع الخاص أعمال التنفيذ والتشغيل بنظام حق الانتفاع على أن يعيد للدولة ملكية المشروع عند انتهاء مدة الانتفاع المتفق عليها.
بدوره قال الدكتور عمرو حسنين رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للتصنيف الائتماني لـ "بوابة العين" إن دول الخليج بشكل عام والسعودية على وجه الخصوص تتجه بشكل قوي للاستفادة من ميزة التصنيف الائتماني الجيد لاقتصاداتها في الحصول على تمويلات بالنقد الأجنبي بأسعار فائدة جذابة، ما يحقق هدفين الأول هو المساهمة في سد عجز الموازنة بتكلفة معقولة، والثاني هو تقليل الضغط على السيولة المحلية.
وقد طرحت المملكة مؤخرًا أكبر إصدار عالمي من الصكوك بقيمة 9 مليارات دولار، وذلك بعد عامٍ واحد من إصدار أكبر طرح للسندات تشهده الأسواق الناشئة في العالم بقيمة 17.5 مليار دولار.
ويقدر البنك الدولي أن نمو اقتصاد السعودية، أكبر اقتصادات الخليج، سيتباطأ إلى 0.6 بالمئة في عام 2017 من نمو مقدر عند 1.4 بالمئة في 2016.
ويتوقع البنك أن يتسارع نمو اقتصاد السعودية إلى 2 بالمئة و2.1 بالمئة في عامي 2018 و2019 على الترتيب.
وذكر البنك أن من المتوقع أن يتوقف النمو في قطاع النفط والغاز بالمملكة في 2017 تماشيا مع الاتفاق الأخير لمنظمة أوبك.
وقال البنك إن السلطات السعودية قامت بالفعل بخفض إنتاج النفط إلى 9.8 مليون برميل يوميا في يناير كانون الثاني وهو ما يماثل مستوياته قبل هبوط أسعار الخام في 2014.