أطفال الروهينجا في بنجلاديش.. جوعى يتامى ومهددون بالاستغلال
أطفال يعتريهم الحزن والجوع بعد فقدان ذويهم على أيدي الجيش في ميانمار.
كان 28 أغسطس/آب الماضي يوما تقليديا، ومثل أي يوم إثنين بالنسبة للشقيقين حسين (9 أعوام) وموفيسا (10 أعوام)، ودّعا والديهما وذهبا إلى المدرسة في قريتهما بولاية راخين غربي ميانمار.
- نازحو الروهينجا ثلاثة أضعاف اللاجئين تجاه أوروبا في 2017
- صحيفة بريطانية: مسؤولون حكوميون يشاركون في قتل الروهينجا
لكن عودتهما في ذلك اليوم كانت مختلفة، حيث وجدا منزل طفولتهما قد التهمته النيران، ولا أثر لوالديهما، فما كان منهما سوى تتبع جيرانهما إلى غابة قريبة حيث أُخبرا بأن الأب والأم (من أقلية الروهينجا المسلمة) قُتلا على أيدي جيش ميانمار في هجوم شنه على قرية تشين خالي، وفقا لوكالة "رويترز".
وبينما كان شقيقه يقف بجواره في مخيم كوتوبالونج ببنجلاديش، قال حسين إنهما يشعران بالحزن البالغ والوحدة الشديدة بعد فقدان والديهما، فمع حرق منزلهما أُجبر الشقيقان على الفرار مع سكان القرية بلا أمتعة سوى كتبهما المدرسية.
وبعد 5 أيام من السير فوق التلال الزاخرة بالأدغال وعبر الأنهار، وصل الطفلان إلى بنجلاديش حيث تخلى عنهما جيرانهما وناما على جانب الطريق.
غير أن هذين الصغيرين ليسا الطفلين الوحيدين اللذين تيتما أو انفصلا عن أسرتهما بعد اندلاع العنف في راخين والاضطهاد الذي يعانيه مسلمو الروهينجا.
وحتى الآن، فرّ ما يزيد على 400 ألف من مسلمي الروهينجا إلى بنجلاديش، جراء أعمال العنف الدائرة غربي ميانمار منذ 25 أغسطس/آب الماضي.
وقال جان ليبي، مدير وحدة دعم الطفل التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" في بنجلاديش، إنهم حددوا حتى الآن وجود ألف و312 طفلا من الروهينجا غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عنهم من بين أحدث الوافدين إلى بنجلاديش، وهو الرقم الذي تخشى المنظمة أنه سوف يشهد تزايدا في الأيام المقبلة.
وفي معسكرات اللاجئين المنتشرة على طول الحدود الجنوبية البنغالية، أنشأت اليونيسيف خياما ليتمكن الأطفال من اللعب بأمان، ولكن على طول جانب الطريق أو بين الممرات الموحلة لهذه المعسكرات يتسول الآلاف من أطفال الروهينجا الطعام أو المال.
مخاطر الإتجار بالبشر
انخفض ترتيب بنجلاديش مؤخرا ودخلت في الفئة الثانية على قائمة المراقبة في التقرير السنوي للإتجار بالبشر الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية؛ ما يعكس مخاوف متزايدة بشأن جهود الحكومة في مكافحة هذه الظاهرة.
وأعرب التقرير عن قلق خاص بشأن شعب الروهينجا في بنجلاديش، وأن وضعهم كعديمي الجنسية، وعجزهم عن الحصول على المعونات أوالعمل بصورة قانونية، يزيد من تعرضهم للإتجار بالبشر.
وفي هذا الصدد، قال جان ليبي إنهم سمعوا بالفعل عن وجود تجنيد للأطفال في أعمال العبودية المنزلية داخل معسكرات اللاجئين.
كما أن الزواج المبكر من بين المخاطر التي قد تتعرض لها الفتيات اللاجئات من الروهينجا، واللاتي يقع على عائلاتهن أعباء إطعام الكثير من الأبناء؛ ففي وقت سابق من العام الجاري، وجد استطلاع أممي أن أكثر من نصف فتيات هذه الأقلية واللاتي فررن إلى ماليزيا والهند وإندونيسيا، أصبحن عرائس وهن في سن الطفولة.
صغار وعرضة للخطر
في المعسكر البنغالي، تقطن نور كاجول (10 أعوام) واحدة من بين المعرضات للخطر، فقد فرت من راخين بعد أن قتل الجيش والدها برصاصة في الرأس.
نور هي الكبرى من بين 5 أشقاء بلا أب؛ ما يجعلها تتعرض الآن بشكل خاص لخطر الاستغلال، وتقول من داخل المعسكر، إنهم جوعى ولا يمتلكون الكثير من الطعام.
إن اختطاف القصّر والإتجار بهم، تهديد جديد تواجهه بنجلاديش، التي تستضيف آلافا من لاجئي الروهينجا منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث سجلت منظمة العمل ضد الجوع، في النصف الأول من 2017، اختفاء 16 من أطفال هذه الأقلية.
لكن الحجم الهائل للتدفق الحالي يجعل المعسكرات الجديدة أرضا خصبة للتجار، وليس الأطفال غير المصحوبين بذويهم أو المنفصلين عنهم هم فقط العرضة لهذا الخطر، وفقا لجان ليبي.
ليبي لفت إلى أن العائلات الجديدة عرضة للخطر لأنهم فقدوا كل شيء وفي حاجة للدخل ومن ثم فإنهم أكثر ميلا لتسليم أطفالهم إلى كيانات ضارة، مضيفا: "رسالتنا ألا تعطي طفلك لأي شخص لا تعرفه".
الصغيران حسين وموفيسا في أمان، في الوقت الحالي بعد أن أخذهما اللاجئ زافور أحمد، حين وجدهما يبكيان على جانب الطريق، ويعيشان الآن في منزله بمخيم كوتوبالونج، وهو مأوى غير مستقر مصنوع من القماش وعصي الخيزران، وفي المساء ينامون على حصيرة من أغصان الشجر تكاد تقيهم من الأرض المبللة.
يقول أحمد (45 عاما) إنه يمتلك أسرة مكونة من 6 أفراد، وإن هناك صعوبة تكمن في أن يعيشوا جميعهم أسفل كوخ واحد، غير أنه سعيد باعتناء الطفلين إلى أن تتولى أية منظمة مسؤوليتهما؛ لأن وجودهما بمفردهما خطر عليهما.
aXA6IDMuMTM2LjE5LjEyNCA= جزيرة ام اند امز