زاهدة بيجوم.. من لاجئة إلى "قارب" نجاة للروهينجا
اللاجئة لم تنس رحلة فرارها، واليوم تساعد من هم بحاجة إلى يد تصل بهم إلى بر الأمان
لا تتذكر "زاهدة بيجوم" قريتها النائية وسط جبال وغابات ميانمار، فقد كانت في شهرها الـ 18، عندما هرّبتها والدتها إلى بنجلاديش، ضمن آلاف الروهينجا الفارين من الاضطهاد.
قبل أكثر من 26 عاما، عبرت الطفلة نهر ناف، على متن قارب صيد، لتعيش من وقتها كلاجئة في المخيمات البائسة التي تأوي مسلمي الروهينجا.
واليوم، تؤمن زاهدة رزقها من العمل كمترجمة ومرشدة صحية لصالح مجموعة من منظمات الإغاثة الدولية، دون أن تتراخى قط في معاونة كل من يطلب مساعدتها خارج دوامها.
لذلك عندما اتصل بها أقاربها المذعورون في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، لإخبارها بأن جنود ميانمار كانوا يحرقون قرى الروهينجا وأن عشرات الآلاف يفرون ناحية الحدود، شرعت على الفور في تأمين المساعدات لأهلها.
وبحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، أجرت بيجوم اتصالات بعدة دول، وجمعت تبرعات بآلاف الدولارات، ونظمت إتاحة القوارب والإجراءات مع المهربين.
وبعد يوم واحد كان حوالي 400 شخص – من بينهم بعض أقاربها وآخرون من قرى مجاورة – في أمان.
ويقول عبد المطلب أحد الذين تم إنقاذهم في تلك الليلة، إنه إذا لم ترسل زاهدة تلك القوارب لكانوا ميتين في ميانمار.
ويستشهد بأن بيجوم أنقذت وقتها 70 أسرة من قريته، بينما قتلت القوات الحكومية 400 شخص.
وحاليا، يعيش عبد المطلب، البالغ من العمر 35 عاما، مع عائلته في مأوى صغير من البامبو وقماش القنب البلاستيكي، حيث ينامون على الأرض.
بيجوم امرأة مبتسمة واثقة من نفسها، ترتدي عباءة طويلة سوداء وحجابا، ترعرعت وهي تستمع إلى قصص عن اضطهاد الروهينجا في ولاية راخين بميانمار.
ورغم إنقاذها لهذه المجموعة، إلا أن ما يحز في نفس الشابة، الأخبار المتواترة حول عمليات التطهير الحكومية، التي فرّ على وقعها 618 ألفا من الروهينجا إلى بنجلاديش.
وتقول الأمم المتحدة إن تصرفات ميانمار بدت أنها "تطهير عرقي".
والحال كذلك، أدركت بيجوم أن عليها إنقاذ المزيد، فقد كان هناك أمهات وأطفال يحاولون الفرار، استحضرت معهم قصص والدتها عن رحلة خروجهم من ميانمار عام 1990.
ففي ذلك العام، هرب أكثر من 250 ألف روهينجي من العمل بالسخرة والاغتصاب والاضطهاد.
وفي عملية الإنقاذ التي رتبتها، تشرح بيجوم كيف جمعت بمساعدة الأقارب في أستراليا وماليزيا أكثر من 4 آلاف دولار، في غضون ساعات، حيث وصلها المال عبر وسيط طلب رسوما باهظة.
وبعد ذلك، تواصلت مع صائد سمك في قرية شاملابور على الساحل البنغالي، القريب من منزلها في مخيم اللاجئين المكتظ، كوتوبالونج، طالبة تأجير قاربيْن وإطلاقهما تجاه حدود ميانمار.
وفي النهاية، تم إحضار 70 أسرة في القاربين اللذين انطلقا لأكثر من 60 كيلومتر من بنجلاديش إلى نقطة الالتقاط في ميانمار، ثم عبرا ليلا خليج البنغال ونهر ناف.
وبعد وصولهم بر الأمان، أسكنت الشابة اللاجئين الجدد حول منزلها المصنوع من البامبو وقماش القنب.
وبعدها، انفقت ما تبقى من أموال وصلتها لاحقا من متبرعين على الأسر، بواقع 35 دولارا لأي منها، ثم أرسلتهم إلى مخيم مجاور ليبنوا مأوياهم الخاصة.
وعند سؤالها عن أسباب اتخاذها قرار تقديم المساعدة، أجابت بيجوم "إذا كانوا آمنين وصحتهم جيدة فأنا راضية، فلا شيء يجعلني أكثر سعادة من ذلك".