أعاد كشف محكمة أمريكية اتهام 4 إيرانيين بالتآمر للاختطاف والاحتيال وغسل الأموال، إلى الأذهان استدراج واختطاف المعارض روح الله زم.
وقد أُعدم الصحفي "روح الله زم" لاحقاً بعد محاكمة صورية له أجراها نظام الملالي في طهران، التي وصل إليها بعد استدراجه من فرنسا إلى العراق، ليتم اختطافه ونقله إلى إيران.
وكشفت وثائق المحكمة أن علي رضا شافروغي فرحاني، المعروف أيضاً باسم "فيزيرات سليمي"، والحاج علي، 50 عاماً، ومحمود خزين، 42 عاماً، وكيا صادقي، 35 عاماً، وأوميد نوري، 45 عاماً، وجميعهم مواطنون إيرانيون، تآمروا لاختطاف "الضحية 1" الذي عرّفته الوثائق بأنه صحفي ومؤلف وناشط في مجال حقوق الإنسان من بروكلين في نيويورك لقيامه بتعبئة الرأي العام في إيران وحول العالم لإحداث تغييرات في قوانين وممارسات نظام الملالي.
فاللافت في هذا الاستعراض للأحداث، أن تتشابه مع حادثة اختطاف المعارض والصحفي الإيراني روح الله زم، ما أكدته الصحفية والناشطة الأمريكية من أصل إيراني، مسيح علي نجاد، أنها "الضحية 1" المعنية في قضية تآمر شبكة تابعة للنظام الإيراني لاختطافها من منزلها في بروكلين بولاية نيويورك الأمريكية، وقد نشرت عبر حسابها على "تويتر" فيديو تتحدث فيه عن وجود عناصر لـFBI تحت منزلها في إطار تأمين الحماية لها.
ومسيح علي نجاد معروفة بانتقادها للنظام الإيراني وناشطة نسوية أسّست حركة "حريتي المسترقة".
وفي سياق متصل بقضية "الضحية 1"، مسيح نجاد، كشفت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" أن المؤامرة كانت جزءاً من خطة أوسع لاستدراج ثلاثة أفراد في كندا وشخص خامس في المملكة المتحدة إلى إيران".
الكشف عن ذاك الخرق الأمني للسيادة الأمريكية له دلالة كبرى، كمثال أن إيران تخطت الحدود الحمراء المتعارف عليها دولياً، وإن كان إقدامها على عمليات خطف في تركيا وغيرها من الدول مفهوم، ولكن عملية مسيح نجاد يجب أن تكون رسالة واضحة إلى الرئيس بايدن كي يعرف أكثر مدى خطورة نظام الملالي وإرهابه.
ويرى متابعون في واشنطن أنه قد لا تؤثر هذه القضية على محادثات فيينا النووية وإنجاز اتفاق جديد، خصوصاً في ظل الحديث عن توجه لرفع رزمة من العقوبات ستطول القطاع المصرفي الإيراني، إضافة إلى رفع عقوبات كانت مفروضة على الولي الفقيه شخصياً، إلا أنها ستكون رسالة إلى الرأي العام الأمريكي والعالمي المعارض للنظام الإيراني، خصوصاً في موضوع حقوق الإنسان وتعذيب السجناء في ظل انتهاج طهران أسلوب الخطف والتعذيب وصولاً إلى إعدام معارضي النظام.
ويأتي قرار الاتهام الأمريكي في قضية مسيح علي نجاد في لحظة غير مستقرة في العلاقة المشحونة بين الولايات المتحدة وإيران، حيث سبق وأمر الرئيس جو بايدن، أواخر الشهر الماضي، بشن غارات جوية على المليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق، وأخبر الكونجرس أنه تحرك للدفاع عن الجنود الأمريكيين وردع الهجمات الإيرانية.
وفي الوقت نفسه، يعمل البلدان على توقيع اتفاق نووي جديد للحد من القدرة النووية الإيرانية.
وكانت إيران قد دخلت في أزمة اقتصادية ومالية بعد خروج واشنطن من الاتفاق النووي إبان عهد الرئيس دونالد ترامب، ما أدى إلى تراجع نفوذ طهران وتقليم مخالبها في كل من العراق واليمن وسوريا ولبنان، غير أن البيت الأبيض في ظل إدارة الرئيس جو بايدن يتبع بشكل كامل استراتيجية تهدئة، تتجلى من خلال رفع العقوبات المفروضة على إيران، وإزالة مسؤولين إيرانيين سابقين من القائمة السوداء، وبذلك أرضى جو بايدن وفريقه طهران وأهدروا النفوذ الدبلوماسي الحاسم الذي ورثوه عن الرئيس ترامب.
وعلى صعيد آخر، فقد أشارت مجلة "نيوزويك" إلى أن عدم كفاءة فريق بايدن مكّن قاتلاً جماعياً و"المقصود الرئيس إبراهيم رئيسي" من السيطرة على كل النفوذ وسلطة اتخاذ القرارات.
كما طوّرت طهران وخزنت أنظمة أسلحة خطيرة بشكل متزايد، بما في ذلك الطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى ومجموعة من قدرات الأسلحة السيبرانية.
لذلك من الضرورة بمكان أن أي اتفاق أمريكي مع النظام الإيراني يجب أن يقر باستعداد إيران لاستخدام قوتها العسكرية الماكرة ضد الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
تراخي الرئيس بايدن سيكون على الأرجح في غاية الخطورة، فإيران المنتعشة بعد رفع العقوبات والحجز على مليارات الدولارات لها يمكنها أن تهدد أمن الولايات المتحدة وأمن قواتها في الشرق الأوسط، غير أن إدارة بايدن تأمل أن اتفاقا نوويا جديدا مع طهران يؤدي إلى تحسين سلوكها، ولكن في رأيي فإن الاسترضاء لن يردع القيادة في طهران، وبالتالي، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها والشعب الإيراني سيدفعون جميعاً ثمن ضعف بايدن المطلق في التعامل مع حكام إيران، ويجب عليه أن يحذو حذو الرئيس ترامب قبل فوات الأوان.
من نافلة القول، لقد أثبت التاريخ أن الخصوم ينظرون إلى السخاء الأمريكي على أنه ضعف، وعليه، وفي رأي العديد من المحللين في واشنطن، فإن على إدارة بايدن أن تكون أكثر حزماً تجاه طهران كي لا تنزلق الأمور إلى منزلقات خطيرة تهدد الاستقرار الدولي والإقليمي في الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة