بعد رحيل فرنسا.. روسيا وأمريكا تخوضان سباق النفوذ في غرب أفريقيا

تتنافس روسيا والولايات المتحدة على النفوذ في غرب أفريقيا، حيث عززت موسكو شراكاتها في المنطقة.
وبحسب تحليل أجراه "مشروع التهديدات الحرجة" في معهد "أمريكان إنتربرايز" عن جهود روسيا لملء الفراغ الذي خلفه خروج فرنسا (المستعمر السابق) من غرب أفريقيا وكيف تعمل موسكو لاستغلال الصراعات الأخيرة من أجل التعاون مع الأنظمة العسكرية هناك، فقد عززت روسيا شراكاتها مع تحالف دول الساحل الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو، في حين أنها تتطلع الآن إلى دولة توغو الساحلية للوصول إلى موانئها الأطلسية بهدف دعم شبكتها اللوجستية من حلفائها غير الساحليين.
ونقلت مجلة "نيوزويك" الأمريكية عن التحليل الذي أشار إلى أن هذا النفوذ الروسي المتزايد في توغو يهدد شراكة الولايات المتحدة مع البلد الأفريقي الذي يسعى، إلى جانب جيرانه، إلى عقد صفقات مع كل من موسكو وواشنطن.
وفي تصريحات لـ"نيوزويك"، قال ليام كار، قائد فريق أفريقيا في مشروع التهديدات الحرجة إن "روسيا طرف انتهازي وستحل محل الوجود والنفوذ الغربيين بأي طريقة ممكنة".
كانت شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة قد تركت بصمتها في أفريقيا وبعد وفاة مؤسسها يفغيني بريغوجين عام 2023 تمت إعادة تشكيلها من خلال فيلق أفريقيا الروسي.
وذكر مركز أبحاث السياسة الاستراتيجية أنه من المرجح أن يحاول مسؤولو الدفاع الروس توسيع وجود موسكو في النيجر، حيث أبرمت موسكو صفقات للتعاون النووي وتعدين اليورانيوم والليثيوم كما تم الاتفاق على صفقات موارد معدنية بين موسكو ومالي.
وينشر فيلق أفريقيا حوالي 2000 جندي في مالي وحوالي 200 في بوركينا فاسو، لكنه واجه مشاكل في التجنيد منذ إنشائها، ويعود ذلك جزئيًا إلى استنزاف روسيا لقوتها في أوكرانيا، وفقًا لكار الذي قال إن هذه الأرقام ستتزايد في حال انتهاء حرب أوكرانيا حيث سيؤدي ذلك إلى إرسال موسكو قواتها من هناك إلى غرب أفريقيا لتعزيز وجودها في المنطقة.
وفي السابق، كانت روسيا تعتمد على الوصول إلى الموانئ عبر كوناكري، غينيا، لنقل شحنات كبيرة من المعدات العسكرية إلى منطقة الساحل لكنها الآن، لديها اتفاقية مع توغو حيث صادقت روسيا معها على اتفاقية تعاون عسكري في 22 يوليو/تموز الماضي ستسهّل التدريبات العسكرية المشتركة، والتدريب، وتبادل الأسلحة والمعدات.
وعلى الأرجح، ترغب موسكو في انضمام توغو إلى التحالف الاستراتيجي لمواجهة النفوذ الغربي في المنطقة، كما أنها قد ترغب في استخدام الدولة الواقعة في غرب إفريقيا لاستعراض قوتها البحرية في المحيط الأطلسي، مما يُمثل تهديدا للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو).
كما تُهدد موسكو الشراكة الأمريكية مع توغو، التي وصفها مسؤولون عسكريون أمريكيون بأنها "ضرورية" نظرًا لعملياتهما العسكرية المشتركة المتعلقة بمكافحة الإرهاب والأمن البحري في خليج غينيا.
هذا العام، حاولت الولايات المتحدة إعادة التواصل مع قوات حفظ السلام الأفريقية، حيث التقى نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية، ويل ستيفنز، بمسؤولين إقليميين.
وفي مايو/أيار الماضي، قدمت السفيرة الأمريكية في النيجر، كاثلين فيتزجيبون، أوراق اعتمادها إلى زعيم المجلس العسكري عبد الرحمن تياني لأول مرة منذ توليه منصبه.
وفي تصريحات لـ"نيوزويك"، قالت أولايينكا أجالا، الخبيرة في شؤون غرب أفريقيا والأستاذة المشاركة في السياسة والعلاقات الدولية بجامعة ليدز بيكيت "على المدى القصير، تسعى روسيا إلى ملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة" وأضافت أن غرب أفريقيا والقارة ككل "خطة متوسطة إلى طويلة الأجل لروسيا".
وبعدما عززت روسيا قدرتها الصناعية العسكرية إلى أعلى مستوياتها بسبب حرب أوكرانيا، تستعد لمرحلة ما بعد الحرب وفقا لأجالا التي قالت "عندما تنتهي الحرب، سيحتاجون إلى أماكن لإرسال هذه الأسلحة إليها وإلى دول أخرى لبيعها الأسلحة، وهم يضعون الأسس لذلك الآن".
وفي بيان لـ"نيوزويك"، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تتعاون مع دول الساحل وغرب أفريقيا المطلة على البحر المتوسط "بنهج عملي يركز على تعزيز أولويات سياستنا الخارجية" ويشمل ذلك أولويات استراتيجية لمكافحة الإرهاب للحد من التهديدات التي يتعرض لها الأفراد والمصالح الأمريكية.
وأضاف البيان "ستواصل الولايات المتحدة التعاون الاستراتيجي مع حكومات المنطقة في جهود مكافحة الإرهاب التي تعزز المصالح الأمريكية".
وفي حين تسعى الولايات المتحدة إلى ممارسة نفوذها في المنطقة، من المرجح أن تُقوّض موسكو هذه الجهود من خلال الحملات الإعلامية وحشد أعضاء المجتمع المدني الموالين لروسيا، كما فعلت مؤخرًا في جمهورية أفريقيا الوسطى.
وقال كار "الكثير من هذه الدول، تعتقد أنها قادرة على بناء شراكات مع كل من روسيا والولايات المتحدة"، وأضاف "ستسعى هذه الدول إلى تحقيق التوازن بين الجانبين والحصول على أفضل الصفقات".
وفي مالي وبوركينا فاسو والنيجر، يُعدّ الوجود الروسي أكثر رسوخاً من الوجود الأمريكي، لكن في غرب أفريقيا الساحلية، كانت الولايات المتحدة دائما شريكةً لهذه الدول.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg
جزيرة ام اند امز