سنواصل الحرب.. أول رد من موسكو مع بدء تطبيق سقف لسعر النفط الروسي
حذرت الرئاسة الروسية اليوم الإثنين من أن تحديد سقف لسعر نفط بلادها من جانب الدول الغربية سيتسبب في "زعزعة استقرار" سوق الطاقة العالمية.
وفي أول رد فعل روسي رسمي مع بدء تطبيق القرار الذي أقره الاتحاد الأوروبي بتحديد سقف سعر للنفط الروسي، أكدت الرئاسة الروسية أن مثل هذا الإجراء لن تكون له تداعيات على الهجوم الروسي في أوكرانيا.
وفي هذا الإطار، ذكر الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن اقتصاد بلاده "يملك كل القدرات اللازمة" لتمويل الهجوم العسكري، مضيفا أن "تدابير كهذه لن تؤثر" عليه في إشارة إلى تحديد الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة الست وأستراليا سقفا لسعر النفط الروسي للتأثير على عائدات موسكو.
بدء سريان القرار
وبدأ اليوم الاثنين سريان الحد الأقصى الذي فرضته مجموعة السبع على سعر النفط الروسي المنقول بحرا مع محاولة الغرب الحد من قدرة موسكو على تمويل حربها في أوكرانيا، لكن روسيا قالت إنها لن تلتزم بهذا الإجراء حتى لو اضطرت إلى خفض الإنتاج.
وستقوم دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا بفرض تطبيق السقف السعري الذي يأتي بالإضافة للحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على واردات النفط الخام الروسي عن طريق البحر والتعهدات المماثلة من قبل الولايات المتحدة وكندا واليابان وبريطانيا.
ويسمح هذا الإجراء بشحن النفط الروسي إلى دول أخرى باستخدام ناقلات لمجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وشركات التأمين ومؤسسات الائتمان وذلك فقط إذا تم شراء الشحنة بالسقف السعري المحدد أو أقل.
ونظرا لوجود شركات الشحن والتأمين الرئيسية في العالم في دول مجموعة السبع فقد يصعب على موسكو بيع نفطها بسعر أعلى.
وقالت روسيا، ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم، أمس الأحد إنها لن تقبل هذا السقف السعري ولن تبيع النفط المسعر به حتى لو اضطرت إلى خفض الإنتاج.
ويمثل بيع النفط والغاز إلى أوروبا أحد المصادر الرئيسية لعائدات العملة الأجنبية لروسيا.
تقليص عائدات روسيا
ويهدف تحديد سقف لأسعار النفط الروسي الذي أقره الاتحاد الأوروبي ويدخل حيز التنفيذ اليوم الاثنين، إلى تقليص عائدات روسيا مع ضمان أن تستمر موسكو بمد السوق العالمية.
يتزامن اعتماد هذا السقف، مع دخول حظر يفرضه الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي المنقول بحرا حيز التنفيذ، بعد أشهر عدة على حظر قررته الولايات المتحدة وكندا.
إلا أن روسيا هي ثاني مصدر للنفط الخام في العالم ومن دون تحديد هذا السقف سيكون من السهل لها إيجاد أطراف أخرى تشتري نفطها بسعر السوق.
وتنص الآلية المعتمدة على السماح فقط بالنفط المباع بسعر يساوي 60 دولارا أو دون هذا السعر للبرميل الواحد، فيما سيمنع على الشركات المتواجدة في دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وأستراليا، توفير الخدمات التي تسمح بالنقل البحري من التجارة والشحن والتأمين والسفن وغير ذلك.
خدمات التأمين للشحنات العالمية
توفر دول مجموعة السبع 90 % من خدمات التأمين للشحنات العالمية فيما يشكل الاتحاد الأوروبي طرفا رئيسيا في النقل البحري ما يمنحها القدرة على فرض هذا السقف على غالبية زبائن روسيا عبر العالم.
وثمة مرحلة انتقالية إذ أن السقف لن يطبق على الشحنات المحملة قبل الخامس من كانون الأول/ديسمبر فيما أن تحديد سقف إضافي يتعلق بالمنتجات النفطية سيفرض اعتبارا من الخامس من شباط/فبراير.
وحددت الدول الغربية سعر 60 دولارا وهو مستوى أعلى بكثير من كلفة الإنتاج الحالية للنفط في روسيا، لتحفيز موسكو على الاستمرار بضخ النفط الخام إذ أنه سيستمر بدر العائدات عليها رغم تحديد سقف للسعر.
وأوضح مسؤول أوروبي "يجب أن يكون لموسكو مصلحة في بيع نفطها" وإلا تراجع العرض المتاح في السوق العالمية مشددا على أنه لا يعتبر أن الكرملين سينفذ وعيده بوقف الامدادات إلى الدول التي تعتمد هذا السقف.
وأشار إلى أن موسكو ستكون حريصة على المحافظة على منشآتها التي ستتضرر في حال توقف الإنتاج وعلى ثقة زبائنها ومن بينها الصين والهند.
وفيما يخشى خبراء من هذه "القفزة في المجهول" ويترقبون ردة فعل الدول المنتجة للنفط في تحالف أوبك بلاس، تؤكد المفوضية الأوروبية أن تحديد هذا السقف "سيساهم في استقرار الأسواق" و"سيعود بفائدة مباشرة على الدول النامية والناشئة" التي ستتمكن من الحصول على النفط الروسي بكلفة أقل.
مراجعة دورية لسقف السعر
ومن المقرر أن يعاد تقييم هذا السقف اعتبارا من منتصف يناير/كانون الثاني ومن بعدها كل شهرين مع إمكان تعديله وفقا لمستجدات الأسعار مع اعتماد مبدأ أن يحدد السقف عند مستوى يقل بنسبة 5 % عن سعر السوق الوسطي على الأقل .
وتتطلب أي مراجعة له موافقة دول مجموعة السبع وأستراليا وكل أعضاء الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين.
وجرى دعوة كل الدول للانضمام رسميا إلى آلية تحديد السقف. وفي حال لم تفعل ذلك تستطيع الاستمرار بشراء النفط الروسي بسعر يفوق السقف المحدد من دون اللجوء إلى خدمات غربية مثل التأمين والنقل والوساطة لشراء هذا النفط أو نقله.
وقال مسؤول أوروبي "لدينا مؤشرات واضحة إلى أن عددا من الاقتصادات الناشئة ولا سيما في آسيا ستحترم مبادئ تحديد السقف" معتبرا أن روسيا "باتت تخضع لضغوط" من زبائنها للحصول على حسومات منها.
وقد تحاول روسيا تشكيل اسطول من ناقلات النفط الخاص بها تقوم بتشغيلها وتوفير التأمين لها، لكن تشكيل بيئة بحرية للنقل خلال وقت قصير سيكون أمرا معقدا وليس بالأمر السهل.