بعد التأجيل.. إنتاج طائرات الإنذار المبكر الروسية إيه-50 يشوبه الغموض

أعلنت الحكومة الروسية تأجيل برنامج استراتيجي كان يهدف إلى استئناف إنتاج طائرة الإنذار المبكر والسيطرة المطوّرة إيه-50.
وأوضح سيرغي كوروتكوف، المصمم العام ونائب المدير العام للمؤسسة، في مقابلة صحفية، أن "القرار بشأن بدء الإنتاج لم يُتخذ بعد"، مشيرًا إلى أن الحسم سيأتي فقط بعد الانتهاء من أعمال التطوير.
وأضاف أن عددًا من الأنظمة الإلكترونية على متن الطائرة لا يزال قيد الاختبار، ما يجعل أي خطط للإنتاج مؤجلة حتى تثبت فعاليتها وتلبي المعايير المطلوبة، بحسب موقع مجلة "مليتري ووتش".
ويعد أسطول روسيا من طائرات الإنذار المبكر محدود القدرات مقارنة بما تمتلكه الولايات المتحدة والصين، سواء من حيث العدد أو تنوع الأنظمة التشغيلية. ورغم سعي موسكو لسد هذه الفجوة، لا تزال العقبات التقنية تعرقل عملية التطوير.
وكان من المفترض أن تشكّل الطائرة إيه-100 الجيل الجديد من طائرات الإنذار المبكر، إذ نفذت أول رحلة لها عام 2017، وخضعت أول مرة لاختبارات برادارها الجديد في عام 2022. لكن المشروع تعرض لسلسلة من التأجيلات نتيجة قصور قطاع الإلكترونيات الروسي.
وكان متوقعًا أن تقدم إيه-100 قدرات متفوقة تشمل موثوقية أعلى، ومقاومة أكبر للتشويش، ومدى كشف أطول، ومستويات متقدمة من الأنظمة الإلكترونية، مع اعتمادها على هيكل طائرة النقل إيل-78.
وفي ظل هذه العراقيل، اتجهت موسكو إلى تحديث الطائرات السوفياتية القديمة إيه-50 إلى النسخة المطوّرة إيه-50 يو. وقد أدى ذلك إلى تحسن ملحوظ في القدرات، حيث ارتفع مدى الكشف عن الأهداف الجوية بحجم مقاتلة من 400 كيلومتر إلى أكثر من 700 كيلومتر.
كما أثبتت هذه النسخة فعاليتها في الحرب الأوكرانية، رغم أن مصادر أوكرانية وغربية ذكرت أن طائرتين منها أُسقطتا بصواريخ بعيدة المدى، من بينها صاروخ إس-200 السوفياتي القديم.
وتُعد طائرات الإنذار المبكر عنصرًا حاسمًا في العمليات الجوية، فهي لا تمنح فقط وعيًا ميدانيًا أوسع، بل توفر إمكانيات القيادة والسيطرة وتوجيه الصواريخ التي تطلقها المقاتلات أو أنظمة الدفاع الجوي. كما أن إضاءتها المستمرة للأهداف بالرادار يسمح بتنفيذ عمليات استهداف دون أن تكشفها أجهزة الإنذار المبكر لدى العدو.
وقد أظهرت الحرب في أوكرانيا أهمية طائرة إيه-50 يو، حيث تعتمد القوات الروسية عليها بشكل أساسي لتوجيه صواريخ 40 إن 6 بعيدة المدى التابعة لمنظومة إس-400، وكذلك صواريخ آر-37 إم التي تُطلق من مقاتلات سو-35، وجميعها بمدى يصل إلى 400 كيلومتر.
ورغم امتلاك مقاتلات ميغ-31 بي إم لرادارات قوية تكاد تضاهي قدرات طائرات الإنذار المبكر الصغيرة، ما يجعلها أقل اعتمادًا على هذا النوع من الدعم، فإن منصات أخرى مثل سو-35 ومنظومات إس-400 لا تستطيع العمل بكفاءة قصوى على المديات البعيدة من دون دعم هذه الطائرات.
ويعتقد محللون أن أحد أسباب التأخير في تطوير أنظمة إيه-50 يعود إلى إدماج الدروس المستخلصة من الحرب الأوكرانية ضمن التعديلات، وهو ما يفسّر استمرار التأجيل في استئناف الإنتاج، ليظل مستقبل برنامج "الرادار الطائر" الروسي رهنًا بالتطورات الميدانية والتكنولوجية المقبلة.