"وول ستريت جورنال": موسكو تسحب البساط من تحت أقدام واشنطن

بينما ينكمش النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط بدأت موسكو تحل محل واشنطن الذي احتلته في عقول كثيرين كقوة إمبريالية أجنبية
بينما ينكمش النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، بدأت موسكو تحل محل واشنطن الذي طالما احتلته في عقول كثيرين كقوة إمبريالية أجنبية، بحسب تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال".
وحذرت الصحيفة الأمريكية من أن "الانتصار له ثمن"، فمنذ مشاركة روسيا في الحرب السورية العام الماضي، أنهت "بنجاح" المكانة الأمريكية باعتبارها القوى العظمى الوحيدة في الشرق الأوسط، وكلل هذا النجاح بإسقاط حلب.
وأشارت إلى أنه منذ فترة طويلة لم تخرج أي مظاهرات معادية لأمريكا في المنطقة، لكن وسط الصراع العنيف الذي تشهده حلب، خرج عشرات الآلاف هذا الشهر أمام مقرات دبلوماسية روسية في إسطنبول وبيروت والكويت، للتظاهر ضد موسكو وهم يهتفون "روسيا عدوة الإسلام".
وحتى الضابط التركي الذي اغتال السفير الروسي لدى تركيا، صرخ فور تنفيذه الجريمة، إنه ثأر لمعاناة حلب التي تتعرض منذ عام للقصف الروسي، وفقا للصحيفة.
واعتبرت أن زيادة نفوذ روسيا الملحوظ في الشرق الأوسط، ظهر جليا في اللقاء الروسي الإيراني التركي لمناقشة الحرب السورية في ظل غياب أمريكي ملحوظ، الثلاثاء، علاوة على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه يعمل مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان لتنظيم مفاوضات سلام سورية بدون الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة.
وحتى وقت قريب، كان نظام الأسد أحد ألد أعداء أنقرة، بحسب الصحيفة، لكن الرئيس التركي خفف من نبرته الحادة مقابل تغاضي روسيا عن العمليات العسكرية التركية ضد "داعش" والميليشيات الكردية في شمال سوريا، وفقا لما ناقشه وزراء الخارجية الثلاثة في اجتماع أمس.
ولفتت الصحيفة إلى أن تركيا وروسيا عازمتان على عدم السماح لاغتيال إندريه كارلوف بإفساد التقارب الحديث بينهما. حتى أن أردوغان اقترح الشهر الماضي فكرة الانضمام إلى منظمة شنجهاي للتعاون، التي تجمع روسيا والصين، بالرغم من أن عضوية تركية كاملة فيها لا تتوافق مع بقائها في الناتو.
جعل ذلك الصعود موسكو "وسيطا قويا لا غنى عنه في المنطقة" وفي أوروبا أيضا، كما ذكرت وول "ستريت جورنال"، حيث عززت موجة المهاجرين المتدفقة نحو القارة بسبب الحرب السورية، نفوذ موسكو وأججت غضب الأحزاب الشعبوية الصديقة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
من جانبه، يرى حسن حسن، الزميل بمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط ومقره واشنطن، أن روسيا أصبحت بمثابة "الفتوة الجديد في الحي".
وأضاف في تصريحات للصحيفة الأمريكية: "الطريقة التي يستجيب بها الناس لمشاركة روسيا في هلاك أحد أكثر المدن السنية وقارا في الشرق الأوسط، حلب، تذكرنا بنظرتهم إلى الولايات المتحدة بعد غزوها العراق"، موضحا: "الاحتفاء بقاتل السفير الروسي عبر المنطقة يعيطك فكرة عن كيف أصبحت روسيا محتقرة من قبل الشعوب العربية اليوم".
وبالرغم من أن روسيا أصبحت مركز هذا الغضب، يشكل سقوط حلب مرحلة جديدة وربما يزيد من دعم المنطقة للجماعات الإرهابية مثل "داعش" والقاعدة، التي تدبر هجمات إرهابية ضد الغرب.
ورجحت "وول ستريت جورنال" أن روسيا ستصبح هدفا للإرهاب العالمي بطريقة غير مسبوقة، واتضح ذلك في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد شهر واحد من نشر القوات والطائرات الحربية الروسية في سوريا، حيث تم إسقاط طائرة ركاب روسية في سيناء المصرية، وأعلن "داعش" مسؤوليته.
ووفقا للصحيفة، هذه الأيام زاد تورط روسيا في سوريا بشكل كبير، ما أدى بدوره إلى زيادة الغضب ضدها، وفي تركيا أو أي مكان آخر في المنطقة، يعني الرأي العام الغاضب أن يتبنى جميع المبعوثين والدبلوماسيين الروس التقييدات الأمنية ذاتها.
واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى من غير المحتمل أن يردع اغتيال السفير أندريه كارلوف، موسكو، مهما حدث، حيث يعلم الزعماء الإقليميين جيدا أن موسكو جاءت إلى الشرق الأوسط لـ"تبقى".
aXA6IDE4LjExOC4xNjIuMTU1IA== جزيرة ام اند امز