«تي-90إم».. هيمنة ميدانية لـ«درع» روسيا الحديدية

تُعد دبابة تي-90إم الروسية واحدة من أهم دبابات القتال الرئيسية في العالم التي وصفها الرئيس فلاديمير بوتين بأنها أفضل مركبة مدرعة حاليًا.
تحمل هذه الدبابة اسم "Proryv-3" وتعكس أحدث جهود موسكو لتحديث ترسانتها العسكرية وتعزيز قدراتها القتالية في ظل الصراعات المستمرة، لا سيما في أوكرانيا، بحسب مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية.
وتؤكد تصريحات المسؤولين في شركة "روستيخ" الصناعية العسكرية الروسية، أن تي-90إم (T-90M) وغيرها من الدبابات الروسية مثل T-72 B3 M وT-80 BVM تمثل أفضل دبابات القتال المنتجة على نطاق واسع في العالم، وذلك بفضل نظام إنتاج مرن وفعال يمكنه التكيف بسرعة مع متطلبات الميدان.
تتميز دبابة تي-90إم بتصميم متطور يجمع بين القوة النارية العالية والحماية المتقدمة، حيث زُودت بمدفع رئيسي عيار 125 ملم قادر على إطلاق قذائف دقيقة عالية السرعة، إضافة إلى أنظمة توجيه وتصويب إلكترونية متقدمة تعتمد على تقنيات الرؤية الليلية والحرارية.
كما تحتوي الدبابة على درع "ريليكت" التفاعلية، المصمم لامتصاص صدمات القذائف المضادة للدروع وتقليل اختراقها، مما يزيد من فرص بقائها في ساحة المعركة، إلى جانب طلاء خاص يقلل من احتمالية اكتشافها بالرادارات والصواريخ الموجهة حراريًا.
وزودت الدبابة التي تزن نحو 50 طنًا بمحرك ديزل قوي بقدرة 1130 حصانا، مما يمنحها سرعة تصل إلى 70 كيلومترًا في الساعة، مع طاقم مكون من ثلاثة أفراد فقط بفضل نظام التعبئة الذاتي (الأوتولودر) الذي يسمح بمعدل إطلاق نار مرتفع يصل إلى 7 أو 8 قذائف في الدقيقة.
كما تشير شركة "روستيخ" إلى أن نظام الإنتاج المرن يسمح بإدخال تعديلات سريعة على التصميم وفقًا للمتطلبات الميدانية، مثل تحسين أنظمة الاتصالات أو زيادة حماية إضافية، ناهيك بأن الدبابة تُصنع باستخدام مكونات متوافقة مع طرازات سابقة مثل T-72 وT-80، مما يسهل عمليات الصيانة والإمداد.
من بين المميزات الأخرى التي تتمتع بها الدبابة كاميرات حرارية من طراز كالينا وأجهزة رؤية ليلية تسمح للطاقم بالرصد والاشتباك في جميع الظروف الجوية، ليلًا أو نهارًا، وكذلك نظام إدارة معركة رقمي يوفر معلومات آنية عن ساحة القتال، ويعزز التنسيق بين الوحدات العسكرية.
رغم كل هذه المميزات، يشكل نظام التلقيم الذاتي في تي-90إم عيبًا تصميميًا خطيرًا يعود إلى دبابات الحقبة السوفياتية وبدايات الاتحاد الروسي. حيث يتم تخزين الذخيرة بشكل مضغوط داخل البرج، مما يجعل الدبابة عرضة لخطر انفجار الذخيرة بالكامل في حال اختراق القذيفة المضادة للدروع لحلقة البرج. ويُعرف هذا الخطر بـ"تأثير علبة المفاجآت" (Jack-in-the-box)، حيث يُقذف البرج من فوق الهيكل نتيجة الانفجار.
هذا العيب كان واضحًا في دبابات T-72 السابقة، ولا تزال دبابات تي-90إم تعاني منه، ونظرا لعدم وجود تعديلات تصميمية جذرية لمعالجته. وللتقليل من هذا الخطر، لجأ الطاقم في الميدان إلى تركيب أقفاص حماية إضافية تعرف بـ"الدروع السلحفائية"، لكنها حلول مؤقتة لا تعالج المشكلة الأساسية.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت المعارك في أوكرانيا عن نقاط ضعف أخرى في تصميم الدبابة، مثل ضعف الحماية في سقف حجرة المحرك وعلبة التروس، مما يجعلها عرضة لهجمات الطائرات الانتحارية والقذائف الخارقة.
كما تعرض تكتيكات القتال الروسية التي تعتمد أحيانًا على نشر الدبابات بشكل منفرد أو دون دعم كافٍ، هذه الدبابات لمخاطر عالية، كما حدث في مواجهة دبابة تي-90إم مع مدرعتين أمريكيتين من طراز برادلي، حيث تمكنت القوات الأوكرانية من إلحاق أضرار كبيرة بالدبابة رغم متانتها.
من الناحية الإنتاجية، لا تزال روسيا تعاني من فجوة كبيرة بين عدد الدبابات فالصعوبات الإنتاجية التي تعاني منها روسيا نتيجة العقوبات الاقتصادية الغربية، والتي أثرت على توريد المكونات الرئيسية، تجعل من الصعب على موسكو تلبية الطلب المتزايد على هذه الدبابة.
ووفقًا لتقارير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، فإن إنتاج تي-90إم قبل اندلاع النزاع في أوكرانيا كان محدودًا، حيث لم يتجاوز أربعين دبابة، بينما ارتفع الإنتاج إلى نحو سبعين دبابة في عام 2023، مع تقديرات متفائلة تشير إلى إمكانية الوصول إلى مئتي دبابة سنويًا في أفضل الظروف.