مناطق ترامب الآمنة في سوريا.. المعارضة تفتش في النوايا
البحث في نوايا ترامب، قلل من حماس المعارضة السورية لمقترح المناطق الآمنة التي أعلنها، رغم تأييدهم له في السابق
في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه أوصى وزارتي الخارجية والدفاع في حكومته بوضع خطة لإنشاء مناطق آمنة للمدنيين في سوريا والدول المجاورة في غضون 90 يوماً، بحيث يمكن توطين المواطنين السوريين النازحين فيها انتظاراً لتوطين دائم، بإعادتهم لبلادهم أو إعادة توطينهم في بلد ثالث.
كان من المفترض أن تستقبل المعارضة السورية ما أعلنه ترامب بترحاب شديد، ذلك لأنهم ومنذ نحو ست سنوات بح صوتهم بالمطالبة بإنشاء تلك المناطق، ولكن لم يحدث ذلك، إذ دفعهم التفتيش في نوايا ترامب إلى عدم الحماس لمقترح كانوا ينتقدون إدارة الرئيس السابق باراك أوباما لعدم سعيها لتنفيذه.
واتخذ أوباما موقفاً رافضاً للمناطق الآمنة منذ بداية الأزمة، مفسراً ذلك في مؤتمر صحفي قبل عامين مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بقوله: "مشكلة المناطق الآمنة لا تكمن في أنني لا أريد إقامتها، إنما في كيفية ضمان الأمن فيها دون مشاركة عسكرية واسعة".
وأضاف أن "المسألة العملية هي من الذي سيقوم بمهمة مراقبة هذه المناطق وأين يمكن إيجاد قوات برية كفيلة بذلك، وهو للأسف أمر من الصعب جداً تحقيقه على الصعيد العملي".
رئيس مفوضية اللاجئين: المناطق الآمنة لن تنجح في سوريا
سوريا لترامب: المناطق الآمنة انتهاك لسيادتنا
ويرى معارضون سوريون أنهم وان كانوا قد رفضوا تكاسل الإدارة الأمريكية السابقة عن تنفيذ مقترح المناطق الآمنة، فإنهم في المقابل يتفقون مع الضمانات التي أشار إليها أوباما لنجاح فكرة المناطق الآمنة، وهو ما جعلهم يتساءلون: هل سيضعها ترامب في الحسبان؟ وإن كان سيضعها في الحسبان ويتخذ خطوات جادة، فما هي نواياه الحقيقية وراء تلك الخطوة.
المحلل العسكري والاستراتيجي السوري، العميد الركن أحمد رحال، ركز بحكم تخصصه على الشق الأول من السؤال، والمتعلقة بالتجهيزات التي تسبق الإعلان عن المناطق الآمنة.
وقال رحال في تصريحات صحفية: "الكلام عن تلك المناطق يترتب عليه الكثير من الإجراءات العسكرية، فأولاً تحتاج المنطقة الآمنة إلى قوى جوية، وقوى بشرية على الأرض، بالإضافة إلى التنسيق مع الدول المجاورة، ثانياً تتطلب إما قراراً منفرداً من الولايات المتحدة كقوة عظمى تستطيع فرضه بالقوة، وفي الحالة العادية تحتاج قراراً من مجلس الأمن، ثالثاً يحتاج الأمر توافقات دولية ضمن الظروف الموجودة في سوريا".
وانطلاقاً من ذلك، يخشى رحال أن يكون الحديث عن المناطق الآمنة دعائياً فقط، لكنه لن ينتقل إلى أرض الواقع.
ويأخذ برهان غليون، الرئيس الأسبق للمجلس الوطني السوري المعارض، خطوة إلى الأمام، باحثاً عن نوايا ترامب حال كان عازماً على مراعاة المتطلبات التي أشار إليها العميد رحال، لتنفيذ المناطق الآمنة.
وقال غليون في تعليق مطول كتبه على صفحته بالفيس بوك "على الأغلب لم يفكر ترامب في هذه المناطق لا من أجل الدفاع عن السوريين أو تخفيف حجم الجرائم الواقعة عليهم، ولا للضغط على النظام كما كانت المعارضة تأمل في سنوات سابقة، وإنما من أجل حل مشكلة اللاجئين السوريين الذين قرر أنه لن يستقبل أحداً منهم بعد الآن في الولايات المتحدة".
وأضاف: "بدت له المناطق الآمنة الحل الأمثل لقضية اللجوء. وهذه هي بالضبط المشكلة. حيث ستكون المناطق الآمنة في هذه الحالة وسيلة للتهرب من مواجهة القضية السورية وترك السوريين يسبحون بدمائهم، وصرف النظر عن ما ينبغي عمله من أجل إنهاء الحرب والضغط لفرض انتقال سياسي لم تكف قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن عن التذكير به منذ خمس سنوات".
واختتم قائلاً: "بدل الحديث عن المناطق الآمنة بعد ست سنوت من جرائم ومجازر وخراب لا سابق له في التاريخ الحديث كان من المطلوب من الرئيس الأمريكي الجديد أن يضغط من أجل إنهاء المأساة وإجبار النظام وحلفائه في طهران على وقف العمليات العسكرية والدخول مباشرة في محادثات جدية من أجل تطبيق قرارات الأمم المتحدة".
وتبقى هذه الآراء معبرة عن أصحابها، بينما لم يصدر حتى الآن تعليق رسمي من مؤسسة الائتلاف السوري، الكيان الرئيسي للمعارضة، ربما انتظار لاكتشاف النوايا الحقيقة وراء مقترح ترامب، فيما أثار الإعلان عن هذا المقترح ردود فعل دولية متباينة، فقالت تركيا، إنها تنتظر نتائج هذا التعهد، بينما انتقدت روسيا الإعلان عنه دون التنسيق معها.
aXA6IDE4LjExOS4xNTkuMTk2IA== جزيرة ام اند امز