محاكمة شقيق بوتفليقة في اتهام بالتأثير على قرارات القضاء
مثُل السعيد بوتفليقة شقيق ومستشار الرئيس الجزائري المستقيل عبد العزيز بوتفليقة أمام قاض مدني في اتهام بالتأثير على قرارات القضاء.
وهذه المرة الأولى التي يمثل فيها شقيق بوتفليقة أمام القضاء المدني كـ"متهم" في قضية فساد مرتبطة بوزير العدل الأسبق الطيب لوح، الذي كان أحد مسؤولي النظام القديم النافذين ومن أكثر المقربين من "السعيد".
واستمع قاضي محكمة "سيدي أمحمد" بالعاصمة في الغرفة الثالثة بقطب مكافحة الفساد لأقوال السعيد بوتفليقة في ملف وزير العدل الأسبق، قبل أن يوجه له تهماً تتعلق بـ"تحريض الموظفين على التحيز في القضاء والتأثير على القرارات والأحكام القضائية" بعد فحص رسائل نصية على هاتف وزير العدل الأسبق وفق ما ذكرته مختلف وسائل الإعلام المحلية.
وتضمنت تلك الرسائل "أوامر" من شقيق بوتفليقة لوزير العدل الطيب لوح بالتدخل في قضايا بمختلف المجالس القضائية الجزائرية، دون الكشف عن طبيعتها أو لصالح أي من الجهات.
وكان وزير العدل الجزائري الأسبق الطيب لوح تاسع الوزراء من عهد نظام بوتفليقة الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤقت في 16 أغسطس/آب 2019، والذي يوصف بـ"كاتم أسرار شقيق بوتفليقة".
ويواجه "لوح" 7 تهم ثقيلة بالفساد تتعلق "بالثراء غير المشروع وعرقلة السير الحسن للعدالة والتستر على ملفات فساد وإساءة استغلال الوظيفة، وتزوير محررات رسمية، والتحريض على التحيز".
وتولى الطيب لوح حقيبة وزارة العدل لمدة 6 سنوات من 2013 إلى 2019، عقب استقالة حكومة أحمد أويحيى في مارس/أذار 2019.
وبعد استقالة بوتفليقة في 2 أبريل/نيسان من العام الماضي، نشرت بعض وسائل الإعلام الجزائرية معلومات تحدثت عن تورط "لوح" في "إخفاء والتستر على ملفات فساد شخصيات نافذة في نظام بوتفليقة"، كان من أبرزها ملفات السعيد بوتفليقة وعبد المالك سلال رئيس الوزراء الأسبق وعبد الغني هامل رئيس جهاز الشرطة الأسبق، وعدد كبير من رجال الأعمال والوزراء السابقين في نظام بوتفليقة، بينهم رجل الأعمال المثير للجدل علي حداد.
يأتي ذلك بعد قبول المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية بالجزائر) الطعن بالنقض في 18 نوفمبر/تشرين الثاني الذي تقدمت به هيئة الدفاع عن السعيد بوتفليقة ورئيسا جهاز المخابرات الأسبقين الجنرالين محمد مدين وبشير طرطاق المتهمين الثلاثة الصادرة عن مجلس الاستئناف العسكري بمحافظة البليدة، وإعادة إحالة الملف على هيئة قضائية جديدة ومؤقتة.
وأدانت المحكمة ذاتها في ديسمبر/كانون الأول 2019، المتهمين بالسجن 15 سنة نافذة بعد أن تم توقيفهم في مايو/أيار من العام ذاته عقب إطاحة الحراك الشعبي بنظام بوتفليقة وأجبرته على الاستقالة في 2 أبريل/نيسان 2019.
يأتي ذلك أيضا بعد أن وافقت أيضا المحكمة العليا في 27 نوفمبر/تشرين الثاني بشكل مفاجئ على الطعن بالنقض المقدم من هيئة دفاع رئيسي الوزراء الأسبقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال في الأحكام الصادرة عن مجلس قضاء الجزائر.
وتعلقت الأحكام النهائية بعدة قضايا فساد تتعلق أساساً بمصانع تركيب السيارات الأجنبية والامتيازات الممنوحة لها، وكذا التمويل الخفي لحملة بوتفليقة غداة ترشحه لولاية خامسة فبراير/شباط 2019 لانتخابات الرئاسة الملغاة التي كانت مقررة في 18 أبريل/نيسان من العام نفسه.
وأدانت محكمة "سيدي أمحمد" أويحيى وسلال بنحو 50 عاما سجناً في عدة قضايا فساد، فيما تم ترحيلهما من سجن الحراش إلى سجنين بالجنوب الجزائري.
تأييد أحكام سابقة
في سياق متصل، أصدر مجلس قضاء الجزائر العاصمة، الأحد، حكماً نهائياً بتأييد الأحكام الابتدائية الصادرة ضد جمال ولد عباس الأمين العام الأسبق لحزب "جبهة التحرير" الحاكم سابقاً على تهم فساد خلال توليه حقيبة وزارة التضامن والأسرة ونجليه، وخلفه على الوزارة ذاتها سعيد بركات.
وصدرت الأحكام الابتدائية في 16 سبتمبر/أيلول الماضي، وقضت محكمة "سيدي أمحمد" بسجن ولد عباس 8 سنوات مع غرامة مالية بـ1 مليون دينار جزائري (7795 دولار).
كما وجهت له تهم تتعلق بفترة توليه وزارة التضامن الوطني من 2008 إلى 2010، بالفساد والاختلاس، تمثلت في "تبديد أموال عمومية، وإبرام صفقات مخالفة للقانون، وإساءة استغلال الوظيفة، وتزوير محررات عمومية".
كما حوكم في قضيتي اختفاء حافلات مدرسية مخصصة للتضامن، واختلاس مبلغ قيمته 18.50 مليار دينار، أي ما يعادل نحو 22 مليون دولار.
أما نجله الوافي، فأصدرت المحكمة حكما بالسجن عشر سنوات، وإصدار أمر دولي بالقبض عليه عقب فراره العام الماضي إلى وجهة بقيت مجهولة، بعد توجيه تهم تتعلق بالاختلاس والتزوير واستغلال أملاك الدولة بطرق غير قانونية.
وإلى جانب ولد عباس ونجله، أدين السعيد بركات الوزير الأسبق أيضا لوزارة التضامن (2010 – 2012) بـ3 سنوات سجن، وغرامة قدرت بـ1 مليون دينار جزائري، في تهم تتعلق بـ"تبديد أموال عمومية وإبرام صفقات غير قانونية".
بينما قضت المحكمة بسجن بوشناق ثلاث سنوات، وغرامة مالية بـ500 ألف دينار (3897 دولار).
وتسارعت في الأسابيع الأخيرة وتيرة محاكمات أركان النظام السابق بالجزائر، عقب فتح ملفات فساد جديدة تتعلق في مجملها بسرقة ونهب المال العام والثراء غير المشروع.
والأسبوع الماضي، أصدر القضاء الجزائري أحكاما قضائية بحق ثلاثة من رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، بينهم وزيرتان سابقتان.
والوزيرتان المعنيتان اللتان صدر بحقهما حكم بالحبس المؤقت، هما هدى فرعون لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وجميلة تمازيت للصناعة.
وجاء الحكم الصادر عن مجلس قضاء الجزائر العاصمة، عقب مثولهما أمام غرفة الاتهام بالمحكمة، بعد 11 شهراً من التحقيقات معهما.
وأتى قرار وضع فرعون رهن الحبس المؤقت بعد ورود اسمها في قضية فساد رجل الأعمال رضا كونيناف وعائلته المقربة من عائلة بوتفليقة، وحيث عن تورطها في "منح امتيازات غير قانونية لشركة خاصة بالإنترنت تابعة للإخوة كونيناف سنة 2014" اسمها "موبيليك"، أتت بخسائر فادحة للخزينة العمومية قدرتها التحقيقات الأمنية بنحو 30 مليون دولار.
أما تمازيت فوجّه لها القضاء اتهامات خلال فترة إدارتها "مجمع الرياض السياحي" بالعاصمة، في وقت ذكرت تقارير إعلامية محلية بأنها متهمة "ببيع عتاد مطاحن تابعة للمجمع بصفتها خردة حديدية، مقابل حصولها على أموال بطرق غير قانونية"، وكذا امتلاكها عقارات واستثمارات بطرق مشبوهة في فرنسا.