صالون الشباب في مصر.. اتجاهات جديدة تنطق بالفن
جولة من داخل صالون الشباب في دورته الثلاثين الذي يُبرز مختلف روافد الفن التشكيلي من تصوير ونحت وجرافيك وخزف وفنون رقمية وغيرها
تخلق الأعمال المشاركة في الدورة الـ30 لصالون الشباب، التي يستضيفها قصر الفنون بدار الأوبرا المصرية، حالة من الحوار البصري الثري الذي يترك فيضًا من الانطباعات لدى زواره من رواد الفن التشكيلي.
يشارك هذا العام نحو 173 فنانا بإجمالي 183 عملا فنيا في مختلف روافد الفن التشكيلي، من تصوير ونحت وجرافيك وخزف، وتجهيز فى الفراغ، والفوتوغرافيا علاوة على فنون الميديا والفنون الرقمية.
وتشغل قصة الإنسان مساحة مشتركة كبيرة من الهواجس الفنية للمشاركين، ما بين تعبير عن وجوده وتفاعله مع ذاته، ومع السياقات العالمية، وحتى تفاصيله وموتيفاته التي نسجها من حوله، ومحاولة تفاعله مع دوائر الخير والشر، كقضايا أبدية عالق بها.
وتعتبر الفنانة التشكيلية أسماء النواوي، الحاصلة على درجة الدكتوراه في الفلسفة تخصص تصوير من كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، أن صالون الشباب "يعطي دائما فكرة عن شكل مستقبل الفن".
تقول لـ"العين الإخبارية": "هناك تكرار في بعض الثيمات، وهناك أعمال حقا تتسم بالتفرد، ولكن أغلب مشاركات شباب الفنانين بها محاولات جادة لها احترامها، فالصالون مهم جدا ويساهم في تكوين اسم الفنان".
وبقطع الدومينو التي تحمل تكوينات وملمسا ورسوما دلالية، قدمت الفنانة إيمان السيد مشروعها في الصالون الذي يحمل اسم "أثر السيد"، وهو مشروع الخزف الذي حصلت به على جائزة صالون الشباب مناصفة.
قدمّت السيد مشروعها بنص يتخذ لون النصوص المصرية القديمة تقول كلماته "أنا الأوحد ..أنا السيد ، أنا الأزل، أنا البقاء، والفناء ظلي، تمتدون فيه متراصين إلى الأبد".
تقول لـ"العين الإخبارية": "العمل المعروض في الصالون امتداد لمشروع المحاربين الجدد الذي بدأته منذ عام 2016، وكلمة (السيد) تُرجمت من اللاتينية عن كلمة (الدومينو)، والذي تم الإشارة إليها في نظرية تسمى نظرية أثر الدومينو وهي نظرية سياسية ظهرت في الخمسينيات بالولايات المتحدة، وتناقش كيف يمكن لحدث واحد أن ينتج عنه سلسلة من الآثار المتعاقبة، وعليه فإن حدثا بسيطا في مكان ما قد يُحدث أثر كبير يغير المشهد بشكل جذري، وهو أيضا ما ينطبق على ما يحدث في منطقتنا العربية".
وتضيف السيد: "مشروع (المحاربون الجدد) يبحث ويناقش الدوافع السياسية وراء العديد من ألعاب الفيديو وأفلام الكرتون والقصص المصورة، من حقبة الثمانينات وكذلك إسقاطات متعددة الأوجه لأثرها على مجتمعنا الشرق أوسطي، وبخاصةَ المتناولة لأفكار عن الحروب الدائمة بين قوى الخير والشر".
وعن استخدامها لشخصيات كارتونية على سطح مكعبات الدومينو، تقول السيد: "عبر القصص المصورة يتم وضع العديد من الأفكار، فعبر تاريخها تم استخدام أبطالها في العديد من الأهداف منها أهداف سياسية وغيرها، وأشهرهم على الإطلاق كان شخصية دونالد دك أشهر شخصيات ديزني".
تتخذ الكثير من المشروعات طابع التسلسل القصصي في العرض، سواء في التصوير أو الجرافيك، كما طرح الفنان إسلام الريحاني الذي سادت بورتريهاته الخطوط التكعيبية مُلتحمة بروح الشجن التي تطل من أبطال لوحاته الست، وتحمل اسم "ذكريات ملونة".
المشروع فاز به الريحاني بجائزة الصالون في فرع التصوير مناصفة مع الفنان مصطفى سيف النصر الذي طرح في مشروعه "وليمة" ثيمة الجشع الذي يُذهب العقول، ويُبدد الجمال، ولا يبقي من حوله سوى الهلاك، خالقًا تفاصيل أقرب لهمجية العصور الوسطى.
وحاز مشروع "محاولات للبقاء" على جائزة الصالون في مجال الفيديو آرت والفنون التفاعلية، وهو عمل مشترك بين الفنانتين فاطمة الزهراء سامي، والفنانة أمنية محمد سيد التي تشارك أيضًا بعمل بعنوان "ندوب" وهو تصوير يستخدم تقنيات (الميكس ميديا) التي تعتمد على توظيف خامات متعددة كوسائط فنية تُضيف للقيم البصرية للعمل، حيث تقترب الفنانة في مشروع "نُدوب" باسكتشاتها لحالات شعورية تتراوح بين الحدة والاستسلام، وتربط بين الاسكتشات التي تبدو منفصلة بإطار عام يُوّحد عالمها، ويجعل تلقيه متصلًا رغم تعددية لقطاته.
ويقترب الفنان عمر جبر حد الألم من انعكاسات فوضى العالم كما الحروب على فطرة الطفولة، فوضعهم في إطار مُظلم، تسوده علامات الصليب الأحمر، وأعقاب السجائر، وملامح قاتمة لا تتواصل مع البهجة.
ويسعى الفنان حسين ياسين عبر مشروعه "إنسان" تجريد العالم من زحامه خالقًا إتصالًا أكثر اقترابًا بين الإنسان وذاته، طارحًا عبر لوحاته الثلاث مُتتالية تظهر بها خطوط جرافيكية وهندسية وتوظيف لألوان الأكريليك على التوالي.
وتتراوح الخامات المستخدمة في النحت، أبرزها البرونز والخشب، بين منحوتات تسودها روح سينتمالية كما في تمثال فتاة تتخذ وقفة ممشوقة أقرب لراقصات الباليه، كما قدمت الفنانة منى هيكل في مُحاكاة لثيمة الرحلة عبر قافلة تقليدية، واحتشاد بشري على سطح دابة عبر كتلة برونزية، مرورًا بالمنحوتات التي تم توظيف الكتل الخشب في تنفيذها، واستخدام لشرائح من جذوع الأشجار كوسيط وحليات للرسم كما في مشروع الفنانة دينا مدكور.