كيف تتعاطى أوروبا مع استفزازات أردوغان؟
خلال الأيام الأخيرة تحول البحر المتوسط لساحة حرب سواء بالتصريحات أو تحركات عسكرية ضمت أطرافا عدّة، أبرزها تركيا واليونان وقبرص وفرنسا
لا يكف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن إثارة القلاقل في شرق المتوسط، ويدعي حقا ليس له، محاولا الاعتداء على المياه الاقتصادية لدولة أخرى، ما يضع المنطقة على شفا حرب مدمرة.
وفي بروكسل، يقف الاتحاد الأوروبي أمام خيارين لا ثالث لهما؛ الأول: السعي لبدء حوار مع أنقرة التي لا يحترم رئيسها أي قنوات دبلوماسية، والثاني يتمثل في ردع تركيا عن طريق حزمة من العقوبات الصارمة، وفق مسؤول أوروبي وتحليلات صحفية وأكاديمية.
وخلال الأيام الأخيرة، تحول البحر المتوسط لساحة حرب تصريحات وتحركات عسكرية، ضمت أطرافا عدّة، أبرزها تركيا واليونان وقبرص وفرنسا، خاصة في ظل تحريك أنقرة قطعا حربية ودبابات عسكرية إلى حدود اليونان.
وتتهم اليونان وقبرص نظام أردوغان في تركيا بمحاولة قرصنة مصادر واعدة للطاقة في مياههما الإقليمية، فيما يساند المجتمع الدولي خاصة الاتحاد الأوروبي مواقف اليونان وقبرص، وسط مساعٍ لخفض التصعيد في المنطقة.
ووفق شبكة "إن تي في" الإعلامية الألمانية "خاصة"، فإن أردوغان لا يتوقف عند الإهانات التي اعتاد توجيهها لدول الجوار في الأزمات السياسية السابقة، بل أنه يهدد بالحرب علانية ويتحدث عن "الشهداء" وكأنه يمثل 82 مليون تركي جاهزين للتضحية بأرواحهم لأجله.
وتابعت الشبكة أن "تهديدات أردوغان ووضعه المنطقة والأمن الأوروبي على شفا كارثة يثير الكثير من التساؤلات حول منطقية أي محادثات لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي"، متسائلة "هل هذه دولة مرشحة للاتحاد الأوروبي؟".
وفي هذا الإطار، قال كورت سينيتز، الخبير النمساوي في الشؤون الأمنية في تصريحات لصحيفة "كرونه النمساوية"، إن:" أردوغان يتوعد بالحرب ويطالب بحقوق لا تكفلها له المواثيق الدولية".
وأضاف:"اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار تنص بوضوح على أنه لكل دولة حق استغلال 200 ميل بحري تحسب من آخر نقطة في إقليمها".
فيما قال الخبير في الشؤون الأوروبية، فالتر فايشتنغر، للصحيفة ذاتها، إنه "وفقا للقانون الدولي، فإن اليونان تملك حق استغلال المياه المحيطة بالجزر التابعة لإقليمها والتي تقع قبالة السواحل التركية".
وتابع:" أنقرة قامت بعسكرة سياستها الخارجية، وبات تعتمد على القوة العسكرية لتحقيق أهدافها، وخلقت عداءات مع الجميع، ولم تترك مساحة لأحد للعب دور الوسيط لنزع فتيل الأزمة".
وعاد كورت سينيتز، وقال:"أردوغان يبحث فقط عن الصراعات، ولا يمنح فرصة للحلول الدبلوماسية، من أجل صرف نظر شعبه عن المشاكل الداخلية خاصة الأزمة الاقتصادية"، مضيفا "الاتحاد الأوروبي يملك خيارات محدودة".
كيف تتحرك بروكسل؟
لم يحدد الاتحاد الأوروبي خيارا واضحا للتعاطي مع الأزمة في شرق المتوسط حتى اليوم، ويكتفي بدعم الحكومة اليونانية والحديث عن إمكانية تبني عقوبات ضد تركيا في قمة الاتحاد الأوروبي في 24 سبتمبر/أيلول الجاري.
وتتراوح العقوبات الأوروبية المنتظرة بين تجميد بعض الأصول وحظر استخدام تركيا للموانئ الأوروبية، وفق شبكة إن تي في الألمانية.
فيما يطالب البعض داخل المؤسسات الأوروبية بمنح الفرصة للقنوات الدبلوماسية، إذ قال النائب بالبرلمان الأوروبي، أوزليم ديميريل، في تصريحات صحفية إن "العقوبات ليست الدواء الشافي"، مضيفا "مطلوب حل سياسي بدلا من مزيد من التصعيد".
وفي تصريحات لـ"العين الإخبارية"، قال مسؤول أوروبي كبير، فضل عدم ذكر اسمه، إنه "في الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، قبل أيام، إن الحضور ناقشوا خيارات التعاطي مع تركيا والأزمة في شرق المتوسط".
وتابع:" كان هناك توافق على منح الحوار فرصة لتحقيق أية نتائج ملموسة"، مضيفا "في حال فشل الحوار في تحقيق المرجو منه في المستقبل القريب، سيناقش الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات وإجراءات تقييدية بحق تركيا".
ووفق صحيفة كرونه النمساوية، فإن أردوغان لا يفتح الباب للحلول الدبلوماسية ويصعد لغة خطابه ضد اليونان، بل أنه يحرك قطعه البحرية في استفزاز واضح لأوروبا، ما يقضي على أي محاولات لفرض حل سياسي في مهدها، ويفتح الطريق أمام تبني بروكسل عقوبات قوية ترهق الاقتصاد التركي الذي يواجه صعوبات جمة بالفعل.