هدير المتوسط يبتلع صخب أردوغان.. هزيمة في الشمال وأخرى جنوبا
هزيمتان في أسبوع واحد يتكبدهما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتنازلات تعقب تصعيدا كاذبا، انتهى بالانحناء للعاصفة
في شرق المتوسط، اضطر لسحب سفينة تنقيب خوفا من العصا الأوروبية ورضوخا للضغوطات الدولية، وفي جنوب البحر نفسه، أجبرته توازنات المشهد على التضحية بأهم حلفائه.
هزيمتان في أسبوع واحد يتكبدهما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتنازلات تعقب تصعيدا كاذبا، انتهى بالانحناء للعاصفة، وبحياكة سيناريو لاستقالة محتملة لزعيم إخوان ليبيا فائز السراج، حليفه القوي الذي فتح له أبواب الغرب الليبي على مصراعيها.
استقالة السراج
رغم استيائه من أداء السراج خصوصا خلال المعارك بمحيط طرابلس، للتصدي لهجوم شنه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر لتحرير العاصمة طرابلس، إلا أن أردوغان لم يكن ليضحي أبدا بحليفه لعدة اعتبارات مرتبطة بمشروعه بالبلد الغني بالنفط.
فالسراج يمثل بالنسبة لأنقرة الرجل الذي قدم لها ثروات الغرب الليبي على طبق من ذهب، لكن الاستياء الشعبي العارم من أداء ما يسمى بحكومة "الوفاق الوطني" التي يقودها السراج، أجبرته على دفعه للخروج من المشهد.
ومساء الأربعاء، أعلن السراج رغبته في تقديم الاستقالة، وتسليم مهامه إلى السلطة القادمة، في موعد أقصاه نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ورغم أن القرار لم يخرج عن حيز النوايا، وجاء مشروطا بوقف إطلاق النار وإجراء انتخابات، إلا أنه يشكل ضربة قاصمة بالنسبة لأردوغان الذي وجد نفسه مجبرا على الانحناء للعاصفة، والرضوخ لمطالب الشارع في طرابلس، والدفع برجله نحو باب الخروج من المشهد الليبي.
هزيمة نكراء تستبق سيناريو أسوأ، خصوصا أن الموعد الذي حدده السراج لتفعيل قراره من المفترض أن يتزامن مع اكتمال معالم الاستحقاقات التحضيرية لمؤتمر جنيف، مع ما يعنيه ذلك من تغير شبه كامل لتوازنات المشهد الليبي.
ففي حال إعادة تشكيل مجلس رئاسي جديد بناء على تلك الاستحقاقات، فمن المحتمل أن لا يضم شخصيات بذات الولاء لتركيا، بل قد تفرز تشكيلة تطغى عليها أسماء رافضة للاحتلال التركي، ما يجهض مشروع أردوغان لاستنزاف ثروات ليبيا، والحصول على حصة كبيرة من إعادة الإعمار.
سيناريوهات قاتمة تفسر الانزعاج الكبير الذي أبدته أنقرة من إعلان السراج، حيث قال أردوغان، الجمعة، إن تركيا "منزعجة" من الأنباء بشأن نية الاستقالة.
سحب "أوروك ريس"
بعد جولات من الاستفزازات والتصعيد الكلامي، قررت تركيا، قبل أيام، سحب سفينة التنقيب "أوروك ريس"، في خطوة يرى مراقبون أنها تستبطن تنازلا مذلا من أنقرة التي كانت حتى وقت قريب تتحدى جميع التحذيرات الدولية بشأن استفزازاتها شرق المتوسط.
ومع أن أنقرة زعمت أن عودة السفينة إلى ميناء أنطاليا جاء من أجل "الصيانة"، إلا أن مصادر من المعارضة التركية تؤكد أن السفينة اضطرت لقطع مهمتها التي كان من المفترض أن تستمر حتى 25 سبتمبر /أيلول الجاري.
تراجع يستبطن تنازلا مفروضا على أنقرة المضطرة للرضوخ لأمواج الغضب الأوروبي العاتية، في ظل تهديد قادة الدول السبع جنوب القارة العجوز، مؤخرا، بفرض عقوبات أوروبية على تركيا في حال لم تضع حدا لـ"أنشطتها أحادية الجانب" شرق المتوسط.
وفي 10 أغسطس /آب الماضي، نشرت تركيا سفينة المسح الزلزالي "أوروك ريس" في مياه قريبة من جزيرة يونانية، ومددت مهمتها ثلاث مرات رغم تنديد اليونان والاتحاد الأوروبي بتلك التحركات.