إصلاح الأقمار الصناعية قطاع جديد ناشئ في مجال الفضاء
منذ عقود من الزمن يطلق الإنسان أقماراً صناعية تبقى بعد انتهاء وقودها سابحة حول الأرض وتتراكم سنة تلو الأخرى، يبدو أنها ستعود للعمل
تظهر في الآونة الأخيرة شركات تنوي العمل على إطالة عمر الأقمار الصناعية الموجودة أصلا في الفضاء، وهو قطاع يطرح نفسه بديلا عن قطاع إطلاق الأقمار الجديدة المكلفة، والتي بات مدار الأرض يكتظ بها.
ويشبّه الخبراء الاكتظاظ الحاصل في مدار الأرض بمطار تستقرّ فيه آلاف الطائرات التي نضب وقودها، فمنذ عقود من الزمن يُطلق الإنسان أقماراً صناعية تبقى بعد انتهاء وقودها سابحة حول الأرض، وتتراكم سنة تلو الأخرى.
لذا، ظهرت في السنوات الأخيرة شركات هدفها إطالة عمر الأقمار الموجودة أصلاً بدلاً من إطلاق غيرها.
وسيكون ذلك أدنى كلفة من إطلاق أقمار جديدة، ومساهما في تخفيف وتيرة الاكتظاظ المتزايدة في المدار.
ويقول آل تادروس، المسؤول في شركة "أس أس أل": "ننفق مئات الملايين من الدولارات في كلّ عمليّة إطلاق، لكن صاروخ شركتنا آر أس جي أس، المقرّر إطلاقه في العام 2021، يمكنه أن يشحن 20 قمراً أو 30 بالوقود، وأن يصلح المعطّلة منها".
وسيكون بإمكان هذا الصاروخ أن يمسك بكلّ قمر، ويفحصه، ويملأه بالوقود، وأن يصلح أي عطل فيه، ويغيّر القطع الواجب تغييرها، ثم يعيده إلى مداره الصحيح.
ويؤكد "آل تادروس" أن ذلك سينطوي على وفر اقتصادي كبير.
وتملك مجموعة الاتصالات "إنتلسات" 50 قمرا صناعيا، وهي اختارت العمل مع شركة "سبايس لوجيستيكس" التي صمّمت "نظاماً بسيطاً جداً" أشبه بآلة تصليح، وفقا لنائب رئيسها، كين لي.
وستطلق "سبايس لوجيستكيس" مسبارها في العام 2019، لإصلاح أعطال الأقمار وإعادتها إلى مدارها الصحيح وتوجيهها إلى الأرض.
بقايا مزدحمة حول الأرض
من شأن هذه البرامج أن تساعد على حل معضلة تراكم البقايا في مدار الأرض، فمن بين 23 ألف قطعة أحصاها الجيش الأمريكي في مدار الأرض، 1900 فقط منها هي أقمار عاملة.
أما الباقي فهو 3 آلاف قمر خارج الخدمة، و2000 قطعة من صواريخ قديمة، وآلاف الشظايا الناجمة من حادثين: تفجير متعمّد لقمر صيني بصاروخ عام 2007، وارتطام وقع في العام 2009 بين قمر تابع لمجموعة "إيريديوم" مع قمر روسي قديم.
ولا يملك الخبراء حتى الآن حلا لهذه المشكلة، لكن بعض الشركات تنوي كنس الأقمار "الميتة" من المدار المنخفض للأرض.
ومن الإجراءات الرامية لتقليل الاكتظاظ في المدار، قرار اتخذته فرنسا في عام 2008، يُلزم الشركات الفرنسية بالتخلص من أقمارها المنتهية الصلاحية بتوجيهها إلى الأرض لتحترق وتتفتت في غلافها الجوي، في أقل من 25 سنة، بحسب ما يشرح المسؤول في وكالة الفضاء الفرنسية لوران فرانكيو.
أما الأقمار الموضوعة على مدار مرتفع، فتُحوّل إلى مدار خاص يكون أشبه بمقبرة للأقمار أعلى بـ300 كيلومتر.
ويقول المسؤول الفرنسي: "نحاول أن نروّج لهذه الحلول لتعتمدها دول أخرى".
ومن الحلول المقترحة أيضا مشروع أطلقته شركة "أسترو سكايل" اليابانية المؤسسة في العام 2013، يقضي بالتقاط الركام بآلة ممغنطة، ويتوقّع أن يبدأ العمل بهذا المشروع في العام 2020.
وتنوي مجموعة "آيرباص" إطلاق مركبة تسحب الركام إلى مدار منخفض على ارتفاع 200 كيلومتر.
وتسبح هذه القطع حول الأرض بسرعات كبيرة جدا تصل إلى 30 ألف كيلومتر في الساعة، وهي قد تشكّل خطراً على المركبات الفضائية والأقمار الاصطناعية.