الأعداء محزونون والخصوم مرتبكون، والعالم يعيد ترتيب قواه من جديدٍ
أنا مواطن سعودي، وأقول: السعودية أولاً. وهو ما يقوله كل سعودي، قائداً كان أم مواطناً. السعودية أولاً لأنها الوطن والذاكرة، والتاريخ والجغرافيا، والهوية والانتماء، والحاضر والمستقبل.
هذا ما يقوله كل مواطنٍ لوطنه حول العالم، فأميركا أولاً للأميركي كما عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وروسيا أولاً للمواطن الروسي، وتركيا أولاً للمواطن التركي، وإيران أولاً للمواطن الإيراني، وهكذا عند كل مواطني دول العالم.
وما يجب أن يتم استحضاره في هذا السياق هو أن الوطنية تتعزز بالانتصارات، وتتقوى بالإنجازات وتترسخ بالنجاحات، وأن الشعوب تملّ من قيادها كالبهائم لتصبح معادية لأوطانها، وبالذات لو تمّ اختطافها أيديولوجياً بأفكارٍ لا تمتّ لها بِصلة، يسارياً أم قومياً أم إسلاموياً، لتصبح عدوة أوطانها ودولها، وهو ما يفعله قطيع الخيانة والعمالة لإيران أو تركيا أو جماعة الإخوان المسلمين أو غيرها من جماعات الإسلام السياسي أو قطر.
المواطن السعودي بدأ يفرح بوطنه ويزداد ولاءً لدولته بينما المواطن الإيراني بدأ يحتجّ على وطنه وينتفض على نظامه، ومع مراعاة هذا الاتجاه العكسي بين الطرفين صعوداً وهبوطاً يجب أن يكون المستقبل واضحاً وجلياً للمتابع والمراقب من المنطقة أم من خارجها.
تحالف الإنقاذ العربي الذي قادته المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومعهما جمهورية مصر العربية ومملكة البحرين، هو الذي يقود المشهد العربي اليوم لمصالح الدول العربية وشعوبها، وهو المنقذ الحقيقي ضد كل المستعمرين الجدد من إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ومن تركيا في سوريا وغيرها، ومن الإخوان المسلمين في المنطقة والعالم، وهو الذي استطاع بقيادة الأمير محمد بن سلمان مساعدة الولايات المتحدة على العودة لنفسها ولمصالحها مع الرئيس ترامب.
كان الرهان ولم يزل على أن للتاريخ منطقاً يجب أن يسود، وللواقع مصالح يجب أن تحصّل، وللقوى ميزاناً دقيقاً يجب أن يُحقَّق، وهذا كله يأتي بعمق الوعي وقوة المعرفة مع التخطيط الواسع والرؤية الثاقبة.
الأعداء محزونون والخصوم مرتبكون، والعالم يعيد ترتيب قواه من جديدٍ، ليعرف كلٌّ مقامه وإمكاناته، ويتبصر في سياساته وتحالفاته، بقوة السياسة والدبلوماسية والمقاطعة والعقوبات كما بقوة الجيوش والسلاح والعتاد، ويمكن رصد ذلك من خلال متابعة التغيرات في علاقات الدول الأوروبية مع الولايات المتحدة إلى علاقات دول منطقة الشرق الأوسط بعضها مع بعض ومع العالم.
الولايات المتحدة تصنّف «حزب الله» اللبناني منظمة إرهابية، وتسمي رموز الحزب ولا تفرّق بين سياسييه وعسكرييه، فكلهم إرهابيّون مهما حاولوا استغلال القدس شعاراً ومهما سعوا لجعل فلسطين ورقة للتفاوض يهيّجونها متى شاءوا ويزايدون بها متى أرادوا.
السعودية والإمارات والبحرين تسير في ذات المسار والتوجه، وهي أدرى من أين تؤكل الكتف في المنطقة وأدرى بشعابها وأقدر على التأثير فيها، وهي أنقذت البحرين من قبل ومصر من قبل ومن بعد، ولم يفتأ هذا التحالف المنقذ والمظفّر إثبات نفسه رقماً صعباً في كل التوازنات الإقليمية والدولية وعلى المستويات كافة.
لقد أصبحت إيران تتوسل منقذاً أوروبياً يقدم لها الضمانات فلا تجد مجيباً، وقد أصبحت الشركات الأوروبية الكبرى تهرب من إيران بتسارعٍ يتصاعد، وأصبح كل من تعامل مع إيران من بنوكٍ وشركاتٍ كبرى تسعى لإيجاد المخارج الآمنة من أي علاقة تربطها بإيران وأحزابها ومليشياتها وأيديولوجيتها، وأصبح الكل يقف أمام الحقائق الواضحة من رعايتها للإرهاب إلى تجارة المخدرات إلى غسل الأموال إلى جرائمها كافة في المنطقة والعالم.
لقد أصبحت علاقات تركيا بالإخوان المسلمين وبجبهة النصرة وما يتردد عن علاقتها بتنظيم داعش أمام العالم، وصار ما كان يجري في الجنوب التركي في السنوات الماضية مما كان يشبه مضافات الأفغان العرب في باكستان إبان حقبة الثمانينيات، تحت مجهر الرصد البحثي والإعلامي، وأصبح الدور القطري في ذلك كله والدعم الكامل للإرهاب وجماعاته وتنظيماته تحت مجهر التحقيق والتأكيد والترسيخ والوضوح، ومن آخره الحوار الذي بثّته قناة «العربية» الأسبوع الماضي.
فبمَ يشغب الخصوم؟ وبمَ يتشبثون؟ وبمَ يشوّهون هذا التحالف المنقذ؟ الجواب سهلٌ؛ بالقضية الفلسطينية التي لطالما استغلوها واستنزفوها لخدمة أهدافهم ومطامعهم لا لخدمتها ولا لرعايتها، من إيران إلى تركيا ومن قطر إلى جماعة الإخوان المسلمين، ويكفي للمتابع أن يعلم أن لا فرق بين «حزب الله» اللبناني العميل الكامل لإيران وبين حركة حماس عميلة إيران، لا في الأيديولوجيا ولا في التنظيم وطبيعة العمل ولا في الأهداف والغايات، وكما لم يطهِّر شعارُ المقاومة «حزب الله» فلن يطهِّر «حماس» شعارُ فلسطين والقدس والقضية، فالخائن خائنٌ والعميل عميلٌ، والحقائق والمعلومات هي التي تثبت وتفصل ذلك كله.
أنجز حرٌّ ما وعد، وقد أثبت التحالف المنقذ وعوده، في مصر والبحرين كما في اليمن والعراق ولبنان، وهو ما يحرص عليه الرئيس الأميركي ترامب مع ناخبيه، في كل قرارٍ وعد به، وكل سياسة بشّر بها، وقد أصبحت الكرة اليوم في ملعب الأعداء والخصوم وصاروا يفتشون عن المخارج التي تحميهم والقوى الدولية التي تؤويهم.
في السياسة لا أفضل من الصبر حين تحاصر عدوك وتقاطعه وتجبره على الخسائر المستمرة، وتتركه يُبرز أوراقه ويستخدمها ويحرقها، وتدعه يتخبط لا يدري أي طريقٍ يسلك، وأي جهة يتجه إليها، وأنت تجعله يكسر قوته وإرادته ويضعف جهده وتنتهي من شره.
ليس بين يديَّ إحصاء معتمدٌ أو أرقامٌ معتمدة، ولكن من السهل جداً معرفة أن التحالف العربي المنقذ يتجه إلى الصعود سياسياً وتنموياً وثقافياً وعسكرياً، على العكس تماماً من الخصوم والأعداء الذين تشير كل إحصاءاتهم وأرقامهم إلى الخسران المبين، وهو أحد أهم المؤشرات لقراءة المستقبل واستشرافه.
المواطن السعودي بدأ يفرح بوطنه ويزداد ولاءً لدولته بينما المواطن الإيراني بدأ يحتجّ على وطنه وينتفض على نظامه، ومع مراعاة هذا الاتجاه العكسي بين الطرفين صعوداً وهبوطاً يجب أن يكون المستقبل واضحاً وجلياً للمتابع والمراقب من المنطقة أم من خارجها، من دول ومنظمات ووسائل إعلامٍ ومراكز بحوثٍ، إن لم يكن احترافاً في العمل فلمجرد اجتناب الفضائح حين ينتهي الصراع ويتبيّن الرابح والخاسر.
هذا التحالف المنقذ من السعودية للإمارات للبحرين بالتحالف مع أميركا بدأ في فرض عقوباتٍ مشددة ضد رموز «حزب الله» وقياداته بوصفه منظمة إرهابية بالكامل، وهو ما سيطال غيره من الحركات والتنظيمات والمليشيات، وأميركا بدأت في بناء تحالفٍ دولي ضد إيران ضمن استراتيجية ترامب ضد النظام الإيراني، وانتخابات العراق بدأت تتجه بوصلتها إلى نفض اليد من عملاء إيران والاتجاه إلى التيارات والرموز الوطنية، والحبل على الجرّار.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة